القائمة

أرشيف

حرب أمغالا (27 يناير 1976)..عندما رد الجيش المغربي على محاولة الجزائر "احتلال" منطقة أمغالا

تتميز العلاقات المغربية الجزائرية بالتوتر منذ السنوات الأولى لاستقلال البلدين عن فرنسا، فإذا كانت المواجهة بين الدولتين الجارتين تتخد طابعا دبلوماسيا وإعلاميا، فإنها في الماضي كانت ذات طابع عسكري، حيث وقعت مواجهات مباشرة بين جيشي البلدين أدت إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

نشر
الحسن الثاني رفقة جنود مغاربة
مدة القراءة: 4'

شكلت حرب الرمال التي اندلعت بين الجزائر والمغرب في شهر أكتوبر من سنة 1963، أول مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين، وانتهت بوساطة من منظمة الوحدة الإفريقية، حيث توصل البلدان لاتفاق لوقف إطلاق النار في 20 فبراير 1964 في مدينة باماكو عاصمة مالي.

ورغم انتهاء هذه الحرب إلا أنها خلفت توترا مزمنا في العلاقات المغربية الجزائرية، فبعد 13 سنة وبالضبط في 27 من شهر يناير من سنة 1976 تجددت المواجهات بين جيشي البلدين في واقعة أمغالا، وتختلف روايات البلدين لأسباب اندلاع هذه المواجهة التي دامت يومين فقط.

الرواية المغربية                            

بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر على المسيرة الخضراء، وقعت إسبانيا مع المغرب وموريتانيا اتفاقية مدريد التي نصت على تقاسم الصحراء بين المغرب وموريتانيا، وجلاء القوات الاسبانية من المنطقة في فبراير من سنة 1976. ولم ترق هذه الاتفاقية الجزائر وجبهة البوليساريو، وما إن اقترب موعد خروج الجيش الاسباني من الصحراء، حتى قام الجيش الوطني الشعبي الجزائري، يوم 27 يناير بالتسلل إلى قرية أمغالا الواقعة جنوب مدينة السمارة، وقرب الحدود الموريتانية.

وبحسب الرواية المغربية فقد قام اللواء الأول للمشاة بالجيش الجزائري بالهجوم على بلدة أمغالا، في حين قام لواء آخر بالهجوم على منطقة التفاريتي، وتمركز لواء آخر للمدرعات بمنطقة المحبس المحاذية للحدود الموريتانية.

وبعد ورود هذه المعلومات، توجه الجيش المغربي لصد هذا الهجوم في قوة تضم وحدة تحت قيادة النقيب حبوها لحبيب، وفيلقين للمشاة يقودهما الكولونيل بن عثمان مدعومين بقوة للمدرعات تتكون من 36 دبابة.

فيما قام الجيش الجزائري بمركزة مدفعيته الثقيلة على الأراضي الموريتانية وبالتحديد بمنطقة "كارة فوق كارة"، والتي تبعد مسافة 6 كلمترات عن أمغالا. ولعب سلاح الجو المغربي دورا كبيرا في هذه المعركة، إذ قام بقصف مواقع المدفعية الجزائرية وقتل الضابط المسؤول عنها. بعدها سيتراجع الجيش الجزائري فارا من ساحة المعركة تاركا وراءه الكثير من السيارات والمعدات.

الجنرال أحمد الدليمي يتحدث عن حرب أمغالا

الحسن الثاني لبومدين: سال الدم بين شعبينا

وتطرق كتاب " تاريخ الحركة الوطنية" للمؤرخ المغربي كريم غلاب في جزئه الثاني لمعركة أمغالا الأولى وقال:

 "إن الانتصار في أمغالا شكل نهاية حرب الصحراء، إذ المعارك التي كانت بعدها لم تكن سوى حرب عصابات. ولو انتصرت الجزائر في معركة أمغالة لكانت المنطقة رأس جسر لمحاولة السيطرة على الصحراء".

وبعد مرور أسبوعين على المعركة، راسل الملك الحسن الثاني الرئيس الجزائري هواري بومدين، وخاطبه قائلا "إنه حدث ما يدعو إلى الدهشة والاستغراب. ذلك يا سيادة الرئيس أن القوات الملكية المسلحة وجدت نفسها يوم 27 يناير 1976 في مواجهة الجيش الوطني الشعبي في أمغالة التي هي جزء لا يتجزأ من الصحراء". وجاء في الرسالة أيضا:

 "سال الدم بين شعبينا لأنكم لو توفوا بوعدكم. وها أنت ترون أيضا بالأمس القريب أن الحامية المغربية التي بقيت في عين المكان بأمغالة أخذت غدرا (...) من لدن وحدات الجيش الوطني الشعبي الجزائري، متوفرة على أسلحة ثقيلة ومعدات يكشف نوعها ومستواها عن النية المبيتة للقيام بعملية تدمير تسببت في عشرات الضحايا بين أبنائي والمكافحين من أجل بلدي".

الرواية الجزائرية

بعدما انقشع غبار المعركة في 29 يناير، أي بعد يومين فقط من بدايتها، تحدث الجانب المغربي عن مقتل 200 جندي من الجزائر والبوليساريو، وأسر 109 آخرين، وبخصوص خسائر الجانب المغربي ففي ظل عدم وجود إحصائيات رسمية، تحدث الرقيب عمر مراد الذي شارك معركة أمغالا، خلال حوار صحافي عن مصرع 11 جندي مغربي وجرح عسكري واحد.

أسر عناصر من الجيش الجزائري وجبهة البوليساريو من قبل القوات المسلحة الملكية المغربية

وحسب الرواية الجزائرية فإن الجيش المغربي نصب كمينا و هاجم القوات الجزائرية التي كانت تنقل معونات من الدواء و الأكل للصحراويين المحاصرين من طرف القوات المغربية.

وتطور الصراع المغربي الجزائري بعد حرب أمغالا، ليأخذ أبعادا أخرى فقد أعلنت جبهة البوليساريو من خيمات تندوف في 27 فبراير 1976 قيام "الجمهورية العربية الصحراوية".

ورد الحسن الثاني على الخطوة التي أقدمت عليها البوليساريو وحليفتها الجزائر، من خلال رسالة وجهها للجيش المغربي، جاء فيها:

 "ومن دون أن نخفي عنكم خطورة الوضع، ومن دون أن نتجاوز الحدود في تهويل الأمر أمامكم بخصوص تطور الوضع، فقد عزمنا العقد على الدفاع بكل وسيلة ممكنة عن وحدة المملكة وضمان الأمن والهناء لشعبنا".