القائمة

أخبار

حراك الريف: أهم الأحداث التي عرفتها سنة 2018

كانت سنة 2018 حافلة بالأحداث التي عرفها  ملف حراك الريف، الذي انطلقت شرارته  ليلة 28 أكتوبر 2016  بمدينة الحسيمة بعد مقتل الشاب محسن فكري، بائع السمك الذي حاول استرجاع بضاعته المسلوبة من شاحنة للقمامة، قبل أن يتم طحنه بداخلها. مقتل محسن فكري خلف موجة غضب عارمة بكل مناطق المغرب،  وخصوصاً بمدينة الحسيمة، التي عرفت حراكاً سمي بـ"حراك الريف"، والذي تقدم نشطاؤه بملف مطلبي يضم مطالب اقتصادية، اجتماعية، وثقافية. بعدها شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في حق النشطاء. لتنطلق بعد ذلك محاكمة ماراطونية، تم من خلالها توجيه تهم ثقيلة للنشطاء.

نشر
من مسيرات حراك الريف
مدة القراءة: 7'

عرفت محاكمة نشطاء حراك الريف تسجيل أزيد من 120 محامياً لمؤازرة المتابعين. كما تم عقد 86 جلسة بمعدل جلستين إلى أربع جلسات في الأسبوع، وقد سجلت هيئة الدفاع في ندوة صحفية تم تنظيمها يوم 08 يوليوز 2018 ملاحظات وتساؤلات حول المحاكمة؛ من ضمنها "استخفاف النيابة العامة وقاضي التحقيق والمحكمة بالحرية من خلال غياب مبررات موضوعية وقانونية لإخضاع المعتقلين للإجراءات السالبة للحرية في جميع مراحل القضية، وخصوصا في مرحلة الاعتقال الاحتياطي"، وسجلت الهيئة أيضاً "سير السياسة الجنائية نحو أفق مجهول وهو ما اعتبرت أنه يطرح علامات استفهام حول موقع مؤسسة النيابة العامة بين بقية المؤسسات الأخرى، وخاصة مؤسسة الضابطة القضائية ومديرية حماية التراب الوطني خاصة على مستوى ضمانات تطبيقها وتقيدها بالقانون ومدى الحرص على الالتزام بالدستور الذي يحث على الأمن القانوني والقضائي للمواطن، كما سجلت عدم تفاعل النيابة العامة والمحكمة مع ما يبطل البحث والمحاضر بمناسبة ادعاء المعتقلين تعرضهم للتعذيب والعنف والممارسات الحاطة من الكرامة الإنسانية."

من جهة أخرى أكد النقيب عبد الرحيم الجامعي أن هيئة الدفاع "سُلبت منها أبسط الحقوق وكانت محاصرة، إذ تعرضت  لمضايقات وضغوطات عبر الاستهداف والتهديد، خاصة مع المندوبية العامة لإدارة السجون خلال التخابر مع المعتقلين، وأضف إلى ذلك غياب تقنيات معالجة النصوص وتطبيقها على القضية." كما تساءلت الهيئة عن "الكاميرات المثبتة داخل القاعة، والتي نقلت وقائع الجلسة لجهات غير معروفة، ولا يعلم مصير أرشيف هذه الجلسات وعن حق الدفاع في أن يتوصل بها، وأن يعلم إلى من وجهت".

وقد ذكرت هيئة الدفاع خلال استعراض ما أسمته  بـ"المعطيات التي  تؤكد عدم عدالة المحاكمة"، "عدم التزام المحكمة بالحياد التام، والاستخفاف بقرينة البراءة." وتعليقاً على التغطية الإعلامية العمومية تقول هيئة الدفاع "فوجئنا بوسائل الإعلام العمومية تنقل الرأي الواحد، في وإقصاء واضح للطرف الآخر، وكان على "الهاكا" أن تتدخل."

وحسب تقرير أصدرته "هيومن رايتس ووتش"، نهاية شهر نونبر المنصرم، فإنه "استناداً إلى محاضر الجلسات أمام قاضي التحقيق المكلف بالقضية، قال 50 من أصل 53 متهما إن الشرطة في مقر "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية" في الدار البيضاء ضغطت عليهم بطريقة أو بأخرى لتوقيع محاضر استنطاق تدينهم من دون قراءة محتواها. قال 21 منهم إن الشرطة هددت باغتصابهم أو زوجاتهم أو بناتهم الصغار".

وقد اعتمدت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أيضاً في إداناتها على عشرات أشرطة الفيديو والتسجيلات الصوتية، تم بث بعضها خلال جلسات المحاكمة. وفي هذا السياق يقول نفس التقرير بأنه "تم حرمان المتهمين من الاطلاع على الأدلة" بحيث "رفضت المحكمة تقديم التسجيلات المذكورة إلى الدفاع، رغم طلباته المتكررة بذلك، كتابيا وشفويا خلال الجلسات. لم يبرر الحكم أو حتى يشِر إلى رفض المحكمة تمكين الدفاع من الاطلاع على هذه الأدلة، التي قالت المحكمة إنها تدين المتهمين.

إضرابات طعامية متكررة

 قام  أغلب معتقلي حراك الريف المرحلين إلى مدينة الدار البيضاء بعدة إضرابات عن الطعام، احتجاجاً على وضعيتهم داخل السجن وكذا بسبب المعاملة السيئة والقاسية التي يتلقاها المعتقلون وعائلاتهم من طرف إدارة السجن.

وفي هذا السياق يقول عبد اللطيف الأبلق، أخ المعتقل ربيع الأبلق، لموقع يابلادي أنه "يكاد يجزم أن هناك من يدفع المعتقلين إلى الدخول في الإمساك عن الطعام؛ ويتابع قائلاً: "لا يرى مبرراً لتلك الاستفزازات المتكررة غير هذا الاحتمال. ومما يؤكد ذلك هو تراجع إدارة المؤسسة السجنية "عكاشة "عن بعض المطالب التي تم تحقيقها للمعتقلين على خلفية حراك الريف. هذه المطالب التي تم الاستجابة لها بعد إضراب طويل خاضه بعض السجناء" ويضيف الأبلق "هذا الإضراب الذي لم يرفعوه إلا بعد تفاوضهم مع مسؤول في مندوبية التامك، لكن سرعان ما تم الإجهاز على كل شيء بذريعة أن الاتفاق لا يلزم إدارة المؤسسة السجنية في شيء، وذلك مباشرة بعد إعفاء ذاك الشخص من منصبه."

صدور الأحكام الابتدائية 


أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ليلة 26 يونيو 2018، أحكاماً رآها البعض "قاسية" في حق نشطاء حراك الريف. وتراوحت هذه الأحكام من سنة  إلى  عشرين سنة سجناً نافذاً ، كما لم تتم تبرئة أي معتقل من معتقلي حراك الريف.

وقد خلفت هذه الأحكام غضباً عارماً على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى مستوى الرأي العام عموما، حيث تم تنظيم مسيرتين وطنيتين، الأولى يوم 08 يوليوز 2018 بمدينة الدار البيضاء، والثانية يوم 15 يوليوز بمدينة الرباط، وقد عرفت المسيرتين مشاركة العديد من القوى الحزبية والحقوقية ، من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية، بدءا من أقصى اليسار وانتهاء  بجماعة العدل الإحسان الإسلامية.

وتصدر مطلب إطلاق سراح معتقلي حراك الريف المسيرتين. وخلال نفس الفترة طالب ممثلو  فدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس النواب بإصدار عفو عام في حق النشطاء المعتقلين.

عفو ملكي

أصدر الملك محمد السادس عفواً ملكياً عما يقارب 180 معتقلاً على خلفية حراك الريف، بمناسبة عيد الأضحى. وقد شمل هذا العفو إحدى عشر معتقلاً قابعاً بسجن عكاشة بالبيضاء، ومعتقلين آخرين بكل من سجن الحسيمة، سجن زايو الفلاحي، سجن تاونات، سجن فاس، كانوا يقضون عقوبات سجنية تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات.

يقول المعتقل إلياس أقلوش، المستفيد من عفو ملكي، في تصريح لموقع يا بلادي انه "استقبل العفو الملكي كجزء من الحل أو بداية حل لمشكل اجتماعي عرف تماطل الدولة، مما أدى إلى اعتقالات بالجملة زادت من تعميق الأزمة بين الريف و السلطة"، ويضيف قائلاً  "أتى العفو الملكي كمبادرة من طرف عقلاء الدولة أو من طرف أصحاب القرارات السياسية في البلد لفك هذا المشكل الاجتماعي العويص الذي أحرج الدولة نفسها قبل أي أحد آخر. فالحل الأمني لم يكن حلاً منطقياً لتجاوز ما تعانيه المنطقة من التهميش وإقصاء في عدة مجالات حيوية. وعلى عكس ذلك فقد شكلت هذه المقاربة (الأمنية) احتقاناً وغضباً شعبيين انتقلا إلى مدن أخرى كجرادة مثلاً"، ويختم إلياس كلامه قائلاً "لهذا التقطت هذه البادرة بتفاؤل وحسن نية حتى تستمر هذه البادرة إلى حين خروج باقي إخواننا المعتقلين جميعاً، بدون استثناء وعلى رأسهم معتقلي عكاشة. ولنترك المجال للدولة للاستجابة للملف المطلبي الذي ناضلنا من أجله بسلمية ووعي إنساني يخدم مصالح المواطن والدولة في نفس الوقت"

ناصر الزفزافي و جائزة سخاروف لحرية الفكر

خلال هذه السنة، تم ترشيح ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، لنيل جائزة ساخروف لحرية الفكرSakharov Prize for Freedom of Thought، التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمناضلي/ت حقوق الإنسان. واعتبر النشطاء المؤيدين للحراك أنه وبالرغم من عدم حصول الزفزافي على الجائزة، إلا أن وصوله إلى النهائيات في نظرهم يعد انتصار للحراك، واعترافاً دولياً بشرعية مطالبه.

إعمراشن وراء القضبان بتهم تتعلق بالإرهاب

تم خلال يوم الرابع عشر من شهر نونبر المنصرم، تأكيد الحكم الابتدائي في حق الناشط المرتضى إعمراشن، بسجنه خمس سنوات نافذة.

وقد وجهت له محكمة الإرهاب بسلا تهم تتعلق ب: تحريض الغير وإقناعه بارتكاب أفعال إرهابية، والإشادة بأفعال تكون جرائم إرهابية، والإشادة بتنظيم إرهابي طبقا للمادتين 5-218، و 2-218 من القانون 03/03 المتعلق بمكافحة الارهاب والمؤرخ في 2003/05/28، كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون 86-14المؤرخ في 2015/05/20، وذلك باستناد المحكمة لتدوينتين، قالت أن المرتضى نشرهما على حسابه بموقع بفايسبوك، يشيد من خلالهما بالعملية الإرهابية التي راح ضحيتها السفير الروسي في تركيا.

بالمقابل يقول أصدقائه أنه لا علاقة له بالفكر المتطرف  إذ "فاز بجائزة  السلام الدولية" الممنوحة من المنظمة الدولية للبحث عن أرضية مشتركة سنة 2015، وذلك لجهوده في إطار مجلس القيادات الشابة بالحسيمة، للمساهمة في مكافحة التطرف.

دخول قضية معتقلي حراك الريف مرحلة الاستئناف

انطلقت جلسات استئناف معتقلي حراك الريف المرحلين للدار البيضاء مرحلة الاستئناف يوم 14 نونبر 2018. وقد طالبت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته يوم 30 نونبر 2018 من محكمة الاستئناف بالدار البيضاء "النظر في الأدلة التي تفيد بتعذيب الشرطة للمتهمين".

قال أحمد بن شمسي، مدير التواصل والمرافعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "هيومن رايتس ووتش": "لا يجوز لمحكمة أن تتجاهل، بكل بساطة، أدلة تفيد بوقوع تعذيب. على محكمة الاستئناف رفض أي اعترافات مشبوهة، وضمان عدم إدانة أي شخص، إلا لجرائم حقيقية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال