القائمة

أخبار

دياسبو #165 : محجوب باياسين.. التكنولوجيا في خدمة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي

رغم الصعوبات التي واجهها خلال فترة شبابه، استطاع المغربي محجوب باياسين، أن يكون مصدر أمل لمجموعة من شباب المستقبل، من خلال إنشاء مؤسسة تعليمية في باريس، والتي سيرى فرعها في المغرب النور قريبا.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

كانت المدرسة تحتل مكانة مركزية خلال مرحلة طفولة محجوب باياسين، الذي ينحدر من عائلة صحراوية، من قبيلة آيت ياسين، الواقعة في كلميم-واد نون، قبل أن يستقر في أكادير.

كان والده الذي كان يعمل جمالا (يقود الجمال) قد افتتح مجزرة، داع صيتها، وأصبح يرتادها زبائن من جميع أنحاء العالم، مما مكنه من تحسين الوضع المالي لأسرته، وقرر حينها شراء شقة. لكن بعد فترة وجيزة، توفي إثر إصابته بمرض السرطان.

وبين ليلة وضحاها وجد محجوب باياسين وإخوته وأمه أنفسهم مفلسين، وغادروا الشقة وانتقلوا للعيش في المتجر الذي كان يستخدم كمحل جزارة. ويتذكر الفرنسي من أصل مغربي خلال حديثه مع موقع يابلادي تلك اللحظات قائلا "عشنا في ذلك المتجر الصغير في ظروف صعبة، خاصة وأننا لم نكن نتمتع بالخصوصية".

ولكن أمام هذه التحديات، ظلت والدته صامدة ومتمسكة بكرامتها وكبريائها، ونقلت هذه القيم إلى أطفالها، وكافحت من أجل ضمان متابعة دراستهم.

"كانت المدرسة شريان حياتي وذلك بفضل والدتي، التي كافحت من أجل مستقبل أفضل لأطفالها. لم يسبق لها أن دخلت المدرسة قط، لكنها حرصت على أن نتعلم في كل يوم شيئًا جديدًا".

محجوب باياسين

تمكن الطالب المتفوق محجوب باياسين من الحصول على منحة تقدير من الدولة المغربية لمواصلة دراسته العليا في فرنسا. وحتى على بعد آلاف الأميال من المغرب، لم يستطع ترك والدته تعيش مرارة الحياة لوحدها. ويتذكر بابتسامة "كان لدي 500 درهم وكنت أرسل لأسرتي 100 وأكتفي بالباقي".

بعد حصوله على إجازته في الفيزياء، أنشأ محجوب باياسين شركة متخصصة في المعلوميات في باريس. وبدأ يعطي دروسًا مسائية في "سين سان دينيس".

وأمام الطلاب المهتمين بالتدريب التقني، كان عليه أن يجد مناهج تربوية مبتكرة لإثارة اهتمامهم بدورات الرياضيات والفيزياء. وقال محجوب الذي نجح في إدماج طلابه من خلال تبني نهج تشاركي أكثر في التعلم "لقد فهمت أيضًا شعورهم بالظلم، نظرا لتواجدهم في ثانوية مهنية، فقط لأنهم لم يولدوا بملعقة ذهبية في الفم، رغم أن بعضهم كان من الممكن أن يتابعوا مسارهم الدراسي في التعليم العام".

ويتذكر قائلاً "في أحد الأيام، تشرفت بزيارة من المدير، واندهش من الطريقة التي أدرس بها" مشيرًا إلى أن المسؤول لم يفضل أسلوب التدريس الذي يختلف عن المعايير الأكاديمية. ومع ذلك، فقد أتت ثمارها وتقدم طلاب محجوب.

وبعد حصوله على شهادة أخرى في الدراسات المعمقة في علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي، قرر إنشاء شركة جديدة بالشراكة مع شركة توزيع المياه بفرنسا التي كانت تسمى سابقا " Générale des eaux". وربطته العديد من مشاريع في مجال تكنولوجيا المعلومات مع الشركات التابعة للمجموعة ولكن أيضًا في المغرب. في التسعينيات، قام بتطوير أول خدمة "مينيتل" للمملكة.

في عام 2017، واجه محجوب باياسين اختبارًا جديدًا في حياته. حيث تم إدخاله على وجه السرعة إلى المصحة، بعدما تدهورت حالة شرايينه. وتم إخضاعه لجراحة المجازة التاجية، وكانت ناجحة، وهو ما وصفه وقتها الطبيب، بالمعجزة.

 وخلال فترة النقاهة الطويلة، أراد محجوب باياسين إعطاء معنى جديد لحياته. ويتذكر أن "أفضل سنوات حياته" كانت عندما نقل المعرفة إلى الشباب وقام بتدريس الطلاب الذين يعانون من صعوبات في التعلم. وعلى سريره الطبي، جاءت فكرة إنشائه لمدرسة Digital France والتي تهدف إلى "دعم احتياجات المهارات التقنية لشركات التكنولوجيا الجديدة".

لكن مشروعه في البداية، لم يحظ بقبول مجموعة من الفاعلين المسؤولين في التوظيف في فرنسا وقال "أخبرتني مؤسسة قطب الشغل أنها لا تؤمن بهذا المشروع التدريبي". رغم كل الصعاب، استعان محجوب باياسين بوسائله الخاصة من أجل إعداد تدريب مجاني، معترف به اليوم من قبل الدولة الفرنسية. في هذا الشهر من أكتوبر، فازت المؤسسة بجائزة الالتزام المجتمعي من أجل الإدماج في التوظيف.

"من أكثر الأشياء التي أفخر بها في هذا المشروع أننا تمكنا من تدريب شاب دون سن 18 عامًا في العام الماضي. ورفض جميع عروض التوظيف التي قدمت له بعد هذا التدريب لأنه قرر الحصول على درجة الماستر في الجامعة"

محجوب باياسين

وفي ظل هذا النجاح الذي حققته هذه المدرسة، يخطط محجوب باياسين لإعداد تدريب جديد خاص بمستويات أخرى، وإنشاء النسخة المغربية من مدرسته في كلميم، بدعم من مؤسسة "علي بوعيدة" وبلدية سيرجي.

كما يخطط إلى فتح أبواب مؤسسته التعليمية، في كل من الداخلة والعيون وورزازات، حيث يأمل محجوب باياسين في توظيف الشباب الذين تركوا المدرسة في وقت مبكر جدًا.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال