القائمة

أخبار

المغرب: علماء آثار يحذرون من تنامي ظاهرة تهريب الحفريات‎

بعد ضبط السلطات الأمنية الاسبانية حفريات مهربة من المغرب، حذر علماء آثار من تنامي هذه الظاهرة، وطالبوا باتخاذ إجراءات لمحاربة العصابات المتخصصة في تهريبها، وأيضا توعية السكان المحليين بأهميتها.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

حجز الحرس المدني الاسباني يوم أمس الاحد سبع قطع حفرية قادمة من المغرب، بمطار لافاكويا، الواقع بغاليسيا، شمال غرب إسبانيا، وتم فتح تحقيق مع الشخص الذي قام بإحضارها، لعدم توفره على ما يثبت حصوله عليها بطريقة قانونية، ومن المرجح أن تتم متابعته أمام القضاء.

وتطرح هذه الواقعة عدة تساؤلات حول ظاهرة تهريب الآثار من المغرب، إذ لا تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تهريب حفريات مغربية بطريقة غير قانونية، ويرجع هذا الأمر حسب باحثين في علم الآثار إلى ضعف الوعي المجتمعي بأهمية الآثار وأيضا إلى قلة الـ"جيومتنزهات" في المغرب بالإضافة إلى النشاط المتنامي لعصابات التهريب.

وفي اتصال مع موقع يابلادي، قال الأستاذ والباحث المغربي في الحفريات بجامعة قازان الروسية، عبد الواحد لكناوي، إنه في بعض الدول كألمانيا، هناك قوانين تدفع الأشخاص الذين عثروا على الحفريات إلى أخذها إلى أقرب جامعة، "لكن للأسف هذا غير معمول به في المغرب".

ويرى الباحث المغربي أن الفقر وضعف الوعي هو العامل الأساسي الذي ساعد في انتشار ظاهرة تهريب الحفريات من المغرب، إذ يقوم مجموعة من الأشخاص -بحسبه- سواء من الأجانب أو المغاربة بـ"استغلال الوضع الاجتماعي للأشخاص الذين يعثرون على هاته الحفريات ويشترونها منهم مقابل ثمن زهيد يصل أحيانا إلى 10 دراهم فقط، ويقومون ببيعها فيما بعد بالملايين".

وسبق للباحثين الإسبانيين خوان كارلوس جوتيريز ودييغو غارسيا، أن نشرا في سنة 2018 دراسة جاء فيها أن بعض وسائل الإعلام في أمريكا الشمالية قدرت قيمة التجارة غير القانونية للحفريات الذي يعود تاريخها لملايين السنين والقادمة من جنوب المغرب، بحوالي 40 مليون دولار أمريكي في السنة، مشيرة إلى أن هذه الحفريات يتم عرضها أو بيعها في المزادات العلنية في جميع أنحاء العالم.

وأشارت هذه الدراسة إلى أن هاته الحفريات التي يتم استخراجها وتهريبها من المغرب، تشكل مصدر عيش رئيسي، لأكثر من 50 ألف شخص في منطقة أرفود (الحفارين، أو عمال المناجم، أو الحرفيين الذين يقومون بإعداد وترميم هذه الحفريات).

ويرى عبد الواحد لكناوي أنه من الضروري إنشاء جيومتنزهات في المناطق المعروفة بتواجد الحفريات كتنغير وطاطا وزاكورة وغيرها، مشيرا إلى أنه حاليا، يوجد "جيومتنزه" واحد في مغون قرب أزيلال، موضحا أن من شأن ذلك أن يلعب دورا كبيرا في حماية هذا الموروث.

وأشار إلى أن هذه المتنزهات تضم متخصصين ومراقبين من شأنهم المحافظة على هذه الكنوز، ورصد الأشخاص الذين يحاولون التنقيب عنها بطرق غير قانونية. 

وتابع حديثه قائلا، "بدورنا نحاول تحسيس سكان هاته المناطق بأهمية هذه الحفريات، من خلال تنظيم ورشات ومؤتمرات، آخرها كان في منطقة دكالة، ونحاول توعيتهم أيضا، من أجل عدم التخلي عنها لأنها أشياء ذات قيمة".

وشدد على ضرورة التواصل مع السكان المحليين وقال، في سنة 2016، "خلال زيارة لي وبعض الزملاء لمنطقة إملشيل، وهي منطقة تقع في قلب جبال الأطلس الكبير، صادفنا أحد السكان وهو يقوم بكسر صخور ثمينة تتواجد بأرضه، ويستخدمها في البناء، نظر لعدم معرفته بأهميتها، ما دفعنا للتدخل، وعند عودتنا سنة 2019، اكتشفنا أنه لم يلمسها منذ ذلك اليوم، مما يعني أن التواصل وتوعية الناس شيء ضروري".

من جهته أكد عبد الرحيم محب المسؤول في وزارة الثقافة، في اتصال مع يابلادي، أن هذا النوع من التهريب ليس بأمر جديد، بل يعود لسنوات عديدة، وذلك بالرغم من وجود قوانين تجرم ذلك، وأضاف أن "الأمر لا يتعلق بالتراث الجيولوجي (الحفريات) فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى القطع الأثرية التي يتم الحصول عليها عن طريق أعمل التنقيب غير القانونية".

وأشار إلى أنه "لا يمكن لأي تحفة، سواء من التراث الجيولوجي أو الأثري أن تخرج من أرض الوطن دون تصريح رسمي: بالنسبة للآثار يتم الحصول على الترخيص من طرف وزارة الثقافة، أما بالنسبة للحفريات فيتم الحصول عليها من وزارة الثقافة ووزارة المعادن أيضا".

وأكد أن مديرية التراث الثقافي بوزارة الثقافة، قامت قبل سنوات، بتنظيم دورات تدريبية لموظفي الجمارك، لاطلاعهم على القطع التي لا يمكنها مغادرة البلاد دون تصريح، وأوضح أن مثل هذه الدورات يجب أن تنظم بصفة مستمرة، وأن تشمل جميع المتدخلين.

وتابع "تهريب الحفريات والقطع الأثرية إلى الخارج من طرف شبكات التهريب غالبا ما يتم عبر البحر، لصعوبة تهريبها جوا".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال