القائمة

أخبار

دياسبو #211: نور الدين الوراري.. مغربي فرض اسمه إلى جانب كبار المصورين في الولايات المتحدة الأمريكية

عشقه للتصوير، بدأ في سن مبكرة حين اقتنى وهو في سن 11 آلة تصوير في الدار البيضاء بدرهمين، لينتهي به المطاف إلى جانب مصورين بالولايات المتحدة، كان يرى فيهم القدوة والمثل الأعلى. ويخطط نور الدين الوراري إلى نقل مداركه ومعارفه في الميدان إلى أبناء وطنه في المستقبل.

نشر
نور الدين الوراري
مدة القراءة: 4'

عندما كان نور الدين الوراري، يتجول بكاميرته البلاستيكية وهو يبلغ من العمر 11 عاما، في شوارع الدار البيضاء ويلتقط الصور لأزقتها، لم يكن يتخيل أنه في يوم من الأيام سيصبح من أبرز المصورين في بلاد العم سام.

وفي حديثه لموقع يابلادي، يرجع بنا المصور المغربي الذي يعيش حاليا بسانتا مونيكا، في كاليفورنيا، إلى ستينات القرن الماضي، وهي أولى ذكرياته مع عالم التصوير "آلة التصوير البلاستيكية تلك، اشتريتها من إحدى الأسواق القديمة بدرهمين، تعلمت التأطير بفضلها" وتابع ضاحكا "لكن فقدتها، ذات يوم، حين ذهبت أنا وأصدقائي إلى البحر وتركتها تحت الشمس، وعند خروجنا من الماء، وجدت أنها ذابت بفعل الحرارة المفرطة".

وفي هذه المرحلة أيضا كان المصور الصغير، يستغل عمل خاله في إحدى القاعات السنيمائية التي كانت تتواجد بالدار البيضاء، لمشاهدة الأفلام وهو ما سمح له أيضا بتعلم مجموعة من تقنيات التصوير وقال "كانت والدتي ترسلني لإعطاء خالي وجبات الأكل، وكان يسمح لي بالدخول، غالبا ما كنت أعيد مشاهدة فيلم واحد، عشر مرات في الأسبوع" وبدأت علاقة نور الدين بالتصوير تتقوى يوما بعد يوم لكن بعد نيله شهادة البكالوريا حصل نوع من القطيعة.

في سنة 1976، انتقل ابن درب السلطان إلى فرنسا لمواصلة تعليمه العالي في شعبة الاقتصاد، وذلك بعد حصوله على منحة، وقضى هناك حوالي سنتين، لكن لم يدم الأمر طويلا وقرر مغادرة هذا البلد الذي شعر فيه "بالعنصرية، وهو الأمر الذي أتعبني كثيرا" زيادة على ذلك، يحكي نور الدين، أنه لم يشعر قط بارتياح في هذه الشعبة، لأنه دائما ما كان ينظر إلى نفسه كفنان وبشكل خاص مصور.

من هنا جاءت فكرة انتقاله إلى الولايات المتحدة، وكانت وجهته الأولى هي ميشغن، حيث قضى فيها سنة كاملة بعدها انتقل إلى أوستن بعدما تم قبوله في جامعة تكساس، حيث قرر الدخول إلى عالم التصوير من بابه الاحترافي "قررت أن أقوم بالشيء الذي أعشقه منذ الصغر، ومتابعة دراستي في التصوير، وأثناء تواجدي في ميشغن، اشتغلت في مطعم، كنت أغسل الأواني به" لجمع المال الذي سيخوله للانتقال إلى تكساس.

"ردة فعل عائلتي لما علموا باختياري لهذا المجال، لم تكن مشجعة، كانوا ينظرون إلى كأنني شخص مخيب للآمال، لأنهم كانوا يحتقرون هذا الميدان، هذا الأمر كان يؤلمني كثيرا. لكن رغم ذلك فأنا فخور باختياري لهذا الطريق. في الحقيقة أنا لا أشغر أنني أشتغل، أعتبر أنني حصلت على تقاعدي في اليوم الذي تم قبولي فيه في الجامعة، لأنني أقوم بالشيء الذي أحبه وأقوم به من أعماق قلبي"

نور الدين الوراري

ولضمان تكاليف تعليمه، كان نور الدين يجمع بين الدراسة والعمل لمدة أربع سنوات "كنت أدرس وأشتغل حارس أمن في إحدى المراكز التجارية (مول) لمدة سنتين، وفي السنتين المواليتين من الدراسة عملت في مختبر للتصوير، كنت أقوم بطباعة الصور الفوتوغرافية"

وفي آخر يوم دراسي له بالجامعة، ودون حضوره لمراسيم التخرج، قرر جمع حقيبته والتوجه إلى هوليود للبحث عن العمل وذلك في 1984. وبفضل إصراره وحماسه تمكن من الحصول على عمل كان بمثابة حلم له، حيث اشتغل داخل شركة تعمل مع عمالقة شركات الأفلام الكبرى، مثل يونيفرسال بيكشرز، وارنر برذرز، للإنتاج والتوزيع السينمائي والتلفزيوني والموسيقي، وباراماونت بيكتشرز، حيث عمل نور الدين مصورا في مجموعة من الأفلام.

وبعد مرور عام، انتقل إلى العمل مع شركة أخرى، قضى بها 20 عاما، مكنته من الاشتغال إلى جانب مصورين بارزين مثل هوارد بينغهام، وهوراس بريستول، وجوردون باركس، وجريج جورمان، وويليام كلاكستون، وبيجي سيروتا وغيرهم، وكان هو المغربي الوحيد ضمن المجموعة. ويحكي بفخر "كان إحساسا رائعا أن أقف بجانب هؤلاء العمالقة. كنت من معجبيهم فقط، إلى أن شاءت الأقدار أن تجعلني أشتغل معهم. أشعر بافتخار شديد عندما أقول إنني مغربي، أنا هنا لتمثيل علم بلدي".

كما اشتغل هذا الأب لفتاتين، إلى جانب مشاهير كبار، من بينهم مايكل جاكسون، لتصوير غلاف مجلة "تايم"، كما اشتغل في حفل زفاف براد بيت وجينيفير أنستون، بالإضافة إلى فنانين آخرين.

وفي الوقت الذي ذاع فيه صيت المصور المغربي في بلاد العم سام، لم تكن عائلته تعي المكانة التي وصل إليها. إلا أنه في سنة 2019، أتيحت له الفرصة لكي يقربهم أكثر من العالم الذي شق طريق نجاحه فيه. وقال "نظمت معرضا في متحف عبد الرحمن السلاوي، بالدار البيضاء، وجهت الدعوة لعائلتي فقط لكي أقول لهم بصوت عال ها أنا ذا".

وإلى جانب عمله الميداني، يقوم الفنان المغربي البالغ من العمر 64 عاما، بإلقاء المحاضرات في مجال التصوير منذ سنة 1996، كما بدأ في السنوات الأخيرة، هو ومجموعة أخرى، بإعطاء دروس في التصوير داخل مجموعة من المدارس التي تتواجد في الأحياء الفقيرة، بالمجان، بهدف مد يد المساعدة، للأشخاص الشغوفين بهذا المجال والذين لا يملكون الإمكانيات لتعلمه.

ويخطط المصور نور الدين بالقيام بمحاضرات في الميدان بالمغرب لنقل معرفته وخبرته لأبناء وطنه، إلى جانب مشاريع أخرى.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال