القائمة

أخبار  

عدنان مطرون.. من الولع سرا بالموسيقى إلى قائد على خشبة المسرح

تحتاج خشبة المسرح إلى قائد، يعمل على بث روح الانسجام وسط العازفين وخلق تناسق بين الآلات الموسيقية. مهمته أصعب بكثير، لكن "متعتها في صعوبتها". هذا هو حال القائد الموسيقي المغربي عدنان مطرون.

نشر
عدنان مطرون
مدة القراءة: 4'

علاقة كاتب الموسيقي وعازف الجيتار المغربي عدنان مطرون بالموسيقى في البداية كانت سرية، لتتحول بعد ذلك إلى علاقة حب وشغف لا يمكنه إخفاؤها، لأنها تنعكس على ملامح وجهه وهي السر وراء الابتسامة التي لا تفارقه على خشبة المسرح.

يسترجع الموسيقي المغربي ذكريات بداياته خلال حديثه مع يابلادي قائلا "بالموازاة مع دراستي الثانوية، كنت أذهب للمعهد الموسيقي خفية عن أسرتي، لأنهم كانوا رافضين للفكرة خوفا من تأثيرها سلبا على دراستي. وظل الامر هكذا إلا أن حصلت على شهادة البكالوريا بميزة جيدة جدا. وأثبت لهم أنني أستطيع التوفيق بين الدراسة والموسيقى".

وبعد اقتناع أسرة عدنان البالغ حاليا من العمر 49 سنة بالفكرة، لم يعترضوا طريقه الفني وأصبحوا من أوائل المشجعين له "قررت بعدها متابعة مشواري الدراسي والغنائي معا. بالنسبة لدراستي الجامعية اخترت شعبة الجيولوجيا وفي نفس الوقت قمت بالتسجيل بالمعهد الوطني للموسيقى والرقص بالرباط، حيث تعلمت بداخله الايقاع والهارموني والعزف على مجموعة من الآلات الموسيقية".

ورغم أن الموسيقي المغربي تمكن من النجاح في مساره الدراسي، وحصل على إجازة في الجيولوجيا بميزة جيدة إلا أن المجال الموسيقى هو الذي انتصر في آخر المطاف "أتممت دراستي الموسيقية في نفس السنة. وبعد سنتين تخرجت أستاذا للموسيقى واشتغلت في مجموعة من المؤسسات والمعاهد الموسيقية لمدة 8 سنوات"، وانتقل بعدها إلى مدينة الدار البيضاء، وعمل كمسير للمدرسة الموسيقية بالمعهد العالي للتجارة والصناعة.


ما بين سنتي 2014 و2016 انتقل إلى فرنسا من أجل إتمام دراسته في المجال الموسيقي أيضا، ليعود بعد قضائه سنتين في العاصمة الفرنسية، حاملا بيده شهادة معالج بالموسيقى، وقام بفتح عيادته الخاصة، وترك مهنته كأستاذ بالمعاهد الموسيقية وتفرغ للعلاج الموسيقي وإحياء السهرات.

قاد عدنان مطرون العديد من الفرق الموسيقية، في مجموعة من الجولات داخل وخارج أرض الوطن، والشيء المتميز في فرقته هو التنوع الذي تزخر به سواء في الجنسيات أو الفئات العمرية، لكن رغم اختلافهم تجمعهم لغة واحدة وهي "لغة الموسيقى".

"لو كانت الفرقة الموسيقية 100 في المائة مغربية لما خرجت بذلك الشكل الذي تظهر عليه. أن ترى مغربي يعزف موسيقى مغربية ليس بالشيء الغريب لك أن يعزف أجنبي مقطوعة مغربية وبروح مغربية فهذا ما يميزها. لكن العازف المغربي يبقى الحلقة المهمة".

عدنان مطرون

تعلقه بالثقافة المغربية التي ترعرع عليها، هو السبب في اختياره لمقطوعات مغربية بشكل خاص، حيث قال "لم أرغب في التجرد من هويتي. درست كل ما يتعلق بالموسيقى الغربية ووظفته في الموسيقى سواء العربية أو المغربية بشكل خاص"

قبل عشر سنوات قام القائد الموسيقي بتأسيس جمعية " Maroc en chœur" التي تهدف إلى تشجيع ونشر الغناء الكورالي بالمغرب، وهي المسؤولة عن تنظيم مهرجان "صوت"، وهو مهرجان دولي للكورال والموسيقى السمفونية، يجمع بين موسيقيين من مختلف بقاع العالم، يتم تنظيمه كل سنتين.

"لا نحصل على أي دعم من أي جهة. حتى مصاريف الموسيقيين، فإن الجمعية هي التي تتكفل بها سواء القادمين من داخل الوطن أو خارجه وهو ما يكلفنا كثيرا. بالرغم من ذلك أشعر بالفخر لأنني جمعت بين موسيقيين عالميين يعزفون بروح مغربية. هذا في حد ذاته إنجاز".

عدنان مطرون

ويتم تنظيم هذه التظاهرة بالاعتماد مداخيل الجمعية، التي تتأتى من خلال السهرات التي يحييها القائد الموسيقي المغربي رفقة مجموعته، والتي "غالبا ما نحييها في الكنيسة بالدار البيضاء. وهو المكان الذي يفتح لنا أبوابه ويستقبلنا في كل مرة بفرح وسرور" مشيرا إلى أنه يقوم بتنظيم سهرات مجانية أيضا بداخله.

في سنة 2017 قام بتأسيس جمع" El sistema maroc" ، التي تهدف إلى إدماج الأطفال في وضعية اجتماعية صعبة في عالم الموسيقي ويوضح أنه تم وضع "أساتذة موسيقيين متمكنين رهن إشارة هؤلاء الأطفال، ونوفر لهم مجموعة من الآلات الموسيقية من أجل تكوينهم وضمهم إلى مجموعة الأوركسترا التي أقودها. وكل هذا بالمجان".

رغم أن مسار عدنان الموسيقي حافل إلا أنه لم يسبق له أن حصل على أية جائزة ليس لأنه لم يتمكن من ذلك ولكنه اختيار شخصي، وأوضح قائلا "أرفض المشاركة في أي مسابقة موسيقية" لأنه في نظره لا يجب إدراج الموسيقى في خانة المسابقات، فكل موسيقى يبدع بطريقته الخاصة".

"لا تهمني التصنيفات ولا الجوائز كيفما كانت حتى مادية أنا في غنى عن ذلك. هدفي هو تمرير تجربتي للشباب المغربي. وإيصال الاغنية المغربية للعالمية بطريقتي الخاصة".

عدنان مطرون

لا ينظر عدنان إلى الموسيقى على أنها مهنة بل "هي دواء وشفاء للروح. اعترضت طريقي مرارا وتكرارا مشاكل عديدة، لكن تجاوزتها بفضل الموسيقى التي تسكن روحي" والتي زرع حبها أيضا في قلب ابنه البالغ من العمر 13 سنة وهو عازف  لآلة " الكلارينيت" وابنته ذات الثماني سنوات والتي تعزف على "الكمان". لهذا يدعو عدنان مطرون الجهات المختصة إلى النهوض بموسيقى الكورال من خلال تكوين الشباب وإحداث شراكات مع المعاهد الموسيقية.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال