القائمة

أخبار

تحذيرات مغربية من ابتعاد الثورات العربية عن مسارها الديمقراطي

ناقش مشاركون، في ندوة بالعاصمة الرباط اليوم السبت، مآلات الثورات العربية والأخطار التي تهددها بالفوضى والانقسام والطائفية، وتعيق تحول الفعل الثوري إلى نظام ديمقراطي يعيد للشارع العربي دوره في الحركة الحضارية، بعد سكون عاشته المنطقة على مدى قرون.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

ويقصد بالربيع العربي الثورات الشعبية، التي انطلقت من تونس يوم 17 ديسمبر 2010، وأطاحت بالرئيس التونسي آنذاك، زين العابدين بن علي، ثم امتدت إلى مصر لتطيح برئيسها حينها، حسني مبارك، ثم بالعقيد الليبي، معمر القذافي، والرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، قبل أن تمتد إلى سوريا.

وأجمع الحضور في الندوة، التي نظمها المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، على أن الثورات العربية بدأت كرد فعل عفوي على "حالة الأزمة" و"انسداد الأفق السياسي"، التي عاشت في ظلها دول المنطقة العربية لعقود، وهي اليوم مهددة بالحياد عن مسارها الديمقراطي.

وخلال مداخلة في الندوة، قال وزير الخارجية المغربي الأسبق، سعد الدين العثماني، إن تصاعد حالة الاحتقان الاجتماعي وتغول استبداد الأنظمة السياسية خلال السنوات الأخيرة، أدى إلى اندلاع الثورات في عدد من البلدان العربية، بهدف تغيير الوضع القائم وإنهاء المآسي التي عاشها الشعوب خلال فترات الحكم الاستبدادي.

ومضى العثماني قائلا إن القوى الدولية التي تولي أهمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالنظر لأهميتها الاستراتيجية في الجغرافيا السياسية العالمية، تعمل على مساندة الثورات المضادة لمنع قيام أنظمة حكم ديمقراطية تشاركية، واسترداد هذه الحراك الشعبي وتكييفه على مصالحها وأجندتها الخاصة.

ورأى أن المواطن العربي أضحى فاعلا محوريا في عملية صناعة المستقبل السياسي لبلاده، ولم يعد يقتصر ذلك فقط على النخب السياسية، ولا بد من الحوار والتوافق بين مختلف القوى الفعالة في المنطقة للنأي بمسار التحول الديمقراطي عن كل استقطاب طائفي أو عرقي .

وفي الوقت نفسه، اعتبر العثماني أن مسار الإصلاح الجزئي، الذي اعتمدته بعض الأنظمة السياسية العربي منذ سنوات، كما هو الحال في المغرب، مكنها من عبور هزات الربيع العربي، محافظة على استقرارها وماضية في درب الإصلاحات السياسية والتحول الديمقراطي التدريجي.

فيما قال السفير المغربي السابق بسوريا، محمد الأخصاصي، إن ثورات الربيع العربي كانت الرد الأنسب والعملي على الأطروحة التي روج لها "المحافظون الجدد"، وترى أن العالم العربي "كتلة سياسية جامدة" لا تعرف التغيير السياسي إلا بفعل فاعل خارجي (الدول الغربية).

وتابع في الندوة، أن "حالة المأزومية" التي عاشتها الأنظمة السياسية والأحزاب المعارضة على حد السواء قبيل انطلاق شرارة الربيع العربي، ساهمت بشكل رئيس في انتفاضة الشعوب وثورتها على الأوضاع السائدة.

ورأى الأخصايي أنه لا يمكن الإقرار بنجاح الفعل الثوري في أي من هذه البلدا،ن إلا أذا ساق هذا التغيير السياسي تغيرا آخرا موازيا عبر إيجاد "نظام اجتماعي واقتصادي جديد مبني على الحرية".

واعتبر أن منشأ المنزلقات، التي قد يقع في خضمها الربيع العربي وتعيق مسارات التحول الديمقراطي الذي تنشده شعوبه، هو تصاعد الإرهاب في المنطقة، وما يتستبع ذلك من محاصصات طائفية وانقسامات عقدية وعرقية وإثنية، وغيرها.

ودعا الدبلوماسي المغربي إلى القضاء على منابع الإرهاب ومواجهته بشكل حاسم لإعطاء فرص لنجاح التحول الديمقراطي السلمي، وحمايته من أي محاولة خارجية لنسفه.

فيما قال الفيلسوف المغربي، محمد سبيلا، إن مراوحة الربيع العربي، الذي انطلق مفعما بـ"الأحلام الوردية"، اليوم بين الثورة والتمرد والفوضى، جعل البريق الذي اكتسبه في بداياته يخفت بسرعة، ويتباطأ بشكل لافت في بناء نظمه الديقراطية التي قام ينشدها، بل إن بعض حركات التغيير اتجهت إلى التشرذم وصناعة الفوضى والدمار بدلا من إعمار البلاد وإصلاحها.

وأرجع "سبيلا" جملة هذه الأخطاء والمنزلقات إلى عدم وجود ثقافة سياسية لدى الفاعلين الثوريين والنخب السياسية على حد السواء، ما أدى إلى لف أهداف الثورات العربية بضبابية منعتها من تبيان المخرجات الأساسية التي قامت من أجلها، لتنحدر بهذا الحراك السلمي إلى أتون نزاعات طائفية ومذهبية وأيدلوجية الضيقة.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال