القائمة

أخبار

المجلس الوطني لحقوق الإنسان: القوات العمومية لم تستعمل الرصاص لصد مقتحمي سياج مليلية وجثت المتوفين لم تدفن بعد

قالت اللجنة الاستطلاعية " لبناء الوقائع" التي تم إحداثها إثر محاولة مهاجرين غير نظاميين اقتحام السياج مليلية يوم 24 يونيو، إن القوات العمومية لم تستعمل الرصاص، وأن الوفيات في صفوف المهاجرين كانت نتيجة الاختناق.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، نهار اليوم الأربعاء بالرباط، خلاصات أولية للجنة الاستطلاع " لبناء الوقائع" التي تم إحداثها على إثر محاولة مهاجرين غير نظاميين اقتحام السياج الحديدي على مستوى إقليم الناظور، صباح الجمعة 24 يونيو 2022 والتي أدت إلى وفاة 23 من المهاجرين، وإصابة 217 بجروح متفاوتة الخطورة بين المهاجرين وعناصر القوات العمومية

وقالت اللجنة إن المهاجرين من جنسية سودانية استأنفوا، منتصف شهر يونيو التوافد على إقليم الناظور عبر القطارات والحافلات، رغم تشديد السلطات المراقبة على محطات القطارات ووسائل النقل العمومية وسدود المراقبة على الطرقات ومداخل المدينة خصوصا من جهة الشرق.

وأوضحت أن المهاجرين غيروا من طريقة تنقلهم للوصول الى إقليم الناظور حيث شرعوا في التنقل ليلا عبر مسالك بعيدة عن مراقبة السلطات كما أصبحوا يتحركون عبر مجموعات صغيرة لا تفوق خمسة أشخاص أو التنقل فرادى للتوجه نحو نقاط محددة في الغابات.

احتجاز القوات العمومية

وفي سردها لتفاصيل ما وقع قالت اللجنة إن السلطات المحلية نظمت، يوم 18 يونيو 2022 عملية تمشيطية بغابة بوقويا أدت إلى صدام بين القوات العمومية والمهاجرين المنحدرين في غالبيتهم من جنسية واحدة واستعمالهم لعنف شديد بعدما تحصنوا أعلى قمة الجبل، وقالت إنه خلال المواجهات أبدى المهاجرون "تنظيما محكما ينم عن معرفة بالتكتيكات الدقيقة المتمثلة في توزيع المهام والأدوار والتمرس في أماكن وعرة للتمكن من محاصرة القوات العمومية من مختلف الجوانب، وكذا التراجع التكتيكي إلى أعلى الجبل لاستدراجها حيث يسهل محاصرتها".

واحتجز المهاجرون 5 عناصر من القوات العمومية كرهائن بالإضافة إلى العديد من وسائل حفظ النظام كالخودات والدروع الواقية اضطرت معه القوات العمومية للتراجع والتفاوض معهم، وأفرجوا على أربعة رهائن بدون شروط مع احتفاظهم بالرهينة الخامسة، الذي تعرض حسب اللجنة لمس خطير لسلامته الجسدية، وأفرج عنه فيما بعد، بعد مفاوضات أدت كذلك إلى استرجاع معدات حفظ النظام المحجوزة.

وفي يوم 23 يونيو 2022، قامت السلطات العمومية بتنظيم عملية تمشيط ثانية "غير أنها ووجهت بعنف أشد، خلف 116 إصابة في صفوف القوات العمومية بينها 7 حالات خطيرة".

يوم الاقتحام

وتشير الخلاصات الأولية للجنة إلى أنه صبيحة يوم الجمعة 24 يونيو 2022 قام حوالي 2000 مهاجر بالانتقال سيرا على الأقدام في مجموعات متفرقة ومنظمة في اتجاه مدينة مليلية، وتفرقوا لمجموعتين قصدت الأولى أحد أبواب السياج في حين اتجهت المجموعة الثانية الى المعبر الحدودي "باريو تشينو" قبل أن يتوجه الجميع صوب المعبر ليتسلقوا أسواره، غير أنهم، وفور ولوجهم إلى باحة المعبر وتوجههم إلى الأبواب الدوارة (Tourniquets) الفاصلة مع مدينة مليلية والمحكمة الإغلاق (ظل مغلقا لمدة تزيد عن ثلاث سنوات) ظلوا عالقين في فضاء ضيق.

وأوضحت اللجنة أنه وبحكم ضيق الفضاء، وإصرار الحشد الكبير من المهاجرين على التسلل الى مليلية، وقع تدافع شديد أدى إلى إصابة عدد كبير منهم بإصابات متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها إلى المستشفى الإقليمي الحسني لتلقي العلاج قبل أن يعلن عن وفاة 23 من المقتحمين.

كما أسفرت الأحداث عن إصابة 140 عنصرا من القوات العمومية و77 من المهاجرين بإصابات متفاوتة الخطورة، ونقلت 5 حالات، كانت إصابتها خطيرة تستدعي تدخلا جراحيا عاجلا، إلى المستشفى الجامعي محمد السادس بمدينة وجدة.

وقالت اللجنة إن حالات الوفاة المسجلة، حسب المعاينة الطبيبة لجثث الضحايا ترجع "إلى الاختناق الميكانيكي وللتدافع والازدحام، والسقوط من أعلى سور السياج وبفعل ضيق الفضاء وتكدس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام ويبقى التشريح الطبي السبيل الوحيد لتحديد أسباب الوفاة لكل حالة على حدة".

تدخل القوات الأمنية والمتابعات القضائية

قالت اللجنة إن القوات العمومية كانت تحمل العصي والغاز المسيل للدموع، ولم تكن تحمل أسلحة نارية ولم يعرف التدخل أي إطلاق للنار من جانب القوات العمومية المغربية. كما تبين لها أن عناصر القوة العمومية كانت في حالة رد لخطر حال نظرا للعدد الكبير للمهاجمين المسلحين بالعصي والحجارة حيث تم إحصاء حوالي 600 عصى من مخلفات عملية الاقتحام.

وبخصوص بعض الفيديوهات المتداولة والتي تبين استعمال العنف في حق مهاجرين مستلقين على الأرض، أوضحت اللجنة أن السلطات المحلية أكدت أن الأمر يتعلق بحالات معزولة وفردية، "إلا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعتبر أنها سلوكات لا يمكن تبريرها".

ويتابع على خلفية الأحداث 65 مهاجرا، أحيل 29 منهم على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالناظور بتهم تتعلق بجنايات، فيما أحيل 36 معتقل على المحكمة الابتدائية بتهم تتعلق بجنح.

لم يتم دفن أي مهاجر

وبخصوص تحديد هوية المعتقلين والمتوفين وإجراء التشريح الطبي وتحليل الحمض النووي، قالت اللجنة إن الوكيل العام أوضح أن المعتقلين صرحوا بجنسيتهم، ذلك أن أربعة متهمين من بين الخمسة والستين معتقلا يحملون الجنسية التشادية فيما يحمل الباقي الجنسية السودانية.

وبخصوص ما راج عن حفر قبور لدفن المتوفين، قالت اللجنة إنها زارت مقبرة سيدي سالم، و"عاين أعضاء الفريق مجموعة من العمال يقومون بحفر قبور، واستفسرتهم اللجنة حول عملية الحفر فأكدوا لها أنها أشغال اعتيادية يومية لتهيئة قبور جديدة".

وأكدت اللجنة الاستطلاعية انه لم يتم دفن أي مهاجر توفي خلال اقتحام السياج، وأن الوفيات لازالت بمستودع الأموات.

وبخصوص وضعية المهاجرين غير المصابين، و"حسب المعطيات المتوصل بها والمتقاطعة فيما بينها، فقد تمكنت مجموعات من المهاجرين من العودة الى الجبال المجاورة لمدينة مليلية فيما عملت السلطات على نقل باقي المهاجرين إلى مدن أخرى بالمملكة عبر رحلات تؤمنها حافلات".

مقترحات المجلس

شدد المجلس على أهمية تعميق البحث القضائي ليشمل كل جوانب المواجهات التي وقعت يوم 24 يونيو 2022 وتناسب استعمال العنف وتقديم نتائج الابحاث للرأي العام وتحديد المسؤوليات.

كما دعا إلى تعزيز هيكلة تدبير حفظ النظام العام بمنطقة السياج وضمان سلامة الأشخاص، وسجل أن مقاربة الاتحاد الأوروبي على الخصوص في مجال الهجرة التي تنحصر في إغلاق حدودها والتشجيع على تدبير تدفقات المهاجرين من طرف دول الجوار لن تؤدي سوى إلى الفواجع والمآسي.

وأوصى المجلس السلطات المغربية بإطلاق مشاورات جديدة مع الاتحاد الأوروبي من أجل شراكة حقيقية ومتكافئة، فيما يتصل بالمسؤولية والتدبير المشتركين للهجرة لتفعيل مقتضيات الميثاق العالمي حول هجرة آمنة ومنظمة ونظامية.

وشدد على التقيد بمبدأي الضرورة والتناسب، كيفما كانت الملابسات لحماية السلامة الجسدية.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال