القائمة

أخبار

فكيك: ملاك ضيعات النخيل بالعرجة ضحية للخلافات المغربية الجزائرية

أمر الجيش الجزائري عدد من ورثة واحات النخيل بالعرجة التابعة لإقليم فكيك بمغادرة أراضيهم، في غياب أي تدخل رسمي مغربي لحد الآن.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

في غياب أي تدخل مغربي، حددت الجزائر تاريخ الخميس 18 مارس كموعد للإنذار النهائي، لورثة ضيعات النخيل بمنطقة فيكيك، من أجل إخلائها لأنها "تقع تحت السيادة الجزائرية"، وإلا فإن مصيرهم سيكون السجن، وفي الوقت الحالي لم تتخذ السلطات المغربية أية خطوات لحماية حق الملكية الخاصة للأشخاص المعنيين. 

وقال أحد الفلاحين في تصريح لموقع يابلادي، إنهم يواجهون تهجيرا قسريا من أراضيهم، وتابع أن سكان المنطقة "يشكون في وجود اتفاق مسبق بين المغرب والجزائر"، وأضاف أن "السلطات المغربية ستكون أول من يمنعنا من العبور إلى العرجة اعتبارا من 18 مارس".

وأكد عمر عنان ، وهو من مواليد المنطقة لموقع يابلادي أنه "في الجانب المغربي، لا يزال الجيش حاضرا بقوة فكيك". واضاف "لكننا نعلم ان جنودنا يفضلون دائما ضبط النفس وعدم استخدام العنف، وعدم الانسياق للاستفزازات التي قد تؤدي الى التصعيد رغم ان لديهم الوسائل الكافية للتدخل بشكل فعال". 

الخلافات التاريخية والسياسية 

تقع العرجة شمال فكيك، وهي واحدة من الأراضي التي لطالما أراد الجيش الجزائري ضمها، وغالبًا ما كانت هدفًا لتوغلاته، خاصة أثناء حرب الرمال (أكتوبر 1963) ثم في السبعينيات. وأوضح عنان أن هذا الإشكال بقي مطروحا بعد ذلك وخاصة "بعد إغلاق الحدود البرية في التسعينات".

ويرى المتحدث ذاته أن المشكلة تكمن في المقام الأول في طبيعة خط الحدود الذي وضع منذ الاحتلال الفرنسي والذي "يقسم الممتلكات التي تعود، في الأساس، إلى القبائل التي تربطها روابط دم، لكنها وجدت نفسها بين عشية وضحاها مقسمة بين الجزائر والمغرب". ومع كل توتر في العلاقات بين البلدين كالذي وقع بعد المسيرة الخضراء سنة 1975، أو إثر تفجيرات فندق أطلس أسني سنة 1994 بمراكش، يصبح استغلال هذه الأراضي أكثر صعوبة. ونتيجة لذلك، اضطرت بعض العائلات، إلى التخلي عن ممتلكاتها بصيغ مختلفة.

"لم يتم الاستيلاء على هذه الأراضي من قبل الجزائر لإعادة استثمارها اقتصاديًا أو لتثمين الضيعات. لقد ظلت على هذا الحال مهجورة لفترة من الزمن، قبل أن يحتلها الجيش، لكن دون أن يكون بها أي نشاط بشري معين".

عمر عنان

وقد اختار ملاك خاصون آخرون "تفويض إدارة أراضيهم التي انتهى بها الأمر في الجانب الجزائري لأفراد عائلاتهم المقيمين هناك". وفي هذه الحالة "كان من الضروري السفر ما يقرب من 3000 كيلومتر في المجموع ، بين النقل البري والطائرة للوصول إلى الجانب الآخر، رغم أن المسافة الفاصلة هي أقل من ستة كيلومترات، غير أن الحدود مغلقة".

ويوضح  عبد الرحيم الحرداجي أستاذ الجغرافيا بجامعة محمد الأول بوجدة، في مقال له أن السلطات الجزائرية كانت "تسمح من حين لآخر لأهل فكيك باستغلال ممتلكاتهم خلف تلك الحدود الموروثة عن الفترة الاستعمارية خلال الستينات وإلى أواسط السبعينيات من القرن العشرين (...) مع تفاقم أزمة الساقية الحمراء ووادي الذهب إثر تبني الجزائر لموقف معاد للوحدة الترابية المغربية أدى إلى تعقيدات جيوسياسية خطيرة". 

ونتيجة لذلك يضيف "فقدت العديد من العائلات موارد عيشها وتقلصت مداخيل الأسر مما أدى إلى ارتفاع وتيرة الهجرة، خاصة مع غياب أي تعويض أو بديل عن الممتلكات الضائعة وتقلص الأمل في استعادتها أو إمكانية استغلالها من جديد".

توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة

ويرى الصديق الكبوري عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة أنه "بعد حصول البلدين على استقلالهما، لم تحسم مسألة الحدود بشكل نهائي".

وأضاف أنه بعد أحداث مولاي بوعزة والتي قام خلالها جناح الفقيه البصري بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية بإدخال الأسلحة عبر فكيك، "بدأت الجزائر تدخل في التراب المغربي، وضمت العديد من الأراضي الذي يستغلها فلاحون من المنطقة منذ عقود طويلة. ما حصل مؤخرا هو أن بعض الفلاحين المغاربة ذهبوا إلى أراضيهم وأخبرهم الجنود الجزائريون بأن عليهم عدم العودة إليها، وأن ما يقع قبل الوادي في ملكية المغرب وما يقع بعده في ملكية الجزائر". 

"هذا المشكل يجب أن يحسم، الفلاحون يستغلون هذه الأراضي منذ عقود، والعلاقات بين الشعبين طيبة جدا، الحدود تفرق عددا من العائلات، هناك أشخاص من نفس العائلة بعضهم يعيش في فكيك والبعض الآخر في بني ونيس تفرقهم 6 كيلومترات، إذا أرادوا زيارة بعضهم البعض في عيد أو أي مناسبة، عليهم أن يذهبوا من فكيك إلى وجدة، ومن وجدة إلى الدار البيضاء، ومنها إلى وهران ثم إلى بشار، يعني 3000 كلم".

الصديق الكبوري 

وتابع "عندما تأسست هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004، كانت بعض المناطق التي شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان قد أسست تنسيقيات المحلية لجبر الضرر الجماعي، وكان من بين مطالبها تدخل الدولة لكي يسترجع المواطنون أراضيهم التي تم الاستيلاء عليها، وهي أراضي شاسعة". 

وفي تقريرها النهائي كانت هيئة الانصاف والمصالحة، قد أدرجت فكيك ومدن أخرى كالناظور والحسيمة وخنيفرة، ضمن 11 منطقة معنية بجبر الضرر الجماعي، واقترحت، تبني ودعم مشاريع برامج للتنمية السوسيو-اقتصادية أو الثقافية لفائدة هذه المناطق.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال