القائمة

أخبار

الجزائر تتنصل من التزاماتها مع المغرب وتشرع في استغلال منجم غار جبيلات

تنصلت الجزائر من التزاماتها الموقعة مع المغرب بداية السبعينات، بخصوص الاستغلال المشترك لمنجم الحديد غار جبيلات الواقع بتندوف، وقررت قبل أيام الشروع في استغلاله بشكل منفرد.

نشر
منجم غار جبيلات
مدة القراءة: 4'

أعطى وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، نهاية الأسبوع المنصرم، شارة انطلاقة اشغال استغلال منجم الحديد بغار جبيلات الواقع بولاية تندوف. وستهم الأشغال المنطقة الغربية من المنجم، حيث ستجرى بها المرحلة التجريبية للاستغلال. 

وبحسب وسائل إعلام رسمية جزائرية فإن منجم "غار جبيلات-غرب" يمتد على مساحة 5 الاف هكتار، أي ما يمثل ثلث المساحة الاجمالية للمنجم (15 ألف هكتار)، وتقدر الاحتياطيات بهذه المنطقة بـ1 مليار طن من الحديد. 

وقال الوزير، الجزائري إن "هذا المشروع الهيكلي سيمر بعدة مراحل ممتدة من 2022 إلى 2040"، وأشار الى أن "المرحلة الأولى الممتدة من 2022 الى 2025 سيتم خلالها استخراج 2 الى 3 مليون طن من خام الحديد و نقله بريا في انتظار انجاز خط السكة الحديدية الرابط بين بشار و غار جبيلات".

وكان مجلس الوزراء الجزائري المنعقد في 8 ماي الماضي برئاسة عبد المجيد تبون، قد وافق على الانطلاق في المرحلة الأولى من مشروع استغلال هذا المنجم "لما يمثله من مصدر هام لمداخيل البلاد، وكذا أهميته الحيوية، في تحريك وتيرة التنمية محليا ووطنيا".

نقض للعهود

ويبقى هذا المشروع شاهدا على توتر العلاقات بين المغرب والجزائر، ففي 15 يونيو سنة 1972 نص الإعلان المغربي الجزائري لترسيم الحدود، على الاستغلال المشترك للمنجم بين البلدين.

هذا الإعلان نشرته الجريدة الرسمية الجزائرية في 15 يونيو 1973، وصادقت الحكومة المغربية عليه في 22 يونيو 1992.

وجاء في الوثيقة التي اتفق عليها الملك الحسن الثاني والرئيس هواري بومدين أنه نظرا "لكون السمة التي تمتاز بها العلاقات الأخوية القائمة بين الجزائر والمغرب لا يمكن التسليم معها بأن الحدود تشكل حاجزا بين الشعبين الشقيقين إذ هي في الحقيقة مجال لتداخل المشاعر والمصالح".

وتم هذا التعهد بحضور حوالي أربعين ممثلاً عن الدول الإفريقية، الذين جاءوا من أجل المشاركة في قمة منظمة الوحدة الإفريقية المنعقدة في الرباط. وأكد الزعيمان أن "إبرام المعاهدة القاضية بترسيم الحدود الجزائرية المغربية، ومعاهدة التعاون من أجل استثمار غار جبيلات يؤكد عزمنا الوطيد على تثبيت دعائم السلم الدائم الممتد عبر العصور والقرون". 

وقال عبد الهادي بوطالب وزير الخارجية آنذاك إن الحسن الثاني كان لديه اهتمام خاص باستغلال منجم غار جبيلات، وأكد في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط نشر سنة 2001 أنه "بعد عودتي من تونس عهد إليَّ الملك الحسن الثاني بمتابعة الملف مع نظيري الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وقال لي: عجل بهذا الموضوع حتى يدخل موضوع الاتفاق حول منجم غارة جبيلات حيِّز التطبيق". 

وتابع "أخذت ألاحق بوتفليقة هاتفيا لعقد اجتماع بيني وبينه في المغرب أو في الجزائر" لكن كل محاولاته باءت بالفشل. وبقي الأمر على حاله إلى حين انعقاد مجلس وزراء خارجية منظمة الوحدة الأفريقية وقمتها في لوساكا بزامبيا، حيث التقى بوطالب بوزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي بدا مصرا على التراجع عن الاتفاق.

العرجة.. العودة إلى نفس الاتفاق 

وقال بوطالب "في اليوم الثالث (من القمة) ألححت عليه (بوتفليقة) في عقد اجتماع في ما بيننا. وقلت له: هذا أمر جدي وأنا أتيت إلى هنا من أجل المؤتمر وأيضا لنطرح الموضوع بيننا فما الذي يجعلك لا تُلحُّ عليَّ كما أُلـحّ عليك في أن نجتمع. هل هناك شيء ؟. فقال بوتفليقة: لا لا شيء، لنتناول الغداء في غرفتك على انفراد".

وأضاف بوطاب "فاجأني بقوله: كيف تفهمون في المغرب محتوى الاتفاق على شراكتنا في منجم غار جبيلات؟. فقلت: نفهمه كما قيل عنه (بصيغة المجهول) أن ما ينتج من منجم غارة جبيلات تسوِّقونه أنتم عن طريق سكة حديدية عبر المغرب باتجاه ميناء مغربي يقع على المحيط الأطلسي، ويُقْسَم رَيْعه مناصفة بيننا".

ورد بوتفليقة "نفهم أننا اتفقنا أوَّلاً على أن التراب الذي يقع فيه المنجم هو تراب جزائري...، وأيضا على أن نتقاسم مناصفة ما يفضل عن حاجات الجزائر الذاتية وحاجاتها للتصدير والتسويق...، نحن على استعداد لتنفيذه لكننا أحق الناس بمنجمنا وبعد ذلك نتقاسم مناصفة". 

وكان بوتفليقة يلمح إلى أن الحديد المستخرج، سيتوجه لتلبية الاحتياجات الداخلية، وأكد بوطالب أنه عندما أخبر الحسن الثاني بمت دار بينه وبين بوتفليقة "بدا متألما ولا شك أنه تأثر لأن الجزائر اشتطت في طلباتها بإفراغها الاتفاق من محتواه. 

وبعد قرابة خمسة عقود على توقيع اتفاقية ترسيم الحدود، تجاهلت السلطات الجزائرية هذا الاتفاق مع المغرب لاستغلال منجم غار جبيلات، رغم أنها استندت إلى نفس الاتفاقية الموقعة سنة 1972، من أجل تبرير طردها لفلاحين مغاربة قبل أشهر من منطقة العرجة، الواقعة بالقرب من مدينة فكيك.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال