القائمة

أرشيف

بمناسبة اليوم العالمي للتبرع وزراعة الأعضاء..ما موقف الشريعة الاسلامية من التبرع بالأعضاء؟

يحتفي المغرب اليوم كما هو شأن باقي دول المعمور، باليوم العالمي للتبرع وزراعة الأعضاء الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة، ورغم أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية متعلقة بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، إلا أن العديد من المغاربة لا يزالون مترددين في التبرع بأعضائهم، فما هو حكم الشريعة الإسلامية في ذلك؟

نشر
صورة تعبيرية
مدة القراءة: 4'

لا يزال موضوع التبرع بالأعضاء من المواضيع المحاطة بهالة من الغموض وعدم الوضوح، عند الكثير من المغاربة ما يدفعهم إلى عدم الإقبال على هذا العمل الإنساني، وهو ما جعل المهتمين يدقون ناقوس الخطر بمناسبة اليوم العالمي للتبرع وزراعة الأعضاء، حيث يشيرون إلى تزايد أعداد المرضى الذين يموتون بسبب نقص المتبرعين، خصوصا وأن المغاربة المسجلين في سجلات التبرع منذ أكثر من 18 سنة يبقى دون الألف.

وفي محاولة للوقوف على حكم الشريعة الإسلامية فيما يخص التبرع بالأعضاء اتصلنا في موقع يابلادي بكل من مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة، و أحمد كافي أستاذ التعليم لعالي للدراسات الإسلامية بجامعة الحسن الثاني بن مسيك بالدار البيضاء.

وفي تصريحه للموقع قال مصطفى بنحمزة إن عملية التبرع بالأعضاء "أفتى فيها الفقهاء منذ الخمسينات، وكان من بين الأشخاص الذين أفتوا فيها عبد الله كنون (أمين عام سابق لرابطة علماء المغرب) بعد مؤتمر فقهي عقد في ماليزيا".

وأكد بنحمزة أن جميع الفقهاء يقرون بأن عملية التبرع هي "نوع من دعم ومساعدة الآخر، فبواسطتها يتسبب الإنسان في حياة شخص آخر، إذا كانت حياة هذا الشخص متوقفة على العضو المتبرع به".

وأوضح المتحدث ذاته أنه إذا كان هذا التبرع بعد وفاة المتبرِّع "فلا إشكال في أن هذا جائز، شرط ألا يكون بمقابل، وإنما يكن تبرعا لوجه الله، وكذلك حينما يكون التبرع من أنسان حي، شريطة أن يكون العضو المتبرَّع به هو العضو الثاني الذي لا تتعطل به أو بانتزاعه الحياة".

وأكد بنحمزة أنه ينبغي تشجيع الناس على التبرع بأعضائهم لأن في ذلك "إسعاف للآخر وإنقاذ لحياة الآخر، وهو سلوك إنساني يجب أن يتعوده المسلمون (...)، والمسلمون يجب أن يكونوا كذلك لأن دينهم يعلمهم الإيثار والتضحية والتصدق، فهو نوع من الصدقة التي يحسن أن يتعلمها الإنسان".

ورد بنحمزة على من يرفض التبرع بحجة أن جسم الإنسان أمانة ويجب الحفاظ عليها بالقول "حينما يتبرع الإنسان بعضو فإنما لينقد جسما، فالذي لا يحب الحياة لا يفعل هذا (...) فالإنسان يتبرع لكي يستمر الآخر في الحياة...".

أما أحمد كافي أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية فقد أكد للموقع أن موضوع التبرع بالأعضاء لم يكن من "المواضيع التي تعرض لها الفقهاء قديما، لأن الحاجة لم تكن داعية إلى ذلك، ولم يكن هذا الموضوع أصلا مطروحا، لكن تكلم فيه علماء الشريعة الإسلامية والمجامع الفقهية، والمؤسسات العلمية والبحوث العلمية الشرعية سواء التي أنجزت في الكليات، أو في المؤسسات العلمية التقليدية وغير ذلك، كلهم قد تكلموا في هذا الموضوع من خلال النظر إلى مقاصد الشريعة الإسلامية وقواعدها التي تحكم هذا الأمر".

وأوضح أن خلاصة قولهم كانت أن "البيع والشراء في الأعضاء متفق بشأن تحريمه ومنعه، فلا يجوز أن نجعل أعضاء الجسم البشري مزادا للبيع والشراء، بل ينبغي الاحتياط لكرامة الإنسان".

وأكد أن العلماء تحدثوا عن موضوع التبرع من جهتين "الجهة الأولى وتهم التبرع المرتبط بالأموات، أي أن يموت الانسان ويكون قد أوصى قيد حياته بالتبرع بأعضائه التي يحتاج إليها شخص معين أو مؤسسات طبية تريد تطوير معارفها المرتبطة بالبحث العلمي، أما الجانب الثاني  فهو التبرع من حي لحي آخر كالتبرع بالكلى أو الرئة مما هو معروف".

وأكد أن الراجح من أقوال علماء الشريعة هو الجواز ولكن بشروط: "فبالنسبة للمتوفى الشرط الأول أن يكون هناك تبرع، أي أن يكتب المتبرع ذلك أو أن يقره بأي وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة من غير ضغط ومن غير أن يكون هناك اتفاق مسبق على البيع أو أخد المال في هذه القضية".

وأضاف "أما الأمر الثاني بالنسبة للحي فينبغي أن يتم ذلك بعد رضاه وأن تثبت الخبرة الطبية أن هذا العضو الذي سينقل منه لفائدة شخص آخر أو لأي عملية من العمليات الطبية، ليس فيه ضرر على المتبرِّع وإذا كان فيه ضرر لا يجوز".

ومن بين الشروط أيضا بحسب أحمد كافي: "لا يجوز التبرع بالأعضاء الرئيسية التي يحيى بها الإنسان، فلا يجوز للإنسان أن يتبرع بقلبه...، أو أمثال هذه الأمور التي تقوم عليها الحياة الانسانية...لأنه لا يمكن أن نزيل ضررا عن شخص ما بإحداث ضرر لشخص آخر وهذه قاعدة فقهية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال