القائمة

أخبار

ظاهرة العنف في الوسط المدرسي.. مسؤولية من؟‎

أعادت ظاهرة انتشار العنف في المداس في الآونة الاخيرة، النقاش حول واقع منظومة التعليم المغربية وعلاقة الأستاذ بالتلميذ إلى الواجهة. واتفق المهتمون بالميدان التربوي على ضرورة تكوين الأساتذة في الجانب النفسي وخلق فضاءات ترفيه للتلاميذ.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

من وقت لآخر تعود أخبار العنف في المؤسسات التعليمية المغربية لتتصدر واجهة الجرائد المغربية، وكانت آخر فصول هذا المسلسل الذي لا ينتهي، قضية تعنيف طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات بتارودانت بطريقة وحشية، وانتشار شريط فيديو قبل ذلك بأيام، لشاب يحرض فيه التلاميذ على الاعتداء على الأساتذة.

ويرى المهتمون بالميدان التربوي والأخصائيون في علم النفس، أن انتشار هذه الظاهرة، راجع إلى افتقار المنظومة التروبية المغربية، إلى التكوين في الجانب النفسي والتواصلي.

وفي تصريح لموقع يابلادي قال الأستاذ الجامعي والأخصائي في علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور إن "من يلجأ إلى العنف إما عاجز عن إيجاد الحلول أو مريض نفسيا".

وأكد أن العنف لا يقتصر على الأستاذ وحده، بل أصبح متبادلا، وهو ما يجعل العلاقة بين الطرفين مبنية في كثير من الأحيان "على التعنيف"، وذلك راجع بحسبه "لطريقة التعامل والتواصل بصفة عامة في المغرب، المبنية على العنف والشتم والابتزاز".

وبالرغم من أنه أكد أن "العنف يبقى غير مبرر"، إلا أنه قال إن الأستاذ في المغرب مطالب بأن يكون في المستوى، رغم أنه "يعيش ظروفا غير صحية داخل المؤسسة التعليمية، ويشكو مجموعة من النقائص على المستوى السلوكي والتربوي والتواصلي". ودعا إلى ضرورة تخصيص تكوين للمقبلين على ممارسة مهنة التدريس "فيما يخص الجانب النفسي والانضباطي، وإجراء امتحانات لهم في هذا الاتجاه، لمعرفة مدى استعدادهم وكفاءتهم في مصاحبة التلاميذ".

وذهب بنزاكور إلى أن الانسان المغربي في طبيعته "طيب وودود، لكن سرعان ما يتحول إلى إنسان آخر في حال اعترضت طريقه بعض المشاكل، فبدل البحث عن حلول، يلجأ إلى الضرب والعنف أو الشتم أو القطيعة في العلاقات".

ويرى الأخصائي في علم النفس الاجتماعي أن إدراج شعبة "التواصل غير العنيف" في المؤسسات التعليمية المغربية بات ضروريا. وتأسف لتحريض "بعض الآباء الأساتذة على ضرب أبنائهم، ومحاولة شرعنتهم العنف بقولهم إن الضرب منزل من الجنة".

 بدورها شددت مليكة بنضهر، وهي مسؤولة التواصل والإعلام وأستاذة بكلية علوم التربية بالرباط، على ضرورة تخصيص تكوين "حول التعامل مع جميع فئات التلاميذ" للمدرسين، مؤكدة أن تعنيف المتعلم غالبا ما يعود بنتائج عكسية.

وترى المتحدثة، نفسها أن من أسباب انتشار هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، "الانفتاح الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي"، وحملت المسؤولية في انتشار هذه الظاهرة للتلاميذ "الذين يحاول بعضهم تفريغ مكبوتاته ومشاكله داخل قاعة الدرس".

وتحدثت بنضهر، عن ضرورة لجوء الأستاذ إلى حلول وعقوبات بديلة، ومفيدة، "كمطالبة التلميذ بأداء واجب مدرسي أو مطالعة الكتب وتلخيصها"، فيما يمكن للعائلات أن تعاقب أبناءها بحسبها دون تعنيفهم "كحرمانهم من بعض العطل أو بعض وسائل الترفيه"، وطالبت أيضا الوزارة المعنية "بخلق أنشطة وأندية تخول لهؤلاء التلاميذ تفجير طاقاتهم بها".

من جانبه طالب عبد الجبار شكري، وهو دكتور متخصص في علم الاجتماع وعلم النفس بـ"ضرورة تكوين الأساتذة وخلق فضاءات للتلاميذ" لتجنب هذه الظاهرة التي باتت تنخر جسد المنظومة التربوية المغربية.

وقال إنه لا يجب على "الاستاذ اعتبار نفسه موظفا عاديا، بل هو حامل لرسالة نبيلة، تتجلى في التعليم والتربية معا" بمساعدة الإدارة أيضا، حيث يرى أن هذه الأخيرة "لا تتحمل مسؤوليتها في مساعدة الاستاذ على ضبط التلاميذ، رغم أنه يلجأ إليها في مرات عديدة، إلا أنها لا تتخذ أية إجراءات في حقهم ولا تستدعي أولياء أمورهم" وكنتيجة، يجد الأستاذ نفسه وحيدا أمام التلميذ "الذي يتمادى في أفعاله" وهو ما يقوده إلى استخدام العنف.

وبحسبه فإن المسؤولية لا يجب وضعها على عاتق الأستاذ فقط، بل التلاميذ أيضا يتحملون نصيبهم منها إذ "يحاول بعض التلاميذ في المؤسسات الثانوية استفزاز الأستاذ بشتى الطرق، ما يدفع هذا الأخير إلى الضرب، وفي الأخير يقول التلميذ إنه مظلوم والأستاذ ظالم".

وكحل يرى الدكتور شكري أنه على الأستاذ منذ البداية فرض وجوده داخل القسم، وهذا لا يتم بالضرب بل بطرق تربوية، وأن يضع مسافة احترام بينه وبين التلاميذ، و"بدل استعماله للعنف سواء اللفظي أو المعنوي، يمكنه اللجوء إلى أولياء الأمور، واختيار حلول بديلة".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال