القائمة

أخبار

رياضة القفز على حاجز الخوف تجد عشاقا لها في المغرب

الساعة تشير إلى الرابعة إلا قليلا من مساء يوم شتوي، تعاند برودته حرارة حماس تعلن قدومها على بعد أمتار، مجموعة شباب، أعمارهم مابين العاشرة والخامسة وعشرين سنة. يتوجهون إلى مركز الشباب (مؤسسة حكومية مفتوحة في وجه الجمعيات الشبابية) المتواجد بمنطقتهم، مرتدين ملابسهم الرياضية،لممارسة رياضة دفعتهم للتخلي عن دفء بيوتهم  حبا في "الباركور".

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

رياضة حديثة النشأة، ظهرت حركتها الأولى بفرنسا على يد "دافيد بيل" و"سيباستيان فوكان" وكذلك أعضاء الفيلم "ياماكازي" في تسعينيات القرنالماضي ، لتحقق بعد ذلك انتشارا في العالم بأسره خاصة في أوساط الشباب و كان للمغرب نصيب من هذه الموجة.

ياسين حاول نقل تجربته في رياضة "الباركور" إلى شباب جيله، غير أنه لم يلق الحماس الذي كان يتوقعه، ويشرح ذلك قائلا: "أسست العديد من المجموعات، لكن أعضاءها سرعان ما انفضوا من حولي وتركوني وحيدا في نصف الطريق، رغم ذلك مضيت قدما، لأن عزيمتي كانت أقوى".

ويضيف الرباطي "والدي كان معارضا لممارستي هذه الرياضة، لكنني استطعت إتمام المشوار إلى حين أن أسست منذ شهرين جمعية "آد أرتست"، الأولى من نوعها في لعبة "الباركور" بالعاصمة الرباط. "لعبة تجمع بين الجمباز والفنون القتالية، والغرض منها الانتقال من مكان إلى آخر بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة، وذلك باستخدام القدرات البدنية".

خطورة وصعوبة حركاتها صنفتها ضمن قائمة الرياضات المتطرفة، لكن هذه الصفة لم تمنع العديد من الأطفال والمراهقين من الالتحاق بالجمعية، بل زادتتعطشهم إلى التوغل في تقنياتها وحركاتها، بحسب مراسلة الأناضول.

في مدخل المركز، تجد الجميع منهمكين في التمارين، والقفز من منصة إلى أخرى على الحواجز المتناثرة حول الملعب، والتي تضاهي الأسوار والسطوحوالقضبان والأشجار والصخور وغيرها. زيادة عن أصوات المتمرنين الصغار، يصدح "بابا الحاج" بصوت جوهري، ليحفزهم على القفز بقوة علىالحواجز التي يتفاخرون بتجاوزها بسلاسة و فنية عاليتين، حتى ينالوا التشجيع والتنويه من مدربهم "بابا الحاج".

"باباحاج"، (25 سنة)، من القلائل الذين ساندوا ياسين الرباطي في مسار تأسيس الجمعية الباركور الذي ينفق فيه جل أوقاته. يقول الرباطي للأناضول، بصوت خافت وكلمات متقطعة "الباركور نمط عيش، فحياتي تتمحور حول هذه اللعبة، فهي بالنسبة لنا أسلوب عيش وسنظل مخلصين لها".

ويضيف الرباطي، بنفس العزيمة والإصرار المتقدين في عينيه،"الباركور حاضر معي في كل لحظة، لا يغيب عن مخيلتي، في الشارع، البيت، الحافلة،فأنا دائم التفكير في الحواجز وكيف يمكنني تجاوزها، وعند القفز من نقطة إلى أخرى يراودني إحساس البطل".

في أجواء التمارين القاسية التي تتطلب بدنا متراصا ومرونة عالية، تظهر لك من بين أبدانهم التي تغلي من شدة القفز، حركات أنثى استهوتها لعبة المخاطر، رغم قصر قامتها تراها تقفز من حاجر إلى آخر متحدية كل زملائها . هاجر المرابطي طالبة بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية، تعتبر أنها تتحدى النظرة التقليدية للمجتمع حول مدى إمكانية مجاراة المرأة للأنشطة أو الأعمالالتي يقوم بها الرجل.

تقول المرابطي للأنضول "عائلتي ترفض ممارستي للباركور، بسبب نظرة المجتمع ، لكنني لا أبالي و سأستمر، وأنا مقتنعة أن مع الوقت سأكسر هذهالقيود، وستقتنع عائلتي بالباكور". بأدوات بسيطة من خشب، ومطاط، وبعض المسامير..، يصنع أعضاء جمعية الحواجز التي يحتاجونها من أجل التداريب داخل "المرآب" المتواجد بمنزل ياسين الرباطي، تراهم منكبين على مناقشة شكل وحجم الحواجز التي سيتم إنجازها، وكل يدافع عن تصوره بنبرة يملؤها الحماس ، كأنه في تلك اللحظة يتخيل القفزة أو الحركة التي سوف يؤديها عليها.

يشرح رئيس الجمعية للأناضول "الإمكانيات جد ضعيفة ونشتغل بأدواتنا الخاصة، ونقوم بشراء المواد الأولية بفضل مساهمات الأعضاء، لكن رغم كلهذا، إرادتنا أقوى من كل الصعاب، لأن وقودنا هو الشغف".

وما يزيد من حماستهم هو تزايد انخراط فئة الصغار في جمعيتهم ليشبعوا لهفتهم من لعبة المخاطر التي أسرتهم بحركاتها الخارجة عن المألوف والتيتحاكي حركات الأبطال من قبيل سبيدرمان .. مما يدفع العديد من الأسر للتوجه للجمعية بعد إلحاح شديد من أطفالهم، بحسب الرباطي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال