القائمة

أخبار

دياسبو # 238: مريم الخليفي ..مغربية سافرت كمتطوعة لتختار الاستقرار في فيتنام

إصرارها على تحسين ظروف عيش أسرتها وتحقيق حلمها بالسفر خارج المغرب، قادها للانتقال والعيش في الفيتنام، هو بلد فقير، بالنسبة للكثيرين لا يمكن الهجرة إليه والاستقرار به، لكن بالنسبة لمريم الخليفي هو بلد أعطاها الفرصة لتحقيق أحلامها.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

هجرتها من المغرب وركوبها على متن طائرة، كان مجرد حلم ترسمه على ورقة كلما راودها هذا الشعور، إلى أن تحقق في 2019، لكن في اتجاه وجهة لم تخطر على بالها أبدا، بعدما تم قبولها في إحدى الأعمال التطوعية من أجل تدريس اللغة الإنجليزية في الفيتنام، كما تحكي مريم الخليفي في حديث لموقع يابلادي.

انتقالها إلى هذا البلد الآسيوي، لم يكن بالأمر السهل، ولم يكن بدافع تحقيق هذا الحلم فحسب، بل أيضا لمساعدة والديها وتخفيف العبء عليهما، وتحكي مريم البالغة من العمر 25 عاما، والتي تعود أصولها إلى مدينة زاكورة أنها "من عائلة فقيرة وأفتخر بذلك، عانيت كثيرا، لدرجة أنه في بعض الحيان لم يكن باستطاعتي شراء تذكرة لركوب الحافلة، ودائما ما كنت أحلم بأن أشتغل لمساعدة والداي".

وخلال فترة عيشها بمدينة الرباط التي ترعرعت ودرست بها منذ صغرها، كانت تحاول مساعدة أسرتها، فبالموازاة مع دراستها في جامعة محمد الخامس، التي حصلت بها على إجازة في شعبة الاقتصاد في 2017 "كنت أشتغل في وقت فراغي، بنقش الحناء في الأعراس، والمناسبات، وفي إحدى المراكز التجارية " وهي الهواية التي اكتسبتها عندما كانت تبلغ من العمر 10 سنوات.

"في بعض الأحيان، كنت أشتغل أيضا في التنظيف في مجموعة من الأماكن، لم يكن لدي مانع أنني أن أشتغل في مثل هذه الأعمال والدراسة في نفس الوقت، همي الوحيد كان هو مساعدة والداي على إعالة أسرتنا".

وفي ظل بحث مريم عن مساعدة أسرتها، قررت سنة 2018 الانتقال إلى شقة اقتصادية كان قد اشتراها والداها، في منطقة تامسنة، والبدء من الصفر "كانت الشقة فارغة، خالية من الأثاث ومن كل شيء، بدأت البحث عن العمل، في تلك المنطقة التي كانت آنذاك خالية، لا يسكنها الكثير، تضم عائلات قليلة فقط".

وبالفعل وجدت فرصة عمل في روض للأطفال، يقع بالقرب من البيت الذي انتقلت للعيش فيه بمفردها، "اشتغلت في البداية دون مقابل، وبعدها بدأت أتقاضى أجرا زهيدا جدا، لكنني كنت في أمس الحاجة له" ولأنها تعرف تماما كيف تستغل الفرص "اقترحت على آباء التلاميذ، تقديم دروس الدعم لأبنائهم في بيتي، تمكنت من جمع مجموعة تضم 20 تلميذا" وبدأت الأوضاع تتحسن شيئا فشيا وحولت من بيتها "بيتا لتقديم التقويم والدعم للأطفال".

في هذه الفترةأيضا، كانت مريم تبحث عن فرص عمل أخرى، تضمن لها الاستقرار وتسديد دين الشقة الذي اشتراها والداها، ولحسن حظها تم قبولها للعمل في إحدى شركات العقارات كمساعدة مدير، والتي تقع أيضا بالقرب من منزلها ما كان يسمح لها باذخار المال.

"في تلك المرحلة راودني حلمي الذي لطالما حلمت به وبدأت أبحث عن فرص عمل خارج المغرب، وقمت بالتسجيل في إحدى المواقع التي توفر عروضا للقيام بالأعمال التطوعية في الخارج. كانت العروض محدودة، وتم قبولي في الوظيفة الأولى، للعمل في فندق بالتايوان والثانية كأستاذة في الفيتنام، وبدون تردد، اخترت العرض الثاني".

 إقناع أسرتها كان أمرا صعبا جدا، "خصوصا أننا في المغرب ليس من عادتنا الهجرة إلى مثل هاته البلدان ولدينا فكرة سيئة عنها، فأنا أيضا كنت أحلم أن أسافر إلى أوروبا، بدلا من هنا". واختارت مريم، وضع والداها أمام أمر الواقع، وبدأت تخطو خطواتها الأولى قبل سفرها دون أن تستشير معهما "لأنني كنت أعلم جيدا أنهما سيرفضان الفكرة".

وفي خطوة أولى، قامت بتقديم استقالتها، ثم حجزت تذكرة الطيران ذهابا وإيابا، حيث كان من المقرر أن تقوم بعمل تطوعي لمدة ثلاثة أشهر والعودة إلى المغرب، وكانت تذكرة العودة هي السبب وراء نجاحها في إقناع والديها. وقالت "أردت طمأنتهم أنني لن أتأخر وسأعود إليهم، وأنني ذاهبة فقط لاكتساب خبرة جديدة".

وفي دجنبر 2019، بدأت مريم مغامرتها الجديدة، وانتقلت إلى مدينة تاي ننه، التي تقع جنوب شرق الفيتنام، للعمل داخل إحدى المراكز من أجل تعليم لأطفال اللغة الإنجليزية، وهي اللغة التي اكتسبتها في الوقت الذي كانت تستقبل فيه أمريكيين، وسط بيت عائلتها، لتتمكن في وقت وجيز من إتقانها والتحدث بها بطلاقة بالإضافة إلى قراءة الكتب بالإنجليزية.

لكن ولسوء حظها، فبعد وصولها بأشهر قليلة، ضربت العالم جائحة كورونا، ففي الوقت الذي كانت تنتظر فيه تمديد تأشيرتها، بعدما تلقت وعودا من مسؤولي المركز للبحث عن عمل مستقر لها "تلقينا الخبر أن الفيتنام قررت إرسال المتطوعين الأجانب إلى بلدانهم، نزل الخبر علي كالصاعقة. غادر معظم الأجانب، لكنني قررت البقاء، لأنني خسرت كل ما كنت أملكه في المغرب المال الذي أذخره وعملي".

وقررت الانتقال إلى العاصمة الفيتنامية، هانوي. في البداية أقامت في منزل إحدى معارفها، إلى أن عثرت على مركز وافق على استقبالها، مقابل تعليم اللغة الإنجليزية، للأشخاص المتواجدين به.

"لم يمر سوى أسبوع واحد، وقررت الفيتنام فرض الحجر الشامل، وأعطاني المركز مهلة ثلاثة أيام للمغادرة. حتى تذكرة العودة إلى المغرب لم تعد صالحة، ولم أستطع العودة إلى بلدي، وما زاد الأمر سوء هو قرار المغرب بإغلاق الحدود، وبقيت محاصرة هناك"

في تلك الفترة، تواصلت السفارة المغربية مع المغاربة المقيمين بهذا البلد الآسيوي، الذي يضم عددا محدودا من الجالية المغربية، وقالت مريم "قاموا بإيوائنا في إحدى الفنادق الكبيرة في البلاد لمدة 15 يوما، وبعدها قرروا إعطائنا مبلغ يسمح لنا باستئجار شقة، لكني قررت بدل ذلك إيجاد بيت في شقة مع إحدى العائلات وإدخار الباقي، في تلك المرحلة بدأت أطرق الأبواب وأبحث عن فرص العمل، بقيت على هذا الحال لمدة شهر".

تم قبولي في إحدى المراكز لتدريس اللغة رغم الأجر الزهيد وقبلت بالعرض، ومع تحسن الوضع الوبائي في البلاد، والعودة إلى حياة شبه طبيعية، فتحت لمريم الأبواب أمام فرصة أفضل، أنستها كل المعاناة التي مرت بها، وقالت "تم قبولي كمدرسة في إحدى أفضل المراكز في الفيتنام، مقابل أجر جيد جدا" وهي الآن أستاذة للغة الإنجليزية في ها فونغ، وهي ثالث أكبر مدن الفيتنام. وبعدما كانت تقتصر على تدريس الأطفال فقط، أصبحت تدرس تلامذة المستوى الإبتدائي والإعدادي أيضا.

ولازالت مريم تقوم بممارسة هوايتها في نقش الحناء في مجموعة من المناسبات، وتحاول التعريف بالعادات والتقاليد المغربية، وإعداد الوجبات المغربية أيضا. كما أصبحت نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحاول من خلالها تشجيع المغاربة على زيارة الفيتنام، والأهم من ذلك "مدهم بالطاقة الإيجابية، وأن لا شيء مستحيل وذلك من خلال سرد قصتي لهم" وأنهت حديثها بنبرة افتخار قائلة "بعد مجيئي إلى هنا تمكنت من تحقيق مجموعة من الأشياء التي كانت مجرد حلم بالنسبة لي، لا سيما توفير ظروف عيش كريمة لأسرتي ومساعدتهم على تعليم إخوتي ".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال