القائمة

أخبار

بعد سنة على قرارها دعم مقترح الحكم الذاتي.. الحكومة الاسبانية تقاوم الضغوط الخارجية والداخلية وتتمسك بموقفها

بعد مرور سنة على قرارها بدعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء، تقاوم الحكومة الاسبانية الضغوط الخارجية والداخلية، وتصر على التمسك بموقفها.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

بعد أول رحلة قام بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب واجتماعه بالملك محمد السادس في نونبر 2018، بدأت العلاقات بين الرباط ومدريد تشهد توترا متصاعدا، زادت حدته بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في دجنبر 2020.

وكانت إسبانيا أول دولة عارضت القرار الأمريكي، حيث قامت وزيرة الخارجية آنذاك أرانشا غونزاليس لايا بالإدلاء بتصريحات علنية ضد القرار، ليتم تعليق الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين، على الرغم من أن الرواية الرسمية، تحجت بالأمن الصحي في مواجهة جائحة فيروس كورونا.

وشكل استقبال اسبانيا في أبريل من سنة 2021، زعيم البوليساريو بطريقة سرية وبهوية مزورة للعلاج جراء إصابته بفيروس كورونا، النقطة التي أفاضت الكأس في العلاقات بين البلدين، واستدعى المغرب سفيرته للتشاور.

وطالب المغرب الحكومة الإسبانية بالوضوح في قضية الصحراء، وذكر بموقفه من التعامل مع الحركات الانفصالية في إسبانيا.

وفي شهر ماي من سنة 2021، اقتحم آلاف المغاربة مدينة سبتة، تحت أعين السلطات الأمنية التي لم تتدخل لمنعهم.

عودة المياه إلى مجاريها

وبقيت العلاقات متوترة، إلى غاية 14 مارس 2022، حين بعث رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، رسالة إلى الملك محمد السادس أكد فيها أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب"، وأضاف أن إسبانيا تعتبر "مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".

كما أشار إلى "الجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف".

وفي شهر أبريل استقبل الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالرباط، بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، "في إطار مرحلة جديدة من الشراكة بين المملكتين المغربية والإسبانية"، حسب بلاغ الديوان الملكي.

وبداية شهر فبراير الماضي، عقد الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، بعد سنوات من الانتظار، وتم التوقيع على عدة اتفاقيات تعاون تهم عدة مجالات.

وتحولت إسبانيا بعد 14 مارس 2022، إلى المدافع الأول عن المصالح المغربية في المؤسسات الأوروبية، وفي يناير الماضي صوت أعضاء البلمان الأوروبي عن الحزب الحاكم في إسبانيا ضد قرار يدين "تدهور حرية الصحافة" في المغرب.

وفي العديد من المناسبات أكد مسؤولون إسبان، أن المغرب يعتبر أولوية في السياسة الخارجية الإسبانية، وأن البلدين اتفقا على إقامة علاقات جيدة، تقوم على احترام سيادتهما.

إسبانيا تقاوم ضغوطا خارجية

وقبل دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي، كانت علاقاتها مع الجزائر تمر بأحسن أوقاتها، ففي ماي من سنة 2021، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الاسبانية أرناش غونزاليس لايا "في الواقع، وجهات نظرنا متقاربة لدرجة أن الوزيرة أرانشا يمكنها التحدث ليس فقط باسمي، ولكن باسم الجزائر".

لكن مباشرة بعد إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي، انقطع حبل الود بين البلدين، واستدعت الجزائر سفيرها من مدريد للتشاور، وعلقت معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، واعتبرت أن قرار سانشيز يتنافى مع التزامات إسبانيا القانونية والأخلاقية والسياسية.

ووصلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة القطيعة، وبدأت حرب إعلامية بينهما، وفي أبريل 2022، قال عمار بلاني المبعوث الجزائري الخاص حول الصحراء الغربية والمغرب العربي، إن تصريحات وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، التي وصف فيها تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بـ"العقيمة"، غير مقبولة.

وحاولت الجزائر الضغط بكل السبل الممكنة على إسبانيا لتغيير موقفها، ومنعت التعامل مع الشركات الإسبانية.

وبدأت الجزائر إلى جانب البوليساريو، تروج لأطروحة أن إسبانيا لا تزال "القوة المديرة" للصحراء، وهو ما نفته الحكومة الاسبانية، مؤكدة أن لا علاقة لها بالصحراء منذ الرسالة التي أرسلها الممثل الدائم لإسبانيا لدى الأمم المتحدة في 26 فبراير 1976 إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

وبعدما فشلت الجزائر في الضغط على مدريد، بدأ مسؤولوها يتحدثون عن استحالة عودة العلاقات مع مدريد إلى سابق عهدها، في ظل تواجد حكومة بيدرو سانشيز.

ضغوط داخلية

داخليا، لم يحظ قرار رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بدعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء، بدعم حلفائه اليساريين في الحكومة، كما أن الحزب الشعبي وهو أكبر أحزاب المعارضة أعلن معارضته للقرار.

ووجهت هذه الأحزاب عدة استدعاءات لوزير الخارجية، ورئيس الحكومة، من أجل شرح المرحلة الجديدة في العلاقات مع المغرب، والمقابل الذي تعهد به المغرب مقابل قرار دعم مقترح الحكم الذاتي.

كما استنكر البرلمان الإسباني في أبريل الماضي تغيير موقف إسبانيا من النزاع، واتهموا نواب  سانشيز بالتخلي عن موقف الحياد.

ورغم مرور سنة كاملة على القرار، لا تزال أحزاب من المولاة والمعارضة، تصر على استدعاء رئيس الحكومة ووزير الخارجية، لشرح أسباب اتخاذ قرار الوقوف إلى جانب المغرب في نزاع الصحراء.

لكن ورغم هذه الضغوط، تصر الحكومة الإسبانية على التمسك بدعم مقترح الحكم الذاتي، وتؤكد أن مصالحها مع المغرب أقوى من مصالحها من الجزائر، ووصل الأمر إلى حد دعوتها للشركات العاملة في الجزائر والتي تعاني من صعوبات مالية بعد قرار السلطات وقف التعامل معها، إلى مغادرة البلاد.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال