القائمة

أرشيف  

14 دجنبر 1990.. حين أمطر الجيش المحتجين بالرصاص في مدينة فاس [وثائقي]

شهدت مدينة فاس في 14 من شهر دجنبر من سنة 1990 انتفاضة عارمة في مختلف الأحياء، وخرج الجيش من ثكناته وانتشر في أحياء المدينة وقام بإطلاق الرصاص على المحتجين ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى. في هذا الشريط الوثائقي نروي تفاصيل ذلك اليوم الذي بقي محفورا في ذاكرة من عايشوه.

نشر
وثائقي من إعداد موقع يابلادي حول أحداث 14 دجنبر 1990 بفاس
مدة القراءة: 4'

في بداية شهر دجنبر من سنة 1990 دعت كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد العام للشغالين، التابع لحزب الاستقلال، إلى إضراب وطني عام يوم 14 دجنبر، وذلك بعد فشل الحوار مع الحكومة التي كان يقودها عز الدين العراقي.

وأمام تدهور القدرة الشرائية للمغاربة، والانتشار الكبير للبطالة، حظيت دعوة الإضراب باستجابة واسعة في العديد من المدن المغربية، وخاصة بمدينة فاس.

ويوم الإضراب غصت شوارع العاصمة العلمية للمملكة بالمحتجين، الذين أثقلت كاهلهم تكاليف الحياة اليومية، وخرجوا يطلبون بتحسين ظروف عيشهم.

وأمام هذا الوضع، أعطيت الأوامر للجيش بالخروج من ثكناته التي كان يرابط فيها، وقمع المتظاهرين، وبدأ يسير بدباباته في وسط الأحياء والشوارع، وشرع في إطلاق الرصاص على المحتجين، ما أدى إلى سقوط عشرات قتلى ومئات الجرحى.

وتضاربت الأخبار بعد ذلك حول عدد الوافيات والجرحى، وذهبت وسائل الإعلام العمومية إلى التقليل من حجم ما وقع، في حين تحدثت المعارضة عن هول ما وقع مشيرة إلى سقوط مئات القتلى.

وساد ارتباك كبير وسط الجهات الرسمية التي قدمت أرقاما متضاربة حول عدد لوفيات، ففي الوقت الذي أشارت فيه النيابة العامة إلى سقوط 23 قتيلا، تحدثت الحكومة عن وفاة ما بين 2 و 5 أشخاص.

تقارير حول الأحداث

وفي 11 دجنبر من سنة 1991 أحدثت لجنة لتقصي الحقائق في هذه الأحداث وذلك بناء على طلب التماس تقدمت به رئيس المجلس آنذاك، أحمد عصمان، نيابة عن كافة الأطراف والمنظمات السياسية والنقابية.

ووافق الملك الحسن الثاني على تشكيل هذه اللجنة التي ضمت 25 عضوا، منهم 9 أعضاء من المعارضة.

وجاء في التقرير الختامي للجنة أن "تفاقم الأحداث في مدينة فاس بصفة خاصة راجع إلى اتخاذ السلطات المحلية قرارات، ظهر فيما بعد أنها لم تكن ملائمة، وكذلك عدم اتخاذ الإجراءات الأمنية الكافية والضرورية في الوقت المناسب".

وقالت اللجنة التي ترأسها المعطي بوعبيد إن عدد الوافيات وصل إلى 42 ضحية، من بينهم عنصر واحد من قوات حفظ الأمن، فيما بلغ عدد الجرحى حسب المصدر ذاته 236 من بينهم 153 من القوات العمومية.

وأكدت اللجنة أنه تمت إحالة 55 متهما على المحكمة الابتدائية أدينوا كلهم، وأحيل على محكمة الاستئناف 460 متهما أدين منهم 416 وبرئ 44 شخصا.

وأشار التقرير إلى أنه تم خلال الأحداث إحراق 6 مؤسسات عمومية و20 مؤسسة خصوصية و137 سيارة وشاحنة وفندق واحد، فيما تم إتلاف 15 مؤسسة عمومية و98 مؤسسة خصوصية، وخربت مؤسستان عموميتان ومؤسسة خصوصية، وتم إعطاب 17 حافلة للنقل الحضري و24 دراجة نارية و22 شاحنة وفندقين.

وفي بداية سنة 2004 تم إحداث هيئة للإنصاف والمصالحة، بناء على قرار ملكي، وهي هيئة ذات اختصاصات غير قضائية في مجال تسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقالت الهيئة في تقريرها الختامي إن عدد المتوفين بمدينة فاس يوم 14 دجنبر 1990 بلغ 109 شخصا، دفن أغلبهم بمقبرة باب الكيسة.

وتوصلت اللجنة إلى معطيات تفيد بأنه تم دفن سبعة ضحايا وراء مستشفى ابن الخطيب كوكار حيث كان يتم إخراج الجثث من الباب الخلفي للمستشفى، وتم الدفن حسب التقرير ليلا ودون حضور العائلات في أغلب الأحيان، نفس المصدر أشار إلى أن سيارات الإسعاف كانت تنقل على متنها ثمان جثث كل ليلة.

ولم تقتصر الأحداث في 14 دجنبر 1990 على فاس، فقد أشار تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية إلى أنه في ذات اليوم توفي بمدينة طنجة شخص واحد، وجرح 124 شخصا، فيما أدان القضاء 100 شخصا وبرئ 19.

وفي الرباط تمت إدانة 127 متهما، وأصدرت محاكم مدينة بني ملال أيضا أحكاما بالإدانة في حق 14 شخصا.

إنصاف مؤجل..

لم يتخلص ضحايا تلك الأحداث من مخلفاتها، إذ لا زال البعض منهم يعاني من إعاقات وأمراض نفسية، ويؤكدون أن ذلك اليوم شكل منعطفا حاسما في حياتهم، حيث جعل الكثيرين منهم يغادرون مقاعد الدراسة، فيما أصبح آخرون عاطلين عن العمل بعد خروجهم من السجن.

ولم تتم تسوية ملفات جبر ضرر العديد منهم من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة، بحجة أنهم وضعوا ملفاتهم لديها خارج الآجال القانونية.

ويؤكد الكثير من هؤلاء الضحايا أنهم لم يتوصلوا بخبر إنشاء الهيئة أصلا، مشيرين إلى أنها خصصت أجل شهر واحد فقط لاستقبال الملفات، ويطالبون بإعادة النظر في ملفاتهم وإنصافهم.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال