القائمة

أخبار

فيروس كورونا: المغرب والجزائر وتونس.. استراتيجيات متشابهة ووضع تحت السيطرة ‎

رغم أن السياسة تفرق بين دول المغرب العربي، إلا أن أزمة فيروس كورونا جعلت كلا من المغرب والجزائر وتونس تعتمد استراتيجيات متشابهة للحد من تفشي الوباء مع فروقات بسيطة.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

تعتبر منطقة المغرب العربي أقل تأثراً نسبياً بالأزمة الصحية الحالية، خصوصا إذا ما تمت مقارنتها بالدول الأوروبية المجاورة لها جغرافيا كدول إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، التي وتضم جزءاً كبيراً من الجالية المغربية والجزائية والتونسية.

واعتمد المغرب والجزائر وتونس إجراءات احترازية في وقت مبكر جداً، كإغلاق الحدود، وفرض الحجر الصحي، وإجبارية ارتداء الكمامات الوقائية. وقد أدت هذه التدابير الاستباقية، التي كانت ضرورية أمام هشاشة المنظومة الصحية في الدول الثلاث، إلى تجاوز تسونامي الوباء الذي شهدته كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

مع ذلك، يخفي الوضع الوبائي المطمئن بشكل عام في المغرب الكبير الاجراءات التي تتباين بشكل ملحوظ، بعد أن ظلت متشابهة لفترة طويلة.

وتعد الجزائر من الدول الأكثر إثارة للقلق في الدول المغاربية، بعد تسجيلها أكثر من 5700 حالة مؤكدة وأكثر من 500 حالة وفاة. كما أن عدد الحالات اليومية المؤكدة مستمر في التسارع ولم يبلغ ذروته حتى الآن. ويبدو أن انخفاض عدد الحالات اليومية في أبريل يعود إلى انخفاض عدد الاختبارات، إذ تم إجراء ما يقرب من 6500 اختبار فقط.

واتسمت إجراءات الحجر الصحي في الجزائر بالعشوائية، حيث ساهم تردد الحكومة في فقدان جزء كبير من الشعب ثقته فيها. فبعد شهر هادئ إلى حد ما خلال بداية أبريل، استمر عدد الحالات المصابة بالفيروس في الازدياد بشكل ملحوظ طوال نهاية أبريل وبداية ماي.

مع ذلك هناك نقطة مطمئنة، فرغم ارتفاع عدد حالات الإصابة المؤكدة، إلا أن هناك تباطأ في حصيلة الوفيات. وأوضح وزير الصحة الجزائري عبد الرحمن بن بوزيد مؤخرا أن هذا الاتجاه يعزى إلى استخدام البروتوكول العلاجي القائم على الكلوروكين.

أما المغرب فد تجاوز مؤخرا عتبة 6000 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد. فبعد تسجيل ذروة انتشار الفيروس في منتصف أبريل، شهدت المملكة تراجعا في عدد الحالات المسجلة في نهاية نفس الشهر، لكن الحالات التي تم تسجيلها في أوائل شهر ماي الجاري، شكلت مصدر قلق بالنسبة للسلطات الصحية.

وتجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي لا يمتثل فيه بعض المغاربة بالحجر الصحي ولقواعد مسافة الأمان أثناء التجمعات (المصانع والثكنات والسجون والأسواق...)، فإن أغلب الحالات الإصابة المؤكدة التي يتم تسجيلها، تكتشف وسط المخالطين. ومند عدة أسابيع، أصبحت تجرى الاختبارات أيضا على المخالطين الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض.

وشهد عدد حالات الشفاء، ارتفاعا ملحوظا، مما أدى إلى استقرار منحنى الحالات النشطة. ومع ذلك، قد لا يستمر هذا الوضع لفترة طويلة، خاصة عند تخفيف إجراءات الحجر الصحي.

ويتمثل الجانب الإيجابي، في كون أن منحنى الوفيات يقترب من الصفر بعد تسجيل الذروة  خلال الأسبوع الأول والثاني من أبريل، إذ يمكن تفسير هذه النتائج المشجعة، أولا بمعرفة أفضل للمرض، ثم بفضل اعتماد أدوية هيدروكسي كلوروكوين وأزيتروميسين في علاج حالات الإصابة المؤكدة، ولكن أيضًا الفحص المبكر والمنهجي.

وتبقى تونس هي الأقل تضررا بين البلدان المغاربية الثلاث، بعد تسجيلها 1000 إصابة مؤكدة و 45 حالة وفاة. فبعد بلوغها الذروة في أواخر مارس، عادت لتسجل ذروة صغيرة ثانية في منتصف أبريل، ليتخذ المنحنى بعد ذلك طريقه نحو النزول تدريجيا.

ويعتبر منحنى الحالات النشطة خير دليل على هذا الاتجاه المطمئن، خصوصا بعد الوصول إلى الذروة في منتصف أبريل وتسجيل انخفاض جد ملموس بعدها في أوائل ماي. كما أن معدل الوفيات، قريب من معدل الوفيات في المغرب. فيما تشهد حالات الشفاء ارتفاعا ملحوظا مقابل انخفاض في حالات الإصابة المؤكدة.

ومع ذلك، لم تؤدي هذه النتائج الإيجابية إلى الرفع المبكر للحجر الصحي المقرر في 24 ماي. ففي 8 ماي، حيث دعا وزير الصحة التونسي، عبد اللطيف المكي، مواطنيه إلى عدم استسهال خرق الحجر الصحي والالتزام بقواعد الوقاية، التي ساعدت على تجنب انتشار كوفيد 19. وحذر من  الاغترار بالأرقام الايجابية لأن "عدم التوقي بالطرق المعلومةو من بينها التباعد الجسدي و الكمامة يمكن أن يبخر هذه النتائج" وبالتالي العودة إلى الحجر الصحي.

في المغرب، أكد وزير الصحة أنه من غير الممكن رفع الحجر الصحي، إلا إذا ظل معدل انتشار الفيروس (R0) أقل من 1 لأكثر من أسبوعين. إذ يبدو من غير المحتمل أن يتم رفع الحجر الصحي، كما هو مقرر له في 20 ماي، وكما يأمل الكثير من المغاربة. فمن المحتمل لأن يتم اتخاذ هذه الخطوة بشكل تدريجي، كما اقترح محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض المعدية في وزارة الصحة. وتمت إثارة الجدل نفسه في الجزائر بشأن الرفع من الحجر الصحي تدريجيا، إذ يتوقف ذلك بشكل خاص على معدل الوفيات وعدد الإصابات الجديدة التي تم تسجيلها.

ولكن بغض النظر عن تواريخ رفع الحجر الصحي وطنيا أو تدريجيا، سيتعين على الدول الثلاثة تعزيز الرقابة على التدابير الصحية، لتجنب تفشي الوباء مرة أخرى، وسيبقى العنصر الحاسم وقتها هو تعميم الاختبارات. فاليوم تدفع الجزائر ثمن عدم إجراء تحليلات كافية، حيث بلغ متوسط عدد التحليلات 148 لكل مليون نسمة. فيما يحاول المغرب استدراك تأخره، (متوسط عدد التحليلات 1786 لكل مليون نسمة) وتونس التي أجرت العديد من الاختبارات (بمعدل 2479/1 مليون)، وربما كان هذا العامل من بين أهم العوامل الرئيسية التي ساعدت أرض الياسمين من مكافحة هذا الوباء.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال