القائمة

interview_1

عبد العزيز الرماني : النقود الافتراضية تشكل خطرا على أمن واقتصاديات الدول النامية

أعلن مكتب الصرف في بلاغ له يوم أمس الاثنين أن المعاملات بالنقود الافتراضية يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة.

وسجل المكتب أنه لاحظ في الفترة الأخيرة إقبال بعض الأشخاص الذاتيين والمعنويين على التعامل بما يسمى النقود الافتراضية أو يعلنون قبولهم التعامل بها في معاملاتهم المالية، مهيبا بالجميع الاحترام التام لمقتضيات قانون الصرف الجاري بها العمل والتي تنص على أن المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم عن طريق الأبناك المعتمدة بالمغرب وبواسطة العملات الأجنبية المعتمدة من طرف بنك المغرب.

نشر
عبد العزيز الرماني الخبير في الاقتصاد الاجتماعي
مدة القراءة: 4'

وأكد مكتب الصرف أن التعامل بهذه النقود الافتراضية يشكل خطرا على المتعاملين بها لكونها نقودا افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية ويبقى دائما أصحابها الأصليون مجهولي الهوية. وأوضح المكتب أن مصالح مكتب الصرف تقوم بتنسيق مع مصالح بنك المغرب والتجمع المهني لأبناك المغرب من أجل متابعة كل التطورات المتعلقة بالنقود الافتراضية.

ولتسليط المزيد من الضوء على بلاغ مكتب الصرف، أجرينا في موقع يابلادي حوارا مع عبد العزيز الرماني الخبير في الاقتصاد الاجتماعي. وفيما يلي نص الحوار:

هل تشكل النقود الافتراضية خطرا على الاقتصاد المغربي؟

النقود الافتراضية لا تشكل خطرا على الاقتصاد المغربي وحسب، بل تشكل خطرا على اقتصاديات عدد من الدول النامية، لأنها تعتمد عملة غير مادية أي غير معدنة، وهذه العملة الغير القابلة للتعدين قابلة في نفس الوقت للاستعانة بها في المعاملات، وتطورت خلال السنوات الماضية ووصل حجم التداول بها إلى ما يقارب 2 مليار دولار.

ومكتب الصرف لم يتحرك من تلقاء نفسه، بل المؤسسات المالية الدولية سبق لها أن وجهت تحذيرا للأبناك المركزية والمؤسسات النقدية العالمية، كي يتم التحكم في المعاملات الافتراضية.

ما الفرق بين النقود الافتراضية وبين الأموال التقليدية ؟

النقود التي تصك عن طريق مؤسسات وطنية وتعتمد في المعاملات الدولية، تخضع لميزان يحدد قوتها وضعفها، والمرجع الأساسي في ذلك مرجع مادي: إما الذهب أو عملة دولية مستقرة وصلبة كالدولار مثلا. بهذه الطريقة تتعامل الدول وتتفادى الأزمات الاقتصادية التي من الممكن أن تتسبب في انهيار اقتصادياتها.

أما بالطريقة الافتراضية، فلا يمكن التحكم في ثمن العملة، التي ليس لها مرجع يجعلنا نتحكم في قيمتها، وعلى سبيل المثال عملة البيتكوين كانت تعادل أكثر من 200 دولار، وفجأة في بداية السنة الجارية انهارت إلى ما دون 130 دولار وبعد أشهر أصبحت تعادل 24 دولار تقريبا، فهل يمكن الاعتماد على هذه الوحدة في خلق استقرار اقتصادي.

والنقطة الأخطر، هي أن البتكوين عملة افتراضية ومن أشخاص افتراضيين، ومن مؤسسات افتراضية، ولكن هذا الافتراضي أصبح يولد المادي، فمع البيتكوين أصبح بإمكان شركات وهمية أن تضرب اقتصاد بلد ما لأنها تتحول من وهمية افتراضية إلى مادية، فعن طرق هذه الوحدة تشترى لأسلحة وتروج المخدرات...

هل النقود الافتراضية غير قادرة على التأثير على الاقتصاديات الكبيرة؟

العملة الافتراضية من الصعب أن تؤثر على اقتصاديات الدول الكبيرة كالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن من السهل أن تؤثر على الاقتصاديات الصغيرة.

العملة الافتراضية تروج حوالي 2 مليار دولار فقط، وهي لا تشكل رقما كبيرا بالنسبة لاقتصاديات الدول الكبيرة، ولكن بالنسبة للدول الضعيفة تشكل تهديدا لها.

هل يتعدى تهديد هذه العملة ما هو اقتصادي إلى ما هو أمني؟

الذي يحرك الأمور هو أمني أكثر مما هو اقتصادي، لأنه لا يمكن أن نقارن حجم الأموال المتداولة عالميا، بملياري دولار من المعاملات الافتراضية. سنكون هنا كمن يقارن دولة بكوخ في قرية ما.

من الناحية الاقتصادية حاليا لا يوجد خطر كبير خصوصا بالنسبة للدول الكبيرة، ولكن من الناحية الأمنية أصبح هناك خطر محدق، فبإمكان الجماعات الارهابية شراء الاسلحة والمخدرات عبر المعاملات الافتراضية دون أن تترك أي أثر.

فمن خلال هذه المعاملات يمكن لأي كان أن يحافظ على سرية أمواله، ولايمكن لأحد مراقبة عمليات البيع والشراء التي يقوم بها، أو حتى التدخل فيها من قريب أو بعيد، وكذلك تقلل النقود الافتراضية من سيطرة الحكومة والبنوك على العملة.

وسبق للولايات المتحدة الأمريكية أن تحدثت عن أن صفقات في مجال المخدرات والتهريب والقرصنة، تمت بواسطة العاملات الافتراضية.

حاليا لا زال الأمر بسيطا إلى حد ما ولكن في المستقبل المنظور اقتصاديات العديد من الدول الضعيفة والناشئة يمكن أن تؤثر عليها العملة الافتراضية التي بات حجم التعامل بها يرتفع بشكل سنوي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال