القائمة

أخبار

عبد الصمد بلكبير: العثماني يرأس حكومة للتكنوقراط والمخابرات والمخازنية... وعبد الرحيم العلام: ليست هناك حكومة جديدة بل مجرد تعديل وزاري

عين الملك محمد السادس يوم أمس الأربعاء أعضاء الحكومة الجديدة التي يقودها سعد الدين العثماني، وذلك بعد حوالي ستة أشهر من تاريخ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية.

نشر
حكومة العثماني أثناء تعيينها من قبل الملك محمد السادس
مدة القراءة: 8'

وسارعت بعض الوجوه البارزة في حزب العدالة والتنمية، إلى الإعلان عن تذمرها من التشكيلة الحكومية، فيما دعا آخرون إى وضع مسافة بين الحزب وبين الحكومة.

فهل سيتأثر حزب العدالة والتنمية مستقبلا جراء التنازلات التي قدمها سعد الدين العثماني؟ وهل ستواصل الحكومة الجديدة السير على خطى حكومة بنكيران؟

تعديل وزاري فقط...

رأى الأستاذ بجامعة القاضي عياض عبد الرحيم العلام في تصريح لموقع يابلادي أن الانطباع الأولي الذي يظهر من خلال التشكيلة الحكومية الجديدة، هو أن الأمر لا يتعلق بحكومة جديدة وإنما بـ"تعديل حكومي استهدف تحديدا رئيس الحكومة (...) مع تسجيل تبادل أماكن بين وزراء، لأن تقريبا حوالي 22 وزيرا كان في الحكومة السابقة".

وتابع العلام أن تبادل المواقع في بعض الأحيان "لم يكن له تفسير، فمثلا لماذا تبادل الرباح مع عمارة، فمن المفروض أن وزيرا معينا إما أنه كان ناجحا في قطاعه وبالتالي يبقى فيه، وإما أنه كان فاشلا فيغادر الحكومة".

ورأى أن عملية التبادل التي تمت هي "مجرد محاولة لإظهار أن الأمر يتعلق بتغيير كبير". مؤكدا أن الضحية الأكبر من عملية التبادل هاته كان هو حزب العدالة والتنمية. وأوضح أن "حزب التجمع الوطني للأحرار حافظ على وزاراته، نفس الأمر بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، كما أن حزب الحركة الشعبية حافظ على مواقعه وأضاف مواقع أخرى، وحزب العدالة والتنمية كان هو الخاسر الأكبر فباستثناء بسيمة الحقاوي فلا وزير بقي في مكانه".

وعن تواجد عدد كبير من التكنوقراط في الحكومة قال العلام "إن عدد التكنوكراط يتجاوز في الحقيقة ما تم الإعلان عنه، يجب أن نضيف أوجار، وأخنوش..، فعبارة التكنوقراط في هذه المرحلة أصبحت لا تفسر الوضع السياسي".

وتساءل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض عن إمكانية اعتبار "وزير الداخلية الجديد عبد الوافي الفتيت أكثر تكنوقراطية من أخنوش أو من حصاد أو من أوجار أو بوسعيد" وأضاف أن "التكنوقراط هم اليوم أكثر بكثير من العدد الذي يصور لنا، ولا يمكن قصر عددهم على السبعة  الغير المنتمين، وإنما يمكن أن نضيف إليهم آخرين تم إصباغهم أو تلوينهم بألوان حزبية، وهم في الأصل تكنوقراط".

وأكد العلام أنه يمكن اليوم أن نقول "بأن ما يقارب عشر الحكومة لديه انتماء حزبي، وهم وزراء حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية، أما الباقي فأغلبهم يدخلون في إطار التكنوقراط بمفهومه الواسع وليس الضيق".

وعن حديث بعض قيادات حزب العدالة والتنمية عن عدم رضاهم عن التشكيلة الحكومية الجديدة، وإمكانية تأثر الحزب بذلك مستقبلا قال العلام، إن "الحكومة هي التي ستتأثر وليس الحزب، فبنكيران لما كان رئيسا للحكومة بقي ممسكا بالأمانة العامة للحزب، وهو الأمر الذي لم ينتبه له العثماني".

وتابع قائلا أن من سيدافع عن الحكومة اليوم "هي السلطة وأحزابها، في الوقت الذي ستفقد فيه السند الشعبي، وقواعد العدالة والتنمية لن تدافع عن الحكومة كما كانت تفعل أيام بنكيران، فالحكومة ستتأثر، ولا أعتقد أن الحزب سيتأثر".

وأكد أن وزراء العدالة والتنمية في الحكومة الجديدة "سيفقدون مواقعهم داخل الحزب بشكل تدريجي وستذهب ريحهم، فصورة الرميد عند قواعد حزبه ليست هي الصورة التي كانت في الماضي، نفس الأمر بالنسبة لبوليف ويتيم والداودي... خاصة وأنهم لم يعودوا يستشيرون مع بنكيران وهمشوه...".

وعن إمكانية تأثر حزب الاتحاد الاشتراكي أيضا بسبب عدم استوزار قيادييه البارزين قال العلام إن هذا الحزب لن يتأثر بالنظر إلى الوجوه التي تمثله في الحكومة، "وإنما سيتأثر نظرا للطريقة التي دخل بها إلى الحكومة، فالعديد إما غادروا سفينة الحزب أو جمدوا عضويتهم، منذ تم انتخاب أو تعيين إن صح المصطلح ادريس لشكرا كاتبا أولا والمسار الذي رسمه بعد ذلك للحزب، حتى أصبح يستعين بحزب كان يعتبره إداريا".

أما مسألة الوجوه التي تمثل حزب الوردة في الحكومة فستغضب بحسب العلام "الذين ساندوا لشكر طمعا في الوصول إلى الحكومة، في آخر المطاف هذا صراع بين أشخاص فقط، أما مناضلو الحزب فأعتقد أن كثيرا منهم مصدومون أصلا من المستوى الذي أصبح عليه حزبهم".   

حكومة التكنوقراط والمخابرات والمخازنية والمخازنيات

من جانبه قال المفكر اليساري والأستاذ بجامعة القاضي عياض عبد الصمد بلكبير، في تصريح لموقع يابلادي، إن هذه الحكومة "هي منتوج أياد متعددة، وهذا فرق رئيسي بين صيغة بنكيران الذي تصرف كرئيس حكومة وبالتالي كان يمثل اليد الواحدة، وهذه الحكومة التي تدخلت فيها أياد متعددة، ولا يستبعد أن تكون قد تدخلت فيها أياد أجنبية، كالإمارات وفرنسا على وجه الخصوص ولا أعرف ربما حتى الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه ما دام أن الإسلاميون متواجدون فهذا هو مدخلها".

وبخصوص الأيادي الداخلية فقال بلكبير إنها "تتمثل في وزارة الداخلية والأجهزة الأخرى المعروفة، المهم تدخلت أيادي متعددة وليست يدا واحدة وهذا ما يفسر كل ما وقع خلال الستة أشهر الماضية، تلك الأيادي هي التي عرقلت تشكيل الحكومة بقيادة حقيقية، ثم عندما جاءت لكي تشكل حكومة من تدبيرها، شكلت حكومة غير منسجمة، لذلك نجد فيها درجة عالية من البلقنة، وهو ما يفسر سر التشبث بالاتحاد الاشتراكي لأن جهة معينة تريد أن تُمَثَّل من خلاله".

ورأى بلكبير أن الخاسر الأكبر من هذه الحكومة "هو الشعب المغربي، وأيضا الحزب الذي صوت عليه الشعب المغربي والذي هو حزب العدالة والتنمية، هذا الحزب الذي سيتضرر كثيرا، نعلم أنه تضرر قبل ذلك من الدستور، ثم من انتخابات 7 أكتوبر".

وتابع أنه من خلال هذه الحكومة "قضوا على آمال الشعب في التراكم، من خلال إرجاع البلاد إلى الوراء، عن طريق تشكيل حكومة ذات رؤوس متعددة...، هناك درجة كبيرة من العبث".

وأوضح حديثه قائلا "فالوزير الذي كان في الحكومة السابقة في موقع معين ويمكن أن يقدم مردودا، تمت إزاحته، مثلما وقع مع عزيز الرباح..أما ما وقع مع الرميد ففضيحة كبرى فكل ما أنجزه في وزارة العدل هو الآن معرض للتراجع وطبعا منحوه صفة في الحكومة الحالية لا تتعدى المحافظة على وضعه المادي، هو تشريف بدون شرف، قضية حقوق الإنسان في المغرب لا تستحق أكثر من مديرية، ما تم هو مجرد تعويض رمزي، كي يتم إرضاء تيار الرميد داخل الحزب. لكن الكل فهم أن هناك إقصاء وتهميش وإفراغ للحكومة من محتواها".

ولاحظ بلكبير أن وزارة الداخلية "عززت موقعها، فقد أصبح وزير الداخلية وزيرا للتعليم، ووالي الرباط هو وزير الداخلية، ولا يمكن أن ننسى أن حدث الانقلابين العسكريين السابقين كانا بسبب  تغول الأجهزة الأمنية، فعندما استأثرت الداخلية بالدولة الجيش انتفض".

واسترسل عبد الصمد بلكبير قائلا إن "الحكومة الجديدة ستساير الإصلاحات –بين مزدوجتين- التي باشرتها الحكومة السابقة، نحن نعرف أن الشعب عندما صوت على حزب العدالة والتنمية لم يصوت على الإصلاحات ولم يصوت على صندوق المقاصة والتقاعد...، هو يعلم بأن هذه الاصلاحات تضرر منها ولكنه صوت على استراتيجية تتمثل في حماية الهوية المغربية، وحماية التراكم الديمقراطي، وعلى نموذج من قيادة الحكومة به درجة عالية من الشفافية والاستقلالية والإعلان عن النوايا إلى آخره، فبالتالي فقدنا الجانب الثاني الذي هو مهم، أما الجانب الأول فهو الأسوء، وهو الذي ستستمر عليه الحكومة، أي الإصلاحات بدون أفق استراتيجي لفائدة الشعب".

وعن تواجد التكنوقراط بقوة في حكومة العثماني قال بلكبير "هذه حكومة التكنوقراط والمخابرات والمخازنية والمخازنيات، لأن حتى ذلك التأنيث الذي شهدته الحكومة، يبقى من الناحية الشكلية إيجابي، ولكن هل وظيفته الحقيقية تتجلى في خدمة المرأة أم استخدام المرأة؟. الظاهر شيء والمضمون شيء آخر...".

ورأى أن "اليأس سيتضاعف عند الشعب، فحكومة من دون سند شعبي يجب التساؤل من الآن عن مصيرها، لأنه من الواضح أنه حتى قواعد الأحزاب المشكلة لها غير راضية عنها، فما بالك الشعب".

واستغرب من تولي وزير الداخلية السابق حقيبة وزارة التربية الوطنية وقال إن "هذا لم يقع في تاريخ المغرب، هناك حالة لوزير تعليم أصبح وزير داخلية، ولكن لم يسبق لوزير للداخلية أن صار وزيرا للتعليم، وهو أمر شبيه بحدث تولي وزارة الداخلية أمر الإعلام في عهد ادريس البصري، وهو ما شكل في حينه إشارة على أن الإعلام دخل في مرحلة إعادة هيكلة في اتجاه تقليص حريته واستقلاليتة، وهو ما سيحدث الآن في التعليم".

وأوضح بلكبير أن التشكيلة الحكومية سيكون لها تأثير على حزب العدالة والتنمية، الذي من المؤكد أن يشهد "رجة"، فحزب المصباح "قبل هذه الحكومة، ليس هو بعدها"، موضحا أنه "من الناحية الاستراتيجية لن تكون هناك تناقضات، أي العمل من أجل الديمقراطية من دون الصدام مع المستفيدين من النظام الغير الديمقراطي، لكن سيكون فرق كبير في التدبير بين أن يقود هذه الاستراتيجية بنكيران أو العثماني، ولذلك سيقع تململ كبير وقد بدأت بوادره في الشبيبة وفي الأقاليم، وحتى رهان الحفاظ من خلال تواجدهم في الحكومة على مصالحهم في البلديات التي يحكمونها قد لا يتحقق، فوزير الداخلية الحالي سبق له أن اتخذ موقفا عدائيا مع مجلس الرباط، مما يعني أنه سيعتمد نفس الموقف مع المجالس البلدية الأخرى، ونموذج الرباط سيعمم على الصعيد الوطني".

وبحسب بلكبير فإن التأثير لن يقتصر على حزب العدالة والتنمية بل سيتعداه إلى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي "من المؤكد أنه سيشهد ارتدادات، لأن المحيطين بالكاتب الأول صدموا من استوزار أشخاص لم يكن أحد ينتظر تواجدهم في الحكومة، باستثناء بنعتيق، ولكن هذا الأخير يمثل مصالح خارج الحزب، وهي التي كان يمثلها عند انشقاقه".

وذهب بلكبير إلى أنه بمقابل تضرر حزبي الوردة والمصباح فإن "جماعة العدل والإحسان ستتقوى لأن جزء كبيرا من الحركة الإسلامية التي كانت تنتظر نتائج إيجابية من المشاركة السياسية، الآن بات يتضح لها أن طريق العدل والإحسان هي الأسلم، وبالتالي هذا الاتجاه الإسلامي سيميل أكثر للعدل والإحسان".

وعن مستقبل حكومة العثماني قال "الحكومة التي تم الإعلان عن تشكيلتها ليس لها مستقبل، ما نجحت فيه الحكومة السابقة نسبيا الذي هو الاستقرار، والذي ليس سهلا في الزمن المعاصر، لا يبدو أن هذه الحكومة الجديدة ستضمنه، وفي هذه الحالة لا يبدو أنها ستستمر إلى نهاية ولايتها، خصوصا وأن القنابل الموقوتة وغير الموقوتة لا حصر لها، ونحن نرى ما يقع في الريف ومناطق أخرى".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال