القائمة

interview_1

نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية: النظامين المغربي والجزائري يحاولان تصريف مشاكلهما باختلاق أزمات بينهما..ولو كانت الأنظمة نابعة من الشعوب لما سمعنا مثل تصريحات مساهل

تسببت تصريحات وزير الخارجية الجزائري الأخيرة والتي اتهم فيها المغرب بتبييض أموال "الحشيش" عبر بنوكه في إفريقيا، في أزمة دبلوماسية بين البلدين، حيث استدعى المغرب سفيره بالجزائر للتشاور، كما استدعت المملكة القائم بالأعمال بسفارة الجزائر بالرباط لإبلاغه بالطابع "غير المسؤول" و"الصبياني" لهذه التصريحات.

وتعتبر هذه الأزمة مجرد حلقة من سلسلة متواصلة من الأزمات الدبلوماسية منذ سنوات طويلة، فكيف تنظر المعارضة الإسلامية الموجودة خارج اللعبة السياسية في الجزائر لهذه الأزمة الجديدة؟ وما هو السبيل في نظرها لكي تعود العلاقات بين البلدين إلى السكة الصحيحة؟

نشر
على بلحاج
مدة القراءة: 4'

للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها أجرينا في موقع يابلادي حوارا مع علي بلحاج وهو من مؤسسي حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حظرته السلطات الجزائرية بعد اكتساحه للانتخابات المحلية والتشريعية التي جرت سنة 1991.

كيف تنظرون إلى الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين المغرب والجزائر؟

هذه الأزمة في الحقيقة لا تعني الشعوب، الشعوب في واد والأنظمة في واد. الأنظمة السياسية هي التي ساهمت في تفريق الأمة وتمزيقها.

الشعوب لا تلتفت لمثل هذه الترهات بين الأنظمة، وعلى العكس من ذلك الشعوب تأمل في أن تتوحد وأن تتضافر جهودها، والحكام في الحقيقة الأمر يعملون على أساس التفريق والتمزيق عن طريق الاتهامات المتبادلة، وكل نظام من الأنظمة عنده مشاكل داخلية يريد أن يسوقها خارجيا، سواء النظام الجزائري أو النظام المغربي.

بالنسبة للشعوب، ما يقع مجرد سحابة صيف عابرة لا أقل ولا أكثر، الفراغ السياسي والمشاكل الداخلية لدى الطرفين هي السبب فيما يحدث.

 في نظركم ما هو السبيل لتجاوز مثل هذه الأزمات؟

 حتى تصير العلاقات طبيعية بين أبناء الشعوب العربية والاسلامية، على هذه الأنظمة أن تختار بين أمرين، فإما أن ترجع إلى رشدها وتنظر إلى مصالح هذه الشعوب، وتكون خادمة لهذه المصالح، وإما أن ترحل وتأتي أنظمة جديدة تضع في أوائل مهامها ومقاصد الحكم عندها توحيد هذه الشعوب وتضافر الجهود.

فإما أن تتعقل هذ الأنظمة وتؤمن بضرورة وضع حد لمثل هذه الأمور ولو بالتنازل، مع العلم أن هذا التنازل ليس من نظام لنظام آخر، وإنما هو تنازل للشعوب، وهو ما  سيزيد من متانة هذه الأنظمة. تنازل القمة للقاعدة ليس عيبا. وإن لم تقبل بذلك فمصيرها الزوال لأن العالم يسير نحو التكتل ولا يسير نحو التشرذم.

 وما تعليقكم على تصريح وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل الأخيرة بحق المغرب؟

 عبد القادر مساهل والأنظمة العربية بصفة عامة لوكانت نابعة من الشعوب، لما قالت مثل هذا الكلام.

الأنظمة الملكية في العالم العربي التسيير فيها غير عادل، والأنظمة الجمهورية كذلك، الشعوب مهمومة ومشغولة بما هو أهم، الشعوب مشغولة بالأزمات التي ولدتها هذه الأنظمة داخليا، لذلك هي لا تلتفت لهذا التراشق الذي ربما ينفخ فيه الإعلام من الجهتين. الشعوب أوعى من حكامها ومن أنظمتها، وهي تعرف أن هذا مجرد تصريف للمشاكل الداخلية.

 يبدو أن وسائل الإعلام تلعب دورا في صب الزيت على النار...

 الذي أطلبه من الصحافة هي أن تكون بدورها عاقلة، وأن لا تضخم مثل هذه القضايا، فلا أحد في الجزائر أو المغرب أو المغرب العربي كله سيستفيد من مثل هذه الأمور. ينبغي على الصحافة أن تساهم هي أيضا في توعية الحكام، لأن هذا الطريق لا خير فيه لا للشعوب ولا للأنظمة.

كل نظام عربي فيه عيوب، هناك عيوب في النظام الجزائري والتونسي والمصري والمغربي، فإذا ركز كل نظام على عيوب الآخر فهذا مدخل لا خروج منه. ولابد من إصلاح عام، ويجب على الصحافة أن تكون سببا في هذا.

 ربما الخلاف في الإعلام موجود وربما مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، لكن هذا في حقيقة الأمر يبقى أمرا افتراضيا، الشعوب غير مهتمة بهذا.

في المغرب مثلا الشعب غير مهتم بما قاله مساهل...، والصحافة الجادة هي التي تتخذ من هذه المطبات وسيلة لتوعية الشعوب وتوعية الحكام.

الصحافة ينبغي ألا تعمق من المشكل لأن هذه الشعوب بعضها من بعض، وسبق لها أن تعاونت في وقت الثورة، وكانت قيادات المقاومة زمن الاستعمار تؤمن بتحرير شمال إفريقيا كله. وبيان أول نونبر(أول نداء وجهته الكتابة العامة لجبهة التحرير الوطني إلى الشعب الجزائري) نص على أن من بين أهداف الثورة الجزائرية تحقيق وحدة شمال إفريقيا.

لكن هؤلاء الحكام ومن أجل البقاء في الكراسي عمقوا هذا الشرخ، ولو كانوا عاقلين لما فعلوا ذلك، ونتمنى من الساسة الذين سيأتون في المستقبل ألا يسلكوا هذا المسلك وأن يعملوا على توحيد الشمال الإفريقي كله كي يستفيد المغربي من الجزائري، والجزائري من التونسي، والتونسي من الموريتاني، فنحن أمة واحدة.

من هو علي بلحاج

علي بلحاج داعية وسياسي إسلامي جزائري، وهو من مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، عرف بمعارضته للنظام الحاكم، وخطبه الحماسية وتصريحاته التي قادته في العديد من المرات إلى الاعتقال أو الاستجواب.

وبلحاج من مؤسسي حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1989، وهو الحزب الذي خاض الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء مجلس الشعب (البرلمان) يوم 26 في دجنبر 1991، لكن نتائج هذه الانتخابات ألغيت بعد أن فاز فيها بـ 188 مقعدا من أصل 228.

أعلن النظام الحاكم في الجزائر آنذاك حالة الطوارئ، ودخلت البلاد في حرب أهلية، وأودع الآلاف من أنصار الجبهة في معتقلات أقيمت بالصحراء الجزائرية، ومنهم علي بلحاج الذي أدين في محاكمة عسكرية بالسجن النافذ لـ 12 سنة.

غادر سنة 2003 السجن وأبلغته السلطات بأنه يحظر عليه ممارسة أي نشاط سياسي أو إلقاء خطب أو المشاركة بأي تجمع سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو ديني، لكنه رفض التوقيع على ذلك.

حاول بلحاج العودة مجددا للمشهد السياسي عبر الترشح لرئاسيات 2014 إلا أن السلطات منعته، ورغم ذلك واصل الإدلاء بالتصريحات في مختلف القضايا السياسية.

له العديد من المؤلفات من بينها "رسائل الشيخ علي بن حاج: المجموعة الأولى"، "فصل الكلام في مواجهة ظلم الحكام"، "إجادة التحبير في بيان قواعد التغيير"، "تفقيه الشرفاء في كيفية الرّد لزجر السفهاء"، "المشكاة في تذكير الأئمة الوشاة وتنبيه الأئمة الهداة"، و"النظرة الموضوعية الكفيلة بحل جذور الأزمة الجزائرية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال