القائمة

أخبار

المغرب: فيروس كورونا المستجد بين الطب والشرع

انتقد علماء الاجتماع ورجال الدين والأطباء، تطاول البعض على اختصاص العلماء والاطباء، والحديث عن التوصل لوصفات بالاعتماد على أعشاب معينة تقضي على فيروس كورونا المستجد.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

منذ بداية انتشار فيروس كورونا في المغرب، لجأ الكثير من ممتهني الطب التقليدي إلى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تقديم "وصفات" و"نصائح" قد تتعارض في مرات عديدة مع ما ينصح به الأطباء من أجل تفادي الإصابة بالمرض، الذي لازال العلماء يبحثون عن لقاح له لحدود الآن.

ومن بين هؤلاء شخص يدعى محمد زين الدين يقدم نفسه على أنه "باحث في النباتات الطبية ومدير شركة لمستحضرات التجميل"، ظهر في شريط فيديو تداوله الآلاف على صفحاتهم الخاصة في منصات التواصل الاجتماعي، قال فيه "إنه تلقى مكالمات من خارج المغرب"، بعد إعلان "امتلاكه وصفة لعلاج مرض فيروس كورونا".

وقال في مقابلة مع وسائل إعلام مغربية "إن وصفته تقوي المناعة وتقتل جميع الفيروسات والبكتيريا"، وتجاوز إجمالي مشاهدات شريط الفيديو 1,5 مليون مشاهدة.

وفي شريط فيديو آخر نشره موقع إخباري مغربي وعاد ليحذفه، ظهر "راق شرعي" وهو يدعي أنه اكتشف علاجا يقضي على فيروس كورونا، بالاعتماد على ما "جاء به الإسلام"، مدعيا أن "العسل الممزوج مع الحبة السوداء يقضي على فيروس كورونا".

فيما قال "خبير" فلسطيني مقيم في المغرب بدوره إنه توصل إلى علاج للفيروس الذي حير العلماء، وادعى أنه "يقتل الفيروس 100٪"، وتابع أنه يعتمد "ثلاثة طرق لعلاج المصابين بالمرض في المغرب" مؤكدا أن وصفته "آمنة بنسبة 1000 ٪ وأن الشفاء مضمون في أقل من 36 ساعة".

وإضافة إلى هؤلاء أحدث محمد الفايد الذي سبق له أن نصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة بالصوم رغم تحذيرات الأطباء، جدلا واسعا بعدما ربط بين صيام شهر رمضان والقضاء على الفيروس التاجي.

ففي مقابلة مع قناة جزائرية قال الفايد إن "الصيام يساعد في محاربة فيروس كورونا" وأوصى باستنشاق "القرفة والقرنفل"، قائلا إن ذلك يقلل من "كمية الفيروسات في جسم الانسان بنسبة تتراوح بين 70 و 80٪".

"دجالون" يسيئون إلى الدين

وفي تصريح لموقع يابلادي قال علي الشعباني أستاذ علم الاجتماع إنه "لا يجب الخلط بين الدين وبعض المسائل العلمية الحديثة. هناك من يعتبر أن القرآن يتضمن الكثير من الأمور العلمية، وهذا قد يكون صحيحا، لكن القرآن لم يأت على ذكر التفاصيل كما يعالجها العلم في الوقت الراهن".

وتابع أن "المنهج العلمي لتحليل المادة شيء والكلام عن المادة شيء آخر، لذلك لا يجب أن نخلط بين التحليل والوصف، هناك فرق كبير بينهما".

"قد ينبهنا الدين إلى سبل الوقاية كالنظافة وعدم الدخول إلى الأماكن الموبوءة، وهذا من باب النصيحة والارشاد والدين لم يقل إنه يعالج الأمراض. وهنا يقع الخلط عند بعض الناس، ويحولون الدين إلى شعوذة ودجل وخرافات، ويشوهون الدين، هؤلاء الدجالون يركبون على الدين للإساءة إليه".

علي الشعباني 

بدوره قال محسن بنزاكور، أستاذ التعليم العالي، والمتخصص في علم النفس الاجتماعي ليابلادي إن العلماء في مختلف دول العالم "في مرحلة اكتشاف" فيروس كورونا، وتابع أن الادعاء بالتوصل لدواء أو وصفة للقضاء عليه مجرد أكاذيب.

وقال "لا يمكننا التلاعب بصحة المواطنين"، وأَضاف أن هؤلاء الأشخاص "يمنحون آمالا كاذبة للمواطنين عن طريق استغلال الدين".

وبحسب بنزاكور فإن المواطنين والدولة مسؤولون عن انتشار مثل هذه الأكاذيب، وقال "في نظري الدولة المغربية مسؤولة، لأن هناك الكثير من المشعوذين يمارسون شعوذتهم بكل حرية، واليوم فقط ندافع عن العلم والطب".

المغاربة لا يبحثون عن الحقيقة، وهم على استعداد للاستماع لأي شيء، وكل شيء. هؤلاء المشعوذون تسلط عليهم اليوم الأضواء لأن هناك الكثير من الناس الذين يتابعون ما يقولون بسذاجة. كما أن المواطن المغربي مسؤول عما يحدث لأنه يصدق بسهولة أي كلام مغلف بخطاب ديني".

محسن بنزاكور

من جانبه قال المنتظر العلوي، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، في تصريح لموقع يابلادي "لا يمكن مقارنة الأطباء المتخصصين، الذين أفنوا حياتهم في دراسة العلوم، مع هؤلاء الأشخاص غير المؤهلين"، وعبر عن أسفه من كون أن "الحديث عن الأعشاب والطب البديل بالاعتماد على سجل تراثي وديني يحظى بشعبية كبيرة في المجتمع المغربي".

وبحسبه فإن "الكثير من المغاربة يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة، ولا يستطيعون تحمل تكلفة الطب الحديث الذي يتطلب تحليلات وفحوصات قد تكون باهظة الثمن". غير أنه حذر من "الطب التقليدي القائم على الأعشاب "والذي يمكن أن تشكل وصفاته خطرا على الناس". 

"يجب على المغاربة أن يظلوا يقظين ولا شيء يمكن أن يحل محل تشخيص الطبيب. هؤلاء الأشخاص الذين يلجأ إليهم البعض للحصول على وصفات طبية، ليسوا أطباء".

المنتظر العلوي

بدورهم حذر علماء الدين من الأشخاص الذين يدعون التوصل إلى وصفات طبية من خلال تغليف خطاباتهم بالدين الإسلامي، وفي تصريح لموقع يابلادي قال لحسن بن إبراهيم سكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة "علاج المرض مرتبط بعمل الأطباء وليس بعمل الفقهاء، الفقهاء دورهم هو توضيح ما قاله الله للناس فقط".

وتابع "من يتحدث باسم الطب وهو ليس طبيب، يتطاول على اختصاص ليس باختصاصه".

فيما قال عبد الله كديرة رئيس المجلس العلمي بالرباط، ليابلادي "مثل هذا الكلام يسيء للدين ولا يخدمه، لأنه لكل اختصاصه، وما دون ذلك مجرد رجم بالغيب". 

"العلماء يجرون تجارب علمية للتوصل إلى دواء واكتشاف ما يمكن أن يعالج الأمراض، وهم الذين لهم الحق في الحديث عن كيفية ذهاب الأمراض ووقت ذلك".

عبد الله كديرة 

وتابع "لا يجب أن ندعوا الناس إلى أمور لا نعلم عنها شيئا، الله تعالي جعل لكل داء دواء عَلِمَهُ من عَلِمَهُ وجَهِلَهُ من جَهِلَهُ، (...) هؤلاء يريدون خلق البلبلة لأنهم يتدخلون في أمور لا تعنيهم".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال