القائمة

الرأي

شباط يثير غضب موريتانيا

لا أحد ينكر أن الزعيم علال الفاسي رحمه الله وحزب الاستقلال كان لهم موقف معارض من تأسيس الدولة الموريتانية ، وكان لهم موقف من الحدود الشرقية بين المغرب والجزائر وهي المواقف التي حاول أمين عام هذا الحزب السيد حميد شباط التذكير بها مرارا وتكرارا . فمنذ بضعة أشهر كان للسيد شباط تصريح حول حدود المغرب مع الجزائر أغضب الجزائر وزاد من توتر العلاقة بين البلدين ومنذ أيام كان له تصريح حول مغربية موريتانيا أدى إلى ردود أفعال موريتانية غاضبة و متشنجة .

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

من حيث المبدأ من حق شباط والحزب الذي ينتمي إليه أن يكون لهم رأي وموقف مخالف للرأي والموقف الرسمي للدولة المغربية وأحزاب مغربية أخرى بخصوص موريتانيا أو الحدود الشرقية بين المغرب والجزائر . ففي ألمانيا يوجد من السياسيين من ما زال يطالب باسترجاع الألزاس لورين من فرنسا وفي المكسيك هناك من السياسيين والأحزاب من يعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية تستعمر أجزاء من التراب المكسيكي في كاليفورنيا والنيفادا وغيرها ...وفي روسيا هناك من يدعو إلى الضم النهائي لشبه جزيرة القرم وووو!.

وحيث إن المناسبة شرط كما يقول الفقهاء فإن تصريح أمين عام حزب الاستقلال قد جاء في سياق التوتر الذي يشوب العلاقات المغربية الموريتانية هذه الأيام وهو توتر قد تكون نتائجه وخيمة ليس فقط على المغرب ومورتانيا بل على كل منطقة الساحل والصحراء الكبرى التي تعيش في ظل قلق وترقب كبير من امتداد الحركات الإرهابية ومنظمات الجريمة المنظمة !. السيد شباط بعدما فكر ثم قدر قال ما قاله ظنا منه أنه بتصريحه هذا يخدم القضية الوطنية ومصالح المغرب الترابية من خلال ممارسة الضغط على موريتانيا ليجعلها تعيد التفكير في مواقفها وعلاقاتها الإقليمية و يدفعها للنأي وأخذ المسافة عن الأجندة الجزائرية .

السيد حميد شباط ، أمين عام أقدم حزب في المغرب وواحد من أكبر الأحزاب المغربية وأكثرها تأثيرا على الحياة السياسية المغربية من بعد الإستقلال، لا يجهل وعلى اطلاع كاف بالمجهودات والمساعي التي يقوم به المغرب بقيادة ملك البلاد للعودة إلى المنتظم الإفريقي وتقديم نفسه ( أي المغرب) كبلد محوري وقوة إقليمية قادرة على لعب دور في تطوير ونماء وأمن إفريقيا. ويعلم علم اليقين قلق خصوم المغرب من السياسة الإفريقية الجديدة للمغرب . كما أن حزب الإستقلال لا يجهل التوازنات الجيواستراتيجية بالمنطقة ومصالح قوى كبرى كفرنسا في موريتانيا . من هذا المنطلق أقول أن تصريح السيد شباط كان خاطئا واجتهاده في تقييم المرحلة والموقف قد جانب الصواب و خارج السياق ويسيئ لهذه السياسات .

نعم ، السيد شباط أساء للموقف المغربي من حيث ظن أنه يحسن إليه وما صرح به بقدر أنه لا يخدم الأجندة المغربية في المنطقة وفي إفريقيا وفي المنتظم الدولي بقدر ما يزكي أطروحات خصوم المغرب وادعائهم بأن المغرب بلد توسعي عدواني اتجاه جيرانه. لقد سقط شباط بتصريحه في المحظور وأهدى لمن يتربص بأخطاء وهفوات الديبوماسية المغربية الرسمية والموازية فرصة لوضع المغرب في مرمى قصف المتربصين اللذين سيسعون لتعميق الخلافات المغربية الموريتانية وإضفاء المزيد من التوتر على علاقات المتوترة أصلا بين البلدين . بل وفرض على المغرب القيام بمجهودات اضافية والتحرك السريع تجلى في سفر عاجل لرئيس الحكومة المعين السيد عبدالإله بنكيران بأمر من الملك للعاصمة الموريتانية بهدف تأكيد الموقف الرسمي المغربي اتجاه دولة موريتانيا وطمأنة الطرف الموريتاني وتطويق الموقف وتهدئة الوضع ووقف تدهور العلاقات بين البلدين.

قد يقول قائل بأن هناك فعلا ما يدعو للقلق والخوف لدى المغاربة من نوايا موريتانيا اتجاه قضيتنا الوطنية واتجاه ما أصبحنا نراه ونسمعه من تطورات مزعجة وتحركات قد تمنح للبوليساريو منفذا على المحيط الأطلسي في ناحية لگويرة، مستغلا تواطؤ موريتانيا وسكوت بل سلبية المينورسو . هذا صحيح ولكن كل هذه التطورات الخطيرة والمهددة لوحدة المغرب لا يجب أن تفقدنا توازننا وتدفعنا إلى اتخاذ المواقف المتسرعة والمنفعلة قد نندم عليها وتزيد الأمور تعقيدا . لا بد أن نبحث عن سبل لحلحة التوتر القائم بين بلدنا وموريتانيا بذل الدفع نحو المزيد من التوتر . وأكيد أن هناك مداخل لم نلجها بعد وأبواب لم نطرقها بالشكل المطلوب لانهاء حالة التوتر هذه .

بقي أن أقول إذا كان السيد شباط قد تسرع وأخطأ بتصريحه فإن بيان وزارة الخارجية المغربي الذي حاول تبيين الموفق المغربي الرسمي اتجاه موريتانيا قد تمادى وذهب بعيدا في انتقاذ أمين عام حزب سياسي كما تعودنا على ذلك في البيانات المفعفعة لهذه الوزارة مما جعل الجميع يفهم بأن الأمر لا يتعلق فقط بتوضيح لموقف الرسمي بل تعداه إلى تصفية حسابات سياسية حزبية ضيقة .

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال