القائمة

أرشيف

في الذاكرة # 5 : ديهيا أو الكاهنة..الأمازيغية التي طردت العرب والمسلمين من شمال إفريقيا

في العقد الأخير من نهاية القرن السابع الميلادي تمكنت سيدة أمازيغية تدعى ديهيا من جمع القبائل الأمازيغية حولها، وطردت العرب من معظم مناطق شمال إفريقيا، قبل أن يقرر الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان إرسال جيش ضخم لمواجهتها.

 

نشر
صورة تعبيرية/ مونتاج محمد المجدوبي
مدة القراءة: 3'

في منتصف القرن السابع الميلادي، كان ملك أمازيغي يدعى كسيلة أو أكسل، يحكم مناطق شاسعة من شمال إفريقيا، وقاد حربا ضد العرب المسلمين بقيادة عقبة بن نافع الذين كانوا يريدون فتح بلاده، وتمكن من قتل هذا الأخير.

وفي سنة 686 للميلاد تمكن المسلمون من قتل أكسل، فخلفته سيدة أمازيغية تدعى ديهيا، لقبت بالكاهنة، وجاء في كتاب المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب لأبي عبيد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي "الكاهنة هو لقب لرئيسة قبيلة أمازيغية واسمها هو ديهيا أو ضميا أو دامية، الملقبة بالكاهنة من قبل العرب لأنها كانت حكيمة".

فيما قال عنها ابن خلدون في كتابه "العبر" "كان لها من الكهانة والمعرفة بغيب أحوال قومها، ما جعلها تتولى عرشهم".

وتعد ديهيا بحسب ما جاء في كتاب "المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب" لأبي عبيد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي "أول امرأة يفوض لها الأمازيغ أمرهم بعد الأمير "أكسل" الذي كان على المسيحية ثم أسلم وقتل عقبة إثر مبالغة الأخير في احتقاره".

وتمكنت ديهيا من توحيد القبائل الأمازيغية حولها، وقاد عدة حملات ومعارك ضد الرومان والعرب والبيزنطيين في سبيل استعادة الأراضي البربرية التي قد أستولوا عليها في أواخر القرن السادس ميلادي.

ويؤكد كتاب عبيد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي أن ديهيا قادت القبائل الأمازيغية وقامت بمهاجمة الجيش الإسلامي سنة 688 م، "حين أغارت على جيش حسان بن النعمان الغساني واضطرته إلى الانسحاب إلى طرابلس".

وتمكنت ديهيا من أسر ثمانين رجلا من أصحاب حسان، وأكد إبن عبد الحكم في كتابه فتوح أفريقيا والأندلس أنها أحسنت إليهم "وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بني عبس يقال له خالد بن يزيد فتبنته وأقام معها".

لكن رغم هزيمه المسلمين كانت ديهيا واثقة من أنهم سيعودون لمهاجمة مملكتها، وقررت نهج سياسة الأرض المحروقة لثنيهم عن ذلك، فأحرقت المحاصيل ودمرت الحصون، وجاء في كتاب المغرب في أخبار الأندلس و المغرب لابن عذاري "ملكت الكاهنة المغرب كله بعد حسان خمس سنين فلما رأت إبطاء العرب عنها قالت للبربر إن العرب إنما يطلبون من أفريقية المدائن والذهب والفضة ونحن إنما نريد منها المزارع والمراعي فلا نرى لكم إلا خراب بلاد أفريقية كلها حتى ييأس منها العرب فلا يكون لهم رجوع إليها إلى آخر الدهر فوجهت قومها إلى كل ناحية يقطعون الشجر ويهدمون الحصون".

وبعد مرور بضع سنوات وبالضبط في سنة 694 للميلاد قرر حسان بن النعمان العودة بجيشه بعدما وصلته إمدادات بأمر من الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان، فهزم جيش ديهيا بفعل الفارق الكبير في العدد والعدة بين الجيشين.

وقتلت ديهيا في مكان يدعى اليوم "بئر الكاهنة" وبحسب ما يحكي ابن خلدون فقد حمل رأسها إلى بغداد، بينما التحق اثنان من أبنائها بجيش المسلمين.

ويصف عبد الحميد حسين حمودة في كتابه "تاريخ المغرب في العصر الإسلامي منذ الفتح الإسلامي وحتى قيام الدولة الفاطمية"، المعركة بين الجيشين قائلا "زحف حسان للقاء الكاهنة ودارت بين الفريقين معركة فاصلة كثر القتل فيها وظن الناس أنه الفناء وأسفر عن هزيمة ساحقة للبربر ومقتل الكاهنة".

فيما يؤكد عبد العزيز الثعالبي في كتابه "تاريخ شمال أفريقيا" أنه "وبعد معركة صارمة ذهبت هذه المرأة النادرة ضحية الدفاع عن حمى البلاد. وفي الوقت نفسه استراحت افريقيا من عسفها وجورها بعد ان رفعتها الى منازل الآلهة البشريين الذين عبدهم الناس".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال