القائمة

أخبار

بدر المقري: يهود وجدة شكلوا في الماضي الأغلبية ولم يعيشوا داخل الملاح

قال الباحث المغربي بدر المقري إن السمة الكبرى للمجال البشري ليهود مدينة وجدة هي المجال الجغرافي الذي يحيل على اليهود في المدينة القديمة لوجدة، إذ لم يكن هناك قط تجمع يهودي مغلق، مع وجود حافز أغلبية يهودية في مدينة وجدة، "حسب المعطيات التاريخية التي توفرت بين أيدينا إلى حدود سنة 1906"، ولم يكن هناك (ملاح) بتاتا؛ ما يعد، بحسب الدارسين، مؤشرا واضحا على رسوخ قيمتي التسامح والتعايش لدى الوجديين.

(مع و م ع)
نشر
DR
مدة القراءة: 4'

وأوضح الأستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أنه إذا استعمل مصطلح الملاح بوجدة مجازا في بعض المصادر الكولونيالية الفرنسية، فالقصد به إلى أغلبية يهودية كانت مقيمة في مجال جغرافي مفتوح في المدينة القديمة لوجدة، في طريق المازوزي وحي أولاد عمران وحي أهل الجامل.

وأضاف الباحث في الذاكرة الوجدية أن المجال الجغرافي المفتوح في المدينة الجديدة لوجدة، الذي زكى عدم انغلاق المكون اليهودي في المجتمع الوجدي وانعزاله، يمكن تحديد معالمه المجالية، بعد سنة 1907، تاريخ احتلال فرنسا لوجدة، في طريق مراكش وطريق فجيج وطريق تاوريرت وطريق القنيطرة وطريق الدار البيضاء وطريق سيدي إبراهيم وطريق قسنطينة وطريق الجزائر ودرب بوعزيز.

وتوقف الباحث المغربي، الذي قضى عقودا في دراسة تاريخ المغرب والجهة الشرقية، عند مجموعة من المعالم الكبرى لقيمتي التعايش والتسامح في مقاربة موضوع تاريخ يهود مدينة وجدة، لافتا، في هذا الصدد، إلى أن تعدد وتنوع أصول يهود مدينة وجدة لم يمنع من تقاطع معابدهم الدينية الثلاثة في خصوصيات المدرسة المغربية اليهودية. وتتمثل هذه المعابد في معبد الهبرة ومعبد أولاد يشو ومعبد أولاد ابن الدرعي.

ومن مؤشرات شيوع قيمتي التسامح والتعايش في المجتمع الوجدي، يضيف المقري، مراعاة أهل وجدة من المسلمين توقير واحترام مقامات يهودية كانت تتمتع بمنزلة خاصة عند يهود وجدة، وهي مقام مخلوف بن دحان اليزناسني، الذي توفي حوالي سنة 1800 ميلادية، ومقام عمران الرواس، الذي توفي حوالي 1820، ومقام حاييم أمويال، الذي توفي حوالي 1875.

وأبرز المتحدث أن ثمة خيوطا للتأثر والتأثير كانت تصل مكونات المجتمع الوجدي من مسلمين ويهود في عادات اللباس والطبخ، موضحا أن مساحات اللباس التي كان يشترك فيها المسلمون واليهود بوجدة تتمثل بالنسبة للذكور في القندريسي التركي والعباية البيضاء من الحرير والجلابة الصوفية البيضاء أو الرمادية والبلغة الصفراء والشاشية الحمراء، وتكمن بالنسبة للإناث في البدعية والبروال والبشماق والمنديل والبنيقة والريطة والزروف والصدرية والصاية والجلطيطة ولبلوزة والشربيل والمنصورية.

وأضاف، في هذا الصدد، أن مساحات الطبخ المشتركة بين اليهود والمسلمين في مدينة وجدة كانت تتمثل في الدفينة والتفايا والخضر المرقدة بالخل وكعب الغزال والمقروط والزلابية والشامية.

وفي السياق ذاته، قال بدر المقري إن يهود مدينة وجدة كانوا مولعين بالموسيقى العربية الأندلسية، مشيرا إلى أنهم كانوا يقصدون بذلك التقاليد الشعرية والموسيقية الغرناطية المتداولة بوجدة، والتي اشتهر من شعرائها أحمد بن التريكي التلمساني الذي أقام بوجدة وتوفي حوالي 1170 هجرية / 1757 ميلادية، ومحمد بن مسايب التلمساني، الذي توفي حوالي 1160 هجرية / 1747 ميلادية، وبومدين بن سهلة التلمساني، الذي توفي حوالي سنة 1212 هجرية / 1797 ميلادية، ومصطفى بن إبراهيم العباسي الذي زار وجدة، وتوفي حوالي 1283 هجرية / 1867 ميلادية.

أما منطوق (الموسيقى اليهودية العربية)، يسترسل الأستاذ الجامعي، فإن مفهومه عند يهود وجدة متعلق بالتقاليد الشعرية والموسيقية التي صاغها اليهود في قالب شعري بالعربية العامية، وفي قالب موسيقي غرناطي.

وأوضح أن من أشهر إنتاجات (الموسيقى اليهودية العربية) المتداولة عند يهود مدينة وجدة، إلى منتصف الستينيات من القرن العشرين، أغاني سامي المغربي (1922-2008).

كما توقف المقري عند اشتراك المسلمين واليهود في حمل أسماء شخصية معينة، وخاصة عند الاناث. ومن نماذج ذلك بوجدة عائشة ورقية ورحمة وميمونة وسلطانة وجوهرة ومسعودة ويامنة والعالية والزهرة وعزيزة.

ولم يفت الباحث في التراث الوجدي أن يشير، في هذا الصدد، إلى مساهمة عائلتي (أمسلم) و(كوهن) في تأسيس فريق المولودية الوجدية، سنة 1946.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال