القائمة

أخبار

ابتدائية الدار البيضاء: خروقات وأحكام في الآلاف من الملفات جملة واحدة دون تبليغ المدعى عليهم

في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء يتم النطق بالأحكام باسم جلالة الملك في عدد كبير من الملفات خلال الجلسة الأولى دون تبليغ المدعى عليهم أو دفاعهم، حيث يتم توجيه الاستدعاءات إلى عناوين خاطئة. ويقف وراء هذه الممارسة المستمرة منذ سنة 2017 على الأقل، نفس القضاة والمحامين والشركات المدعية.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

الساعة الحادية عشرة صباحا من 12 دجنبر 2019، تتعامل الغرفة السادسة في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، والمكلفة بالنظر في النزاعات التجارية مع 1077 ملفا دفعة واحدة. سرعة قياسية في التعامل مع الملفات تسجلها العدالة المغربية وربما العالمية.

كل هاته الملفات وضعتها مجموعات من الأبناك الكبيرة، والمؤسسات المالية، وشركات التأمين، وشركات الاتصالات ومزودي الكهرباء وغيرها من الشركات العامة الكبرى.

خلال الجلسة الأولى تم النطق بالحكم في 1000 ملف وذلك وفقا لطلب المحامي، وبعد سبعة أيام شهدت نفس الغرفة، النطق من طرف نفس القاضيبـ 459 حكما دفعة واحدة، كلها وفق طلب نفس المحامي.

منذ يناير 2017 وإلى فبراير 2020 تم النطق بـ 81375 حكما بنفس الطريقة. وفي نفس الملفات تظهر نفس أسماء القضاة (ما بين 4 و 6 حسب السنة)، ونفس المحامين ( 6 في المجموع)، ونفس الشركات المدعية. 

يوجد عشرة قضاة مكلفون بالشؤون التجارية بالمحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء، لكن قاض واحد استأثر بالنطق بالأحكام المتعلقة بنصف الملفات المعروضة على المحكمة. في سنة 2017 نظر هذا القاضي في آلاف الملفات: في 18 يناير نظر في 500 ملف، في 18 فبراير فحص 8500 ملف، في مارس نظر في 317 ملف، فيما نظر في 747 ملف يوم 26 أبريل 2017، كما نظر في مئات الملفات خلال الأشهر الأخرى.

وفي 28 فبراير زادت وثيرة النظر في الملفات حيث تعامل مع 1170 ملفا دفعة واحدة، وفي 7 مارس نظر في 1258 ملفا، وفي 14 من الشهر ذاته كان على مكتبه 1207 ملفا.

وإضافة إلى هذا القاضي، يوجد قضاة آخرون يتمتعون بنفس "الكفاءة"، حيث ينظرون فيما بين 800 و 1200 ملف في الجلسة الواحدة.

وأكد بعض ضحايا هاته الأحكام ليابلادي، أن القاسم المشترك بين جميع هاته الملفات، هو أسماء القضاة، وأسماء المحامين، وأسماء الشركات المدعية، وتحدثوا عن وجود عدة خروقات قانونية منها اللجوء إلى المحكمة الابتدائية رغم أن النزاع بين كيانين تجاريين.

دعاوى رفعت أمام ابتدائية الدار البيضاء والمدعى عليهم يقطنون بمدن أخرى

رغم أنه في حالة وجود نزاع تجاري مع شركة، يمكن للمحكمة الابتدائية النظر في الطلبات التي لا تتجاوز قيمتها 20.000 درهم، إلا أن العديد من الملفات التي اطلع عليها موقع يابلادي تتجاوز هذا المبلغ. كما أن ابتدائية البيضاء قضت في حق عدد كبير من الجماعات الحضرية والقروية بالدفع، رغم أنه لا تتواجد بالدار البيضاء، يبقى هذا الأمر من اختصاص المحاكم الإدارية.

وفي تصريح لموقع يابلادي يؤكد أحد الضحايا أنه أصيب بالدهشة حينما تم إبلاغه بإدانته من قبل ابتدائية البيضاء، دون أن يتلقى أي استدعاء لحضور المحاكمة، وقال "تم النطق بالحكم في آلاف الملفات التي يلزم لمراجعتها وقت كبير"، دون أن يتمكن أغلب المشتكى بهم من توكيل محام، "مما يشير إلى أن عمليات الإبلاغ لم تتم بشكل قانوني".

وتتضمن شواهد التسليم التي  وجهت للمدعى عليهم من أجل تبليغهم، بحسب ما اطلع عليه موقع يابلادي عناوين مزيفة في الغالب. ورغم أن بعض الشركات يوجد مقرها في مدن أخرى إلا أنه تم التنصيص في المقال بأنها توجد بمدينة الدار البيضاء، وقدم المقال أمام المحكمة الابتدائية بالبيضاء، وعلى سبيل المثال ففي حالة شركات من تزنيت أو تازة أو مراكش تم وضع عناوين كاذبة تشير إلى مدينة الدار البيضاء.

بالإضافة إلى ذلك يتم التنصيص في المقال الالمقدم منطرف المحامي أسماء المشتكى بهم باللغة الفرنسية فقط، بينما يجب الإشارة إليها قانونا باللغة العربية، ويتم ذلك أيضا في محاضر الجلسة. كما أن هذه المحاضر لم تكتب بخط اليد في المحكمة، وتمت كتابتها عن طريق الحاسوب من أجل تسهيل تدوين مئات الملفات باستخدام تقنيات تساعد على ربح الوقت. وهو ما يظهر من خلال ادراج المبلغ المحكوم به بين قوسين.

انتهاك للقانون

كل هاته الانتهاكات تشكل في المقام الأول خرقا لمبدأ المحاكمة العادلة، الذي ينص عليه الفصل 120 من الدستور، والذي جاء فيه "لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول. حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم". وفي القضايا السالفة الذكر كانت الأحكام تنطق في الجلسة الأولى دون حضور الدفاع.

كما أن هذه الممارسات تنتهك المادة 111 من القانون رقم 31.08 القاضي بحديد تدابير لحماية المستهلك، والتي تنص فقرتها الأولى على أنه "يجب أن تقام دعاوى المطالبة بالأداء أمام المحكمة التابع لها موطن أو محل إقامة المقترض خلال السنتين المواليتين للحدث الذي أدى إلى إقامتها تحت طائلة سقوط حق المطالبة بفوائد التأخير". 

وإضافة إلى ذلك ينص الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية على أنه "ترفق بالاستدعاء شهادة يبين فيها من سلم له الاستدعاء و في أي تاريخ و يجب أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من الشخص الذي تسلمها في موطنه. و إذا عجز من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه أشار إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ و يوقع العـون أو السلطة على هذه الشهادة في جميع الأحوال و يرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة".

ويؤكد الفصل ذاته على أنه "إذا تعذر على عون كتابة الضبط أو السلطة الإدارية تسليم الاستدعاء لعدم العثور على الطرف أو على أي شخـص فـي موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية بالأمر.

توجه حينـئـذ كتابة الضبط الاستدعاء بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل.

إذا رفض الطرف أو الشخص الذي له الصفة، تسلم الاستدعاء أشير إلى ذلك في الشهادة.

يعتبر الاستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف أو الشخص الذي له الصفة في تسلم الاستدعاء".

وبحسب محامي أحد الضحايا فإن "العناوين الواردة في التبليغات تشكل تزويرا يعاقب عليه القانون الجنائي"، وعبر عن إدانته لما وصفه بـ"الخداع"، الذي ذهب ضحيتها 81375 مواطن منذ 1 يناير 2017 على الأقل.

آخر تحديث للمقال : 12/03/2020 على 12h23

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال