القائمة

أخبار

بعد الجزائر..عودة الجدل حول تيفيناغ إلى المغرب

دخل فريقا حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار داخل مجلس النواب، في خلاف حول إدراج حرف تيفيناغ ضمن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفية إدماجها في مجال التعليم والحياة العامة ذات الأولوية.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

بالتزامن مع الجدل المثار في الجزائر، حول الحروف التي ستكتب بها اللغة الأمازيغية، والتي أصبحت لغة رسمية في البلاد منذ سنة 2016، انطلقت فصول صراع جديد في المغرب بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار حول حرف تيفيناغ.

فحسب ما أوردته جريدة المساء في عددها لنهار اليوم الخميس 24 يناير، فإن فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، رفض التنصيص على كتابة الأمازيغية بحرف تيفيناغ، في مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكذا كيفيات إدماجها في مجال التعليم والحياة العامة ذات الأولوية.

وبعد فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق قررا رفع خلافهم إلى "هيئة الأغلبية" التي ينتظر أن تجتمع قريبا في منزل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، من أجل إيجاد توافق حول مشروع القانون التنظيمي.

 عصيد: بعد هزيمته سنتي 2002 و2011 البيجيدي يحاول الانتقام

وفي تعليق منه على الأمر، قال الباحث الأمازيغي أحمد عصيد في تصريح لموقع يابلادي "سلوك حزب العدالة والتنمية في هذه القضية هو سلوك غير مسؤول، وهو عمل انتقامي". وتابع أن حزب المصباح وقف في سنة 2011، "ضد ترسيم اللغة الأمازيغية، وبعد ذلك أصبح هذا الحزب هو الذي يرأس الحكومة، وهو الذي سيسهر على إعداد القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية".

وواصل حديثه قائلا "يحاولون تمرير القانون من دون تعديل، علما أن هذا القانون لا يتطابق مع الدستور، بل يتعارض معه".

وأكد أن مشروع القانون يتحدث "عن المراحل ولكنهم لم يتحدثوا عن الكيفيات، علما أن الحرف يدخل ضمن الكيفيات، وهل تدريس اللغة اختياري أو إجباري، وهل ستعمم من الابتدائي إلى حدود التعليم العالي، هاته هي الكيفيات ولكنهم لا يريدون تضمينها في القانون، وبذلك فهم يخالفون الدستور الذي ينص على أن القانون التنظيمي يحدد الكيفيات".

واسترسل قائلا "هم الآن يقولون يجب أن نترك هذا الأمر للمجلس الوطني للغات، وهم بذلك يحاولون تمرير القانون الإطار للتعليم، ويحددون الكيفيات خارج القانون التنظيمي والدستور لا ينص على هذا".

وفيما يخص الحرف الذي ستكتب به اللغة الأمازيغية قال عصيد "نحن لسنا كالجزائر، نحن حسمنا في الحرف في 10 فبراير 2003، من أعلى مستوى، خضنا النقاش الموجود في الجزائر حول كيفية كتابة الأمازيغية سنة 2002، الحركة الأمازيغية في الأغلبية أرادت الحرف اللاتيني. الجمعيات الأمازيغية اجتمعت في مكناس وحررت بيان تقول فيه يجب الكتابة بالحرف اللاتيني، وكانت أقلية من الجمعيات تتحدث عن تيفيناغ، فيما فضل القوميون العرب والإسلاميون الحرف العربي".

وأوضح أن النقاش استمر ستة أشهر، "وفي النهاية طلب الملك محمد السادس رأي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وأنا كنت عضوا في مجلس إدارة المعهد، وتحدثنا لمدة يومين أو ثلاثة أيام، وفي النهاية قلنا نحن في وضعية صعبة، لأن الحرف اللاتيني غير مقبول، لأن البعض يقول إن هذا حرف المستعمر...، كما لا يمكننا فرض الحرف العربي، لأنه لو تم اعتماده، كنا سنقدم استقالة جماعية من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لأننا لن نقبل الوصاية العربية الإسلامية على الثقافة الأمازيغية واللغة الأمازيغية. كنا نبحث عن توافق وطني وهو الذي وجدناه في حرف تيفيناغ".

وتابع "الصراع كان موجودا بين من يقول باعتماد الحرف اللاتيني أو الحرف العربي، وتيفيناغ لم يكن ضمن هذا الصراع، وقدمنا رأينا للملك الذي يدعوا إلى اعتماد تيفيناغ".

وزاد قائلا "الملك لم يعتمده مباشرة، بل استدعى زعماء الأحزاب السياسية، واستقبلهم محمد معتصم ومزيان بلفقيه، وتم إخبارهم برأي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كل الأحزاب السياسية قالت هذا رأي المختصين نحن نقبل به، بينما حزبين، وهما حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية قالو لا، نريد الحرف العربي".

وبحسبه فإن حزب العدالة والتنمية يريد "الانتقام من الهزيمة التي لحقت به سنتي 2002 و2011، انهزم في 2002 لأنه لم يتمكن من فرض حرف العربية، وتم اعتماد تيفيناغ الذي كانوا يحتقرونه، وينتقمون من هزيمة 2011 لأنهم لم يكونوا يريدون ترسيم الأمازيغية".

وأوضح أن "الملك قرر اعتماد تيفيناغ في 10 فبراير 2003، وأرسل لنا رسالة تهنئة لمجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، (...) وهكذا انتهت معركة الحرف، والآن يعودون ليطلوا علينا من النافذة".

وختم حديثه للموقع قائلا "البيجيدي يهرب من تعديل القانون التنظيمي، في حين باقي الأحزاب تدافع عن التعديل. البيجيدي معزول لوحده ويحاول الانتقام من الأمازيغية والحركات الأمازيغية".

الدغرني: مزايدات سياسية

ورأى الناشط الأمازيغي أحمد الدغرني، في تصريح لموقع يابلادي أن "الأحرار والبيجيدي ليسا طرفين في الموضوع، هما افتعلا هذه المناقشة بغرض العرقلة".

وواصل في تصريح خص به موقع يابلادي أن "الحزبين معا معرقلين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وهذا النقاش مفتعل". وبخصوص موضوع كتابة الأمازيغية بتيفيناغ قال "هذا شأن الاختصاصيين، وليس الأحزاب، الدستور لا يوجد به حرف الكتابة، الأمر يتعلق بمسألة تقنية، والمختصين سيتكلفون بها، وليس السياسيين الذين يتاجرون بها ويحاولون الركوب على الحركة الأمازيغية. يجب عليهم الابتعاد عن هذه القضية، لأنها مسألة تقنية". 

الحسين أيت باحسين: المكتسبات خط أحمر

من جانبه قال الحسين أيت باحسين العضو بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في تصريح ليابلادي "إن ما وصلت إليه الأغلبية داخل البرلمان (...)، يجب أن ننظر إليه من وجهة نظر جديدة، (....) بما أنه عقارب الساعة عادت إلى الوراء، يظهر لي أن هذا المشكل يجب أن ننظر إليه من خمسة زوايا".

وتتمثل الزاوية الأولى بحسب أيت باحسين في الجانب المبدئي، فالمطلب الجوهري للحركة الأمازيغية، "هو عدم التراجع عن المكتسبات، نحن قطعنا مراحل كثيرة". أما الزاوية الثانية فهي المتمثلة في الجانب السياسي حيث "نتمنى في الحركة الثقافية الأمازيغية ومعنا الكثيرون ممن يريدون إنصاف الأمازيغية، بأن لا يكون هذا النقاش للتوظيف السياسي للمزيد من التماطل في تفعيل القانونين التنظيميين الخاصين بالأمازيغية".

أما الزاوية الثالثة حسب الحسين أيت باحسين فتتمثل في الجانب القانوني فـ"المشكل الموجود في القانون التنظيمي المقدم للبرلمان ينبع من خطأ مسطري. مشروع القانون أخذ بعين الاعتبار مهام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كما أعطيت له في 2001، علما أنه بعد 2003 عندما تمت المصادقة من قبل أعلى سلطة على حرف تيفيناغ، كانت هناك مستجدات على المستوى التعليمي والثقافي والسياسي".

وفيما يخص الزاوية الرابعة فهي التي تتعلق حسب محدثنا بالجانب التربوي حيث تؤكد أغلب "تقارير المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ووزارة التربية الوطنية على أن تعلم حرف تيفيناغ للأطفال لا يتعدى أسبوعا واحدا، ونحن نعلم أن ما يساعد في تعلم هذا الحرف هو تواجده في مجموعة من رموز الهوية والثقافة المغربية".

وتتلخص الزاوية الأخيرة في الجانب الهوياتي فتيفيناغ بحسب الحسين أيت باحسين "لا يوجد في أي مكان في العالم، سوى بشمال إفريقيا (...) لا ينبغي أن نخطئ مرة أخرى فيما يتعلق بالبعد الهوياتي والثقافي والحضاري للمغرب، كما أخطأنا منذ بداية الاستقلال حينما بخسنا بعدا مهما في الثقافة والهوية والحضارة المغربية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال