القائمة

أخبار

الاحتجاج والانتخابات.. مساران يتنازعان مغرب الدستور الجديد

يتنازع المغرب، بعد التصويت على الدستور الجديد، مساران كبيران، يسعى كل واحد منهما إلى الاستقطاب والاستقواء، هما مسار الاحتجاج الذي تقوده حركة 20 فبراير وشرائح اجتماعية واسعة لها مطالب اجتماعية وفئوية خالصة، ومسار أخر انتخابي تقوده الدولة ووزارة الداخلية وتشارك فيه الأحزاب السياسية.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

ويرسم المساران معا، الاحتجاج والتظاهر من جهة والتحضير للانتخابات من جهة أخرى، وجه المجال السياسي العام لمغرب ما بعد دستور يوليوز 2011.

أما الاحتجاج والتظاهر فلم يعد حكرا على حركة 20 فبراير فقط، وان كان للحركة الفضل في إطلاق الشرارة الأولى للتظاهر السياسي السلمي في الشارع العام، بل إن الاحتجاج والتظاهر امتد ليشمل جل أشكال التعبير الاجتماعي لعدد من الشرائح التي تحمل مطالب اجتماعية محددة كالشغل ومحاربة التهميش في عدد من المجالات الترابية داخل المملكة. ولعل ما تعرفه مجموعة من المدن الفوسفاطية ( أسفي وخريبكة ) من توتر على خلفية مطالب الأجيال الجديدة خير مثال لذلك. وقد تبلغ هذه الأشكال الاجتماعية درجات حادة كالتي وقعت مثلا في بركان، حين أضرم بائع خبز النار في جسده أمام مقر الشرطة بعد أن احتجزت عربته وتعرض للإهانة والتنكيل من طرف عناصر من الشرطة. 

في السياق ذاته مازالت حركة 20 فبراير تواصل احتجاجاتها في شكل ليالي رمضانية اختارت الحركة أن تنظمها في الأحياء الشعبية وعرفت مسائي السبت والأحد الماضي مشاركة جماهيرية لافتة. والى جانب الشعارات الاعتيادية التي دأب شباب 20 فبراير على رفعها منذ بداية الاحتجاج حول الفساد والريع والمحسوبية وضرورة الإصلاح، نحت الحركة إلى التأكيد على الشعارات الاجتماعية. ولاندري هل يتعلق الأمر بسعي من الحركة إلى مزيد من الاستقطاب الاجتماعي بتحريك الملفات الاجتماعية أم بنزوح منها إلي الميدان الاجتماعي التي تكون فيه "شرعية الانجاز" الحكم الأوحد ولا يكون فيه لخصوم الحركة مايسعفهم من "الأدوات الإيديولوجية" لتمويه وتزييف الحقائق الاجتماعية الساطعة.وفضلا عن ذلك كله لابد أن يكون لشباب 20 فبراير رهان أخر من خلال نزوحهم إلى المجال الاجتماعي وهو الاحتماء من الضربات المتوالية التي تلقتها الحركة سياسيا وأمنيا وإعلاميا.

وأما المسار الانتخابي فيحمل رهانه الكبير المتمثل في "التفعيل المؤسسي" للدستور الجديد، وفي نفس الوقت طمس المسار الأول الاحتجاجي, بإعلان التتويج المؤسسي للدستور بعد أن تم تتويجه سياسيا من خلال تصويت الفاتح من يوليوز. والظاهر أن الدولة والأحزاب السياسية لا تهتم كثيرا بالتفاصيل الديمقراطية الدقيقة لهذا "التتويج المؤسسي" للدستور، بقدر ما تحرص على تنفيذ الموعد الانتخابي في تاريخ لن يبتعد كثيرا عن شهر أكتوبر المقبل.

وما أشبه اليوم بالبارح حين أكد الراحل الحسن الثاني،غداة التصويت على دستور  1996 وتتويج مسلسل التوافق بحكومة التناوب، أن الإصلاحات السياسية والدستورية قد انتهت وأن الوقت حان لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية العاجلة. وقد مضت العشر سنوات الأولى من حكم الملك محمد السادس وفق هذا المنطق بالتركيز على الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي إلى أن هبت رياح الربيع العربي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال