القائمة

أخبار

دياسبو #209: زكرياء الناجي العمراني.. طبيب مغربي وصل إلى أعلى قمة جبلية في إفريقيا

في عامه الثالث من الدراسات المتخصصة في أمراض القلب بجامعة الشيخ أنتا ديوب في داكار، حقق الدكتور زكرياء الناجي العمراني إنجازًا بالوصول إلى جبل كليمنجارو (تنزانيا)، حيث رفع علمي المغرب والسنغال، في أعلى قمة إفريقية.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

في غشت الماضي، استبدل زكرياء الناجي العمراني، البالغ من العمر 29 عامًا، بدلة الطبيب في داكار بحقيبة التخييم الخاصة به، وتوجه نحو تنزانيا للصعود إلى قمة كليمنجارو، وهي أعلى جبال إفريقيا بارتفاع 5,895 متر فوق سطح البحر، ليحقق حلمه الذي بدأ في 2019. وبعد شهر من بدء هذه المغامرة، عاد إلى داكار، حيث استقبل كبطل بعدما رفع علمي المغرب والسنغال فوق أعلى قمة في إفريقيا".

بدأ حب هذا الطبيب المتخصص في أمراض القلب، للمشي لمسافات طويلة، والطبيعة وخاصة الجبال، وسط بيت عائلته. كما أنه منذ فترة طفولته التي قضاها في الإمارات العربية المتحدة، وعمان ثم المغرب، وهو منجذب لعلوم الحياة والأرض. وقال خلال حديثه مع موقع يابلادي "كان والداي يدرسان العلوم الطبيعية، والدي كان متخصصا في علم النبات ووالدتي في الجيولوجيا. وفي مرحلة الإعدادي، أتذكر أنني كنت دائمًا مفتونًا بفكرة الصفائح التكتونية (نظرية علمية تصف الحركات الكبرى لغلاف الأرض الصخري)، وتشكيل الجبال ... ونمت هذه الأفكار في مخيلتي". وفي المدرسة الثانوية، بدأ اهتمامه يكبر أكثر، بالجبال. وقال "أخبرني والدي أنه هو أيضا من محبي تسلق الجبال، حيث تسلق أول جبل له عندما كان يبلغ من العمر 11 عامًا، يتواجد في قريته في منطقة تاونات، ارتفاعه أكثر من 1500 متر فوق مستوى سطح البحر. أصبح الجبل بالنسبة لي مكانًا استثنائيًا، وفضاء للهروب"

"والدتي مولوعة بالسلاسل الجبلية والبركانية في جميع أنحاء العالم، وخاصة جبال الأنديز، والتي لطالما حدثتني عنها. كانت تحلم أن نصل معا إلى كليمنجارو، لكن صحتها الجسدية منعتها من القيام بذلك، لكنني فخور بأنني قمت بهذه المغامرة من أجلها، وحققت هذا الإنجاز الذي أهديه لها "

زكرياء الناجي العمراني

امتحان للذات

بات تسلق الجبال شكلاً من أشكال البحث الروحي، بالنسبة لزكرياء حيث يقول "عندما لا أكون في مزاج جيد، أفكر دائمًا في الجبال. مع تقدمنا في السن، نواجه صعوبات في الحياة والجبل هو مدرسة: يعلمنا الصبر، والقدرة على تخطي الأزمات، لمواجهة تحديات أكبر، والسيطرة على أصعب المواقف مع الحفاظ على هدوئنا، كل هذا بتقوية اتصالنا مع الطبيعة".

وقبل الشروع في تسلق جبل كليمنجارو، سبق للدكتور الناجي العمراني أن تسلق حوالي خمسة عشر قمة في المغرب. ما كان يسمح له في كل مرة، بتجديد معنوياته وتخطي أزماته وقال "عندما نكون في عز المشاكل، ونتألم، ونصل إلى قمة الجبل، ونرى شروق الشمس، نترك جميع معاناتنا وراءنا، وننطلق في بداية جديدة في حياتنا"

وقاده هذا الإحساس الروحاني أيضًا إلى القيام بجولة في أوروبا في عام 2018، حيث سافر بمفرده إلى 17 دولة مختلفة. وبالإضافة إلى ذلك، يحاول الطبيب المغربي الحفاظ على توازن حياته، من خلال العمل أيضا على لياقته البدنية والذهنية في نفس الوقت من خلال ممارسة رياضة جيو جيتسو البرازيلية.

بدأت أفكر في الصعود إلى قمة كليمنجارو في عام 2019، لكنني لم أفعل ذلك على الفور لأنني ذهبت إلى السنغال لمواصلة دراستي. علمني المغرب والسنغال التقدير والامتنان. السنغال هي موطني الثاني، البلد الذي سمح لي بالتعرف على الجانب الجيد في شخصيتي".

زكرياء الناجي العمراني

وبعد ثلاث سنوات، قرر زكرياء أن يأخذ زمام المبادرة أي في عام 2021. سبق ذلك تدريب مكثف دام لستة أشهر، من أجل اكتساب القدرة على التحمل وفقدان 25 كيلوغرامًا من وزنه، وتوجه بعدها إلى تنزانيا عازمًا على الوصول إلى أعلى قمة إفريقية بمفرده، وبدون مرشد أو وكالة سفر أو راعٍ لهذه المغامرة.

درس في الحياة يسمى كليمنجارو

يستغرق صعود ونزول كليمنجارو سبعة أيام في المتوسط، لكن الطبيب المغربي حقق إنجازه في ستة أيام. شاهد فيها مناظرا خلابة وقال "على طول الطريق، تتغير المناظر الطبيعية والفصول والمناخات، بما في ذلك مشهد الأنهار الجليدية Furtwängler" المهددة بالانقراض بحلول عام 2025 بسبب الاحتباس الحراري. وأضاف "لقد أتيحت لي الفرصة لرؤيتها قبل أن تختفي حسب توقعات العلماء". ولازال الطبيب المغربي، مفتون بالمناظر التي لا زالت عالقة بذهنه "النجوم، والكوكبة (مجموعة من النجوم التي تكون شكلًا أو صورة) التي يمكنها أن تراها بوضوح من القمة، كل شيء كان واضحا ونظيفا ". بالنسبة لزكرياء، كانت هذه المغامرة بمثابة لقاء إنساني ودرس في الحياة.

"أثناء الصعود، قابلت أشخاصًا يعانون من عدة مشاكل صحية، ومشاكل نفسية، وأيضا مرضى سرطان، بالإضافة لأشخاص مبتوري الساقين، لكن مع ذلك تمكنوا من الصعود إلى القمة، باستخدام أيديهم فقط ... اللقاء معهم يدفعنا إلى مطالعة النفس أكثر".

زكرياء الناجي العمراني

ووصف وصوله إلى القمة في الأول من شتنبر بمثابة "الانتقال بين الليل والنهار، وذروة الأحاسيس اللامحدودة". وقال "في عام 2018 أديت مناسك العمرة، لذأ أشعر أن الوصول إلى قمة هذا الجبل كان بالنسبة لي أيضا شكلاً من أشكال التقرب من الله. خلال هذه الرحلة الطويلة، تعلمت أن الجبال يمكن أن تقدم لنا الدعم عند ارتكابنا بعد الأخطاء، وتمنحنا إمكانية التعويض عن ذلك، وتجعلنا نرى أن هناك يدًا غير مرئية تجعل كل شيء في ترتيب معين".

بعد المجهود الذي تطلبه الصعود والنزول من القمة، اتجه المغامر نحو زنجبار، لأخذ قسط من الراحة قبل العودة إلى داكار. وقام زكرياء بتوثيق رحلته، باستخدام "الدرون" كما يحتفظ بدفتر مذكرات، يوثق فيه مشاعره ومراحل سفره، عن طريق الكتابة. وبعد تحقيقه هذا الحلم، يطمح الطبيب المغربي، إلى الصعود إلى"القمم السبع" لتحقيق حلم والده. ويخطط لأن تكون رحلته المقبلة إلى جبل إلبروس في روسيا وجبل أكونكاغوا في الأرجنتين.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال