القائمة

أخبار

سنة 2014.. سنة الأزمة بين الرباط وباريس

"الرباط وباريس خلال 2014: سنة الأزمة" عنوان لحصيلة العلاقة بين المغرب وفرنسا اللتين تربطهما علاقة استراتيجية، حيث اتسم هذا العام بتصدع العلاقات المغربية الفرنسية، بسبب عدد من الأحداث التي أزَّمتها.

نشر
DR
مدة القراءة: 7'

وشهد عام 2014 مجموعة من الخلافات بين البلدين وصلت إلى استدعاء، شارل فري، السفير الفرنسي بالمغرب أكثر من مرة، وتعليق وزارة العدل المغربية لجميع اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين، وطلب المغرب توضيحات نتيجة تصريحات منسوبة لسفير فرنسا بواشنطن فرانسوا ديلاتر، قال فيها إن المغرب مثل "عشيقة ننام معها كل ليلة من دون أن نكون مولعين بها، لكن يجب الدفاع عنها".

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى تعرض وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، لتفتيش دقيق من قبل الأمن الفرنسي في مطار باريس، خلال مارس الماضي.

وتمثل هذه التطورات التي عرفها عام 2014 ، تحولا كبيرا في العلاقة بين بلدين تربطهما علاقة استراتيجية.

شرارة الأزمة

اندلاع شرارة سوء الفهم بين المغرب وفرنسا، جاء بسبب المسؤول الأول عن المخابرات المغربية.

وشكل قيام الشرطة الفرنسية، خلال زيارة رسمية لعبد اللطيف الحموشي المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المغربية الداخلية) إلى باريس، بمحاولة استدعائه، شرارة اندلاع الأزمة بين البلدين، وذلك خلال فبراير الماضي.

وحاولت الشرطة الفرنسية استدعاء الحموشي من مقر إقامة السفير المغربي للمثول أمام القضاء، على خلفية شكوى ضده تقدمت بها منظمة تدعى منظمة "عمل المسيحيين" لإلغاء التعذيب، الأمر الذي أثار غضب الرباط.

هذا الاستدعاء الذي طال الرجل الأول بالمخابرات المغربية، أثار حفيظة المملكة المغربية تجاه فرنسا التي تعد شريكا استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا.

واستدعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية خلال فبراير الماضي، شارل فري السفير الفرنسي بالمغرب، لـ"إبلاغه الاحتجاج الشديد للمملكة المغربية على إثر معلومات تهم شكوى (من قبل منظمة تدعى منظمة عمل المسيحيين لإلغاء التعذيب) ضد المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني(المخابرات المغربية) حول تورطه المزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب".

وطالبت الخارجية المغربية "بتقديم توضيحات عاجلة ودقيقة بشأن هذه الخطوة غير المقبولة وبتحديد المسؤوليات".

أيام قليلة بعد ذلك دخلت وزارة العدل والحريات المغربية على الخط، وأعلنت عن "تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا"، على خلفية التوتر الدبلوماسي بين البلدين بسبب شكوى في باريس ضد رئيس جهاز مكافحة التجسس المغربي عبد اللطيف الحموشي.

وقالت وزارة العدل في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، "تقرر تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، وذلك من أجل تقييم جدواها وتحيينها بما يتيح تدارك الإخلالات التي تشوبها".

عشيقة ننام معها كل ليلية

"عشيقة ننام معها كل ليلية من دون أن نكون مولعين بها، لكن يجب الدفاع عنها"، جملة، نسبت إلى دبلوماسي فرنسي اتجاه المغرب، رفعت من حدة الخلاف بين الرباط وباريس، خصوصا أن التصريح منسوب لسفير فرنسا بواشنطن فرانسوا ديلاتر، خلال فبراير شباط الماضي، تناقلته صحف مغربية ودولية تصريحات .

وزادت هذه التصريحات الطينة بلة، وهو ما جعل الرباط تصعد من لهجتها اتجاه فرنسا.

وطالبت الحكومة المغربية فرنسا بالاعتذار عن تصريحات منسوبة لسفيرها بواشنطن فرانسوا ديلاتر، خلال فبراير شباط الماضي ، قال فيها إن المغرب مثل "عشيقة ننام معها كل ليلية من دون أن نكون مولعين بها، لكن يجب الدفاع عنها".

واعتبرت الحكومة المغربية، هذه التصريحات "جارحة ومهينة"، مطالبة نظيرتها الفرنسية بتقديم توضيحات بشأنها.

وانتقت شرارة الاحتجاج إلى الشارع المغربي، حيث شارك المئات من المغاربة، في وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة الفرنسية بالعاصمة المغربية الرباط؛ لمطالبة فرنسا بالاعتذار عن التصريحات المنسوبة لسفيرها في واشنطن.

من جهته، استنكر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق باسم الحكومة المغربية، التصريحات المنسوبة للدبلوماسي الفرنسي، واعتبرها ""مشينة وغير مقبولة على الإطلاق".

مسلسل الأحداث امتد ليطال المسؤول الأول عن الدبلوماسي المغربية، إذ تعرض وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، لتفتيش دقيق من قبل الأمن الفرنسي في مطار شارل ديغول ، خلال مارس.

وربط مراقبون الأزمة بين الرباط وباريس بالمحاولات الكبيرة التي انخرط فيها المغرب عبر الانفتاح على الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية والصين، وهو ما يضر مصالح فرنسا بالمغرب الذي يعد أحد الأبواب المؤدية إلى الانفتاح على أفريقيا.

محاولة احتواء الأزمة

في محاولة من باريس لاحتواء الأزمة أجرى مسؤولون فرنسيون اتصالات مع نظرائهم المغاربة، خصوصا أن الأمر يتعلق بحليف استراتيجي بشمال أفريقيا.

وأجرى وزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، اتصالا هاتفيا مع نظيره المغربي، لمحاولة احتواء هذا التوتر، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من إجراء الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند اتصالا هاتفيا بالعاهل المغربي الملك محمد السادس لبحث الموضوع نفسه.

وقام العاهل المغربي بزيارة خاصة لفرنسا خلال مايو من عام 2014 حيث قضى عطلته الربيعية دامت شهرا .

واعتذرت فرنسا للحكومة المغربية بعد يومين من الحادث الذي تعرض له المسؤول الأول عن الدبلوماسي المغربية، إذ تعرض وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، لتفتيش دقيق من قبل الأمن الفرنسي في مطار باريس، خلال مارس.

وقال رومان نادال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية يوم 27 مارس إن وزير الخارجية "لوران فابيوس اتصل بنظيره المغربي للاعتذار نيابة عن السلطات الفرنسية عن الإزعاج الذي حدث"، مضيفا أنه تم ارتكاب أخطاء في مطار شارل ديغول.

استمرار الأزمة

تفاجأ مراقبون لتطورات الأحداث بين بلدين تربطهما علاقة استراتيجية، إذ تعد فرنسا ثاني شريك تجاري للمغرب، واللغة الفرنسية هي اللغة الثانية المعتمدة بالمغرب، على اعتبار أن البلد كانت تحت الاستعمار الفرنسي، بالإضافة إلى أن السياح الفرنسيين هم أكثر الجنسيات زيارة للمغرب.

وساهم أيضا أحد المغاربة المقيمون بفرنسا باتساع هوة الخلاف بين البلدين، وذلك خلال مايو/أيار عام 2014 ، حيث قام مصطفى أديب، الناشط المغربي المعارض والمقيم بفرنسا، بزيارة للجنرال المغربي عبد العزيز بناني في مستشفى "فال دو غراس" بباريس .

واستدعى المغرب السفير الفرنسي لديه، شارل فري للإعراب عن استيائه لما وصفه "بالاعتداء المعنوي" على الجنرال عبد العزيز بناني في باريس.

التوتر في العلاقة بين البلدين ازداد تأزما، إذ انتقل إلى القطاع السياحي وهو قطاع إستراتيجي بالنسبة للمغرب إذ يعتبر أول مصدر للعملة الصعبة بالمغرب.

ويرجع سبب هذا الخلاف الجديد في القطاع السياحي، إلى صدور بيان للخارجية الفرنسية في 22 سبتمبر الماضي طالبت فيه الفرنسيين المقيمين في نحو 30 دولة أو المضطرين إلى التوجه إليها، بينها المغرب، بتوخي "أقصى درجات الحذر" بعد تهديد تنظيم الدولة الاسلامية باستهداف الرعايا الغربيين ولا سيما الفرنسيين.

واستغرب محمد حصاد وزير الداخلية المغربي من وضع الخارجية الفرنسية المغرب ضمن الدول التي يجب على مواطنيها توخي الحذر فيها، مؤكدا على أن المغرب "أكثر أمانا من العديد من الدول الأوروبية بما في ذلك فرنسا".

وقال محمد حصاد، في حوار مع جريدة "ليكونوميست"، الناطقة باللغة الفرنسية، الصادرة يوم 23 من أكتوبر ، إنه "كان من الأجدى تقييم المخاطر التي تهدد فرنسا قبل الانتقال إلى إعادة النظر في تصنيف المغرب في سلم الأمن الإقليمي".

وطالب حصاد الخارجية الفرنسية بـ"ضرورة العمل على تصحيح موقفها".

وعلى الرغم من اللقاءات الذي تمت بين مسؤولي البلدين ، إلا أن خيط الأحداث طيلة العام الحالي، بينت أن العلاقات الإستراتجية بين البلدين عرفت تصدعا طال الجانب الأمني والسياسي والدبلوماسي والذي من المنتظر أن يلقي بظلاله على مجالات أخرى.

وانتقد صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربية خلال أكتوبر تشرين الأول بالرباط القوة الاستعمارية التي تحن لعهود الاستعمار، في إشارة له إلى فرنسا.

وأبرز مزوار ضرورة التعامل بالند مع قوى استعمارية ما زالت تتعامل بمنطق الوصاية وتعتقد أنه يمكنها التعامل بمنطق إعطاء الأوامر للمملكة .

وقال وزير الخارجية المغربي إن بلاده تلقت ضربات أولى وستتبعها ضربات أخرى، معتبرا أن استدعاء مدير الإدارة العامة للتراب الوطني عبد اللطيف الحموشي من قبل القضاء الفرنسي ما هي إلا ضربات أولية قبل سلسلة من الضربات الأخرى القادمة.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال