القائمة

أخبار  

دياسبو # 200: حسن المودن على درب الموسيقى من تطوان إلى هلسنكي

منذ أن كان في السادسة من عمره، تميز حسن المودن بموهبته الغنائية الفطرية. في طريقه إلى فنلندا، لم يفقد شغفه ولا طموحه في التألق في المجال الموسيقي.

نشر
حسن المودن
مدة القراءة: 5'

ولد حسن المودن (الملقب بسان مود) في تطوان عام 1972، ولطالما كان والداه يشجعانه على التفوق في دراسته، من أجل ضمان مستقبل أفضل. لكن شغفه الفطري بالغناء استمر في ملاحقته طوال حياته. واشتهر مؤخرا في فنلندا، بعد مشاركته في البرنامج الغنائي The Voice، وفي بطولة العالم للكاريوكي التي فاز بها في عام 2010 والتي مثل فيها بلده الأم، وأيضا بأدائه أغاني فنانين مشهورين، من بينهم بوب مارلي وجون ليجند. ولكن قبل ذلك، انطلقت رحلة حسن في مكان آخر.

فبعد حصوله على البكالوريا، التحق بالمعهد الملكي لتربية المواشي بالقنيطرة، حيث تخصص في فرع تربية الفروسية. وبعد تخرجه، انتقل إلى الرباط حيث عمل في جمعية حماية الحيوانات والطبيعة (سبانا)، وهي منظمة غير حكومية مغربية لحماية البيئة والتنوع البيولوجي. واعتاد أيضا على الانتقال إلى عدة مدن، حيث تقوده فرص العمل، قبل أن يعود إلى تطوان للعمل في عيادة بيطرية لمدة عامين.

فنلندا.. انطلاقة حقيقية

هاجر من مسقط رأسه إلى إسبانيا، واستقر بها لمدة ثماني سنوات. وبصرف النظر عن تداربه وتجاربه المهنية، اشتغل في جميع القطاعات التي كانت توفر له فرص الشغل، من مجال الاتصالات، إلى التسويق، إلى عالم المطاعم، والفروسية والبناء، لكن رغم ذلك لم يشعر أنه في المكان المناسب في مدينة مالقة.

وفي المملكة الأيبيرية، تغيرت حياته العائلية بعد لقاء زوجته الفنلندية، وقررا الاستقرار بهلسنكي، في بيئة مختلفة تمامًا عن تلك التي اعتاد العيش بها. وقال حسن خلال حديثه مع موقع يابلادي "لم يكن لدي أي نية للبقاء مدة طويلة في إسبانيا. اكتشفت أن ثقافاتنا كانت متشابهة بشكل ملحوظ، لكن العقليات كانت مختلفة جدًا خصوصا اتجاه الأجانب".

"الأمور مختلفة في فنلندا، ومن الصعب التعود عليها، إذا لم تفهم أهمية إحداث تغيير كبير في وتيرة حياتك، بالإضافة إلى حاجز اللغة. عليك أن تعمل بجد أيضًا، لتجد مكانًا في عالم الموسيقى الاحترافي. لكني أحب التحدي، وبينما اعتدت على هذه الحياة الجديدة على أساس يومي، وجدت أشياء جعلتني أبقى. لست نادما على اختياري بل على العكس تماما".

حسن المودن

في هذه الدولة الاسكندنافية، اكتشف سان مود الاتصال بالطبيعة ووجد السلام الشخصي والروحي، وقال "أتيت إلى هلسنكي، وهي مدينة كبيرة، ولكن التصميم الحضري المختلف تمامًا عما نعرفه في المدن الكبيرة يسمح لنا بالبقاء على اتصال دائم مع الطبيعة، مما يوفر شعوراً بالسلام الداخلي، ويجبرنا على إعادة التركيز على أنفسنا بطريقة جيدة، من أجل رؤية الأشياء بشكل مختلف"، وبالنسبة له "من المهم جدًا احترام هذا السلام وهذه الطبيعة التي تغسل ديكوراتنا الداخلية وتسمح لنا بإعادة اكتشاف أنفسنا". وواصل "في بداية الحياة هنا، خاصة إذا كنت من خلفية مغايرة، يمكن أن تصاب بالاكتئاب. ولكن عندما تجد هذا الاتصال مع أهم أجزاء الحياة، فإنك تفهم سبب كون فنلندا واحدة من أسعد البلدان في العالم".

ولدى وصوله إلى فنلندا، كان أول ما فعله حسن المودن هو إطلاع الإدارة المضيفة على مهاراته المهنية، وكذلك شغفه بالغناء الذي أثار اهتمامًا خاصًا. لذلك تم نقله إلى مركز ثقافي في هلسنكي، حيث غنى على المسرح لأول مرة في حياته، وقال "غنيت مع أصدقائي في المغرب في مناسبات عائلية، لكنني لم أقابل قط جمهورا كبيرا".

بعد ذلك تم استدعائه للمشاركة في بطولة العالم للكاريوكي، حيث مثل فنلندا. في موسكو، حيث أقيم الحدث، تنافس سان مود إلى جانب مرشحين من 24 دولة أخرى وفاز باللقب.

حلم يتحقق

بعد ذلك بدأ، سان مود يحل ضيفًا على البرامج التلفزيونية في فنلندا، ويغني مع فرقته. وقبل ثلاث سنوات، تركت مشاركته في The Voice Finland انطباعًا جيدا أيضًا، وسجل الفيديو الذي يظهر فيه في البرنامج ثلاثة ملايين مشاهدة.

هذا المقطع كان بمثابة نقطة انطلاق جديدة للإنتاج الذاتي وهو يفكر في الفرص الموسيقية في المغرب، وقال "لم يسبق لي أن غنيت بالعربية من قبل، لكنني أردت أن أطلق أغنية لأعرف الجماهير في بلدي الأم بي". لكن سرعان ما انتهى هذا التحدي رغم تصوير فيديو موسيقي لأول أغنية بعنوان "لا تنساني".

ومع ذلك، ظل حسن المودن يتابعه أصدقاؤه في المغرب، الذين حصل منهم على التشجيع. ومع مرور السنين تقبلت عائلته اختياره. وتذكر مشهدا من طفولته، ففي سن السادسة، كان معلمته هي من اكتشفت موهبته الفنية، وقال "عندما كنا في السنة الأولى من المدرسة الابتدائية، أتذكر يومًا كنا نتدرب فيه على أغنية في الفصل. طلبت مني المعلمة أن أغني بمفردي. قادتني مندهشة إلى غرفة الموظفين وطلبت مني أن أغني لهم مرة أخرى. وطلبت أن تأتي والدتي الراحلة على الفور لحضور العرض. إلا أن والدتي لم تقابل الأمر بالترحاب وطلبت منهم السماح لي بالتركيز على دراستي ".

وبعد أكثر من 30 سنة، حقق حسن المودن حلمه أخيرًا، وقال "أصدقائي الذين عرفوني منذ فترة قالوا لي، حسنًا، الآن نراك في المكان المناسب، على خشبة المسرح، خلف الميكروفون". في هلسنكي، نقل الفنان هذا الشغف لطفليه، وأوضح "أنا سعيد لأن لديهم الموهبة الإلهية للغناء. أنا لا أفرض عليهم مهنة محددة، لكن إذا أرادوا شق طريقهم في عالم الفن، سأشجعهم وسأكون إلى جانبهم ".

وأوضح الفنان المغربي أنه "تعلم الكثير من المسابقات الموسيقية"، ولا يستبعد التعاون على المستوى الدولي أو على مستوى المغرب، لا سيما "إذا كان ذلك يسمح بلقاء فني مع ريدوان، وهو أيضًا مغربي من تطوان وفنان مشهور في الدول الاسكندنافية"، وأنهى حديثه قائلا "أريد الآن أن أكرس وقتي لتأليف وكتابة أغاني الخاصة".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال