القائمة

أخبار

ردود فعل متباينة بعد الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى عيد العرش

على غير العادة فضل العديد من قادة الأحزاب السياسية الركون إلى الصمت بعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش، والذي خص فيه الملك محمد السادس الطبقة السياسية بالمملكة بانتقادات حادة، بالمقابل لجأ عدد من المحللين والفاعلين السياسيين إلى صفحاتهم بالفايسبوك للتعليق على الخطاب.

نشر
DR
مدة القراءة: 7'

وجه الملك محمد السادس في خطاب العرش والذي ألقاه قبل يوم من موعده المعتاد، في سابقة هي الأولى من نوعها، انتقادا لاذعا للمؤسسات الإدارية والنخبة السياسية في البلاد، كما تطرق في خطابه إلى الأزمة في منطقة الريف وقال إن الأحزاب السياسية تراجعت عن القيام بواجباتها مما زاد من تأزيم الأوضاع، "فوجدت القوات العمومية نفسها وجها لوجه أمام المواطن".

وفي تعليقه عل الخطاب الملكي قال الناشط في حراك الريف المرتضى إعمراشا في تصريح لقناة "فرانس 24" إن المغاربة ينتظرون إقالة مسؤولين تسببوا في تعثر مشاريع تنميوة بإقليم الحسيمة و إطلاق سراج جميع المعتقلين و على رأسهم ناصر الزفزافي، مضيفا أن الخطاب الملكي "لم يجب على مطالب ساكنة الحسيمة وهو إطلاق سراح جميع المعتقلين و ليس بعضهم فقط لأسباب صحية و غيرها" مؤكدا "أن تهدئة الأوضاع مرهون بذلك و بمحاسبة وزراء و مسؤولين و إطلاق سراح الزفزافي".

أما حسن بناجح، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان فتحدث عن الخطاب الملكي من خلال تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وقال "لا جديد تحت البركان غدا ينقشع كل الضباب والغبار عن الحقيقة المؤلمة التي لم تتغير : جل المعتقلين ما يزالون في السجون،  عماد العتابي الله أعلم به شافاه الله، ترقية المقاربة الأمنية وتحصينها".

وأضاف معلقا على الخطاب "لا وجود للدولة وقد تم الاعتراف الرسمي بلا جدوى كل المؤسسات باستثناء القصر والأجهزة الأمنية، المحاسبة للجميع باستثناء من يحكم، بل المفارقة أن من يحكم يحاسب من لا يحكم". وختم توينته متسائلا "أوليست هذه هي حمم البركان؟".

من جانبه وصف المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي في تدوينات متتالية على صفحته بالفايسبوك، الخطاب الملكي بأنه خطاب قوي، مضيفا أن "اقوى ما فيه ما سيترتب عنه من قرارات"، وذهب إلى حد القول إن "الخطاب مقدمة لتعديل حكومي، اما بالاقالة او طلب الاعفاء"، مؤكدا أن من بين "رسائل الخطاب انه خير وزراء بين الخروج المشرف او المبهدل".

وتابع في تدوينة أخرى أن "الملك غاضب على الاقل من 10 ولاة خصص لهم نقدا لاذعا بسبب فشلهم في تدبير مراكز الاستثمار الجهوية. وقال ليهم وليتو عائق امام الاستثمار بدل التشجيع عليه".

بدوره ناقش عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، مضمون الخطاب الملكي من خلال تدوينة مطولة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وقال "كل شيء في نظر الخطاب لا يسير على نحو جيد باستثناء الفلاحة (التي هي من تدبير أخنوش. لا أدري ما هو التطور الذي عرفته الفلاحة المغربية) والطاقة المتجددة (التي تقع في خانة المؤسسات الاستراتيجية التي يعين فيها الملك) والمعالجة الامنية الناجعة والفعالة (التي يديرها السيد الحموشي)".

وتطرق العلام إلى انتقاد الملك للأحزاب السياسية والمسؤولين المنتخبين وتساءل "هل ضمت الحكومات السابقة والحكومة الحالية الوزراء المحزبون فقط؟ ألا يشكل الوزراء التقنوقراط أكثر من ثلث الحكومة: هل كان أخنوش في حكومة ابن كيران محزبا؟ وهل لبلمختار وحصاد وبوريطة علاقة بالاحزاب؟ هل وزير الداخلية عضو في التقدم والاشتراكية؟".

وأضاف متسائلا "ماذا عن الأحزاب التي تنعت بالإدارية أليست من إنتاج السلطة وتعمل تحت رقابتها؟ ماذا عن الاتهامات التي توجهها أحزاب البيجيدي والتقدم والاشتراكية والاستقلال للسلطة متهمة إياها بالتدخل في الحياة الحزبية والتأثير على استقلالية الأحزاب؟".

وواصل طرح الأسئلة قائلا "ماذا عن المرافق والمؤسسات الموسومة بالاستراتيجية والتي يعين الملك رؤساءها من قبيل: المكتب الوطني للسكك الحديدية، والمكتب الوطني للمطارات، والمكتب الوطني للماء والكهرباء وغيرها من المؤسسات التي تعيش حالة البؤس هل الأحزاب السياسية هي المسؤولة عنها؟ ماذا عن الخروقات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في حق المتظاهرين وعموم المواطنين هل المنتخبون السياسيون هم المسؤولون عنها؟ هل الاحزاب هي المسؤولة عن تردي خدمات السفارات والقنصليات؟ هل يخضع العمال والولاة والقياد للمنتخبين أم أن المعادلة مقلوبة؟".

ومع كل هذه الأسئلة التي تبقى الإجابة عنها معلقة عاد العلام ليذكر ببعض النقط الايجابية في الخطاب "أهمها تلك العبارة الجميلة والدالة:....وعوض أن يبرر عجزه بترديد أسطوانة "يمنعونني من القيام بعملي"، فالأجدر به أن يقدم استقالته، التي لا يمنعه منها أحد".

ووصف هذ المقطع من الخطاب بأنه رسالة "واضحة لأولئك الذين صدعوا رؤوسنا بإكراهات السلطة وتناقضاتها وتدرجاتها، بينما واقع الحال أنهم "جبناء" لا قدرة لهم على تفعيل صلاحياتهم الدستورية ويختبئون وراء الأشباح التي إما أنها حقيقية أو متوهمة، على هؤلاء أن يمتلكوا زمام أمورهم وأن يتخذوا واحدا من الاثنين: تفعيل الصلاحيات والعمل بتجرد واستماتة أو امتلاك شجاعة الاستقالة".

وتوجه بالكلام إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وخاطبه قائلا "فإذا كنت يا سيد عثماني غير قادر على تشكيل حكومة منسجمة بدل هذه الحكومة المهترئة المتخاصمة مع بعضها البعض، واذا كنت غير قادر على تفعيل صلاحياتك الدستورية في اختيار الوزراء والولاة والعمال والسفراء والقناصلة وباقي المسؤولين الكبار، فما عليك إلا تقديم استقالتك بكل شجاعة؟".

وأضاف "وإذا كنتم يا وزراء غير قادرين على العمل دون الخصوع للهواتف والتعليمات فالاستقالة أرحم؟ وإذا كنتم يا نواب الأمة غير قادرين على جر المسؤولين بكل رتبهم إلى قبة البرلمان من أجل محاسبتهم ومراقبتهم فقدموا استقالتكم؟ واذا كنتم يا منتخبين محليين غير قادرين على مجابهة الولاة والعمال والباشوات الذين يعتدون على صلاحياتكم فارحمونا باستقالتكم وكفوا عن ترديد أسطوانة يمنعونني من العمل".

بيان أخنوش وتصريح العثماني

وعلى عكس معظم زعماء الأحزاب السياسية خرج رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش عن صمته وقال في بيان صحافي إن خطاب العرش كان "خطابا قويا وذو رسائل واضحة ومباشرة، تمهد لمنعطف هام لا بد أن تسير فيه بلادنا".

وأضاف أخنوش "لا بد للمغرب وساكنته أن تستفيد من اقلاع اجتماعي حقيقي كما كان الشأن بالنسبة لعدة قطاعات اقتصادية أخرى، لا بد من الاقتراب من المواطن والاستماع لحاجياته، وتنزيل الآليات الناجعة والكفيلة بإحداث الفرق في الواقع اليومي للمغاربة في جميع الجهات".

وجاء في البيان أن "الحاجيات الإجتماعية التي تم التعبير عنها في الحسيمة تهم أيضا جهات أخرى في المغرب، هذا التماطل والتهاون في التعامل مع الأوراش الإجتماعية لا يعد مقبولا في مغرب اليوم. تطلعات الساكنة تستحق منا مجهودا مضاعفا لتحسين شروط عيش المواطنين".

وأكد أخنوش أن" الخطاب كان واضحا فيما يخص الأحزاب السياسية، فلا بد أن تعود هذه الهيئات للقيام بدورها الأساسي. الأحزاب السياسية يجب أن تتحمل مسؤوليتها، لا ينبغي أن تكون الممارسة السياسية مقتصرة على الاستفادة من المواطنين من أجل الوصول للسلطة فقط، بل يجب عليها أن تخدم المواطن وأن تكون فاعلا أساسيا في القطاع الإجتماعي بالمغرب".

مضيفا أنه "واذا كان القطاع الإقتصادي قد استفاد من تعبئة وانخراط الجميع مدعوما بالقطاع الخاص، فالقطاعات الإجتماعية التي تهم الواقع اليومي للمواطن تستحق هي الأخرى تعبئة مماثلة. علينا اليوم أن نجد الوسائل الكفيلة بتحقيق إقلاع إجتماعي يليق بمغرب اليوم وطموحاته وانفتاحه وساكنته المتطورة باستمرار"، وأنه "علينا كأحزاب سياسية أن نضطلع بدور مهم في تأهيل الإدارة العمومية وتطوير خدماتها. هذا التأهيل يمر عبر المصاحبة وتبني أهداف واضحة مماثلة لما يتم العمل به في القطاع الخاص والتي أثبت فعاليتها ونجاعتها".

فيما اختار رئيس الحكومة سعد الدين العثماني التعليق على الخطاب الملكي من خلال تصريح خص به الموقع الإلكتروني لحزبه وقال إن "الخطاب الملكي ليوم أمس بمناسبة عيد العرش المجيد، كان خطابا قويا من حيث المعاني التي حملها، وقوي في ألفاظه التي استعملها، وكانت فيه العديد من الرسائل لجهات متعددة".

وأكد العثماني، "عددا من الإجراءات والإشكالات التي أشار إليها الخطاب، يجب أن تشكل أساس العمل المستقبلي سواء بالنسبة للحكومة، والأحزاب السياسية، والمنتخبين، والجماعات الترابية"، لأن بعض أعطابها تشكل عوائقا أمام استفادة المغرب بطريقة متوازنة من ثمار النمو الذي يعيشه، يضيف رئيس الحكومة.

وبخصوص الإشارات الكبرى للخطاب الملكي، أوضح العثماني، أن "الخطاب انطلق من أن خدمة المواطن هي الهدف الأسمى لكل المشاريع التنموية، وبالتالي أصبحت خدمة المواطن هي محور مختلف فقرات الخطاب بطريقة أو بأخرى، سواء صراحة أو تلميحا، خصوصا عندما ركز الخطاب على ضعف حصيلة البرامج التنمية البشرية والترابية، وعندما أشار إلى ضعف العدالة المجالية من خلال حديثه على أنه لا فرق بين الشمال والجنوب ولا بين سكان المدن والقرى".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال