القائمة

أخبار

دياسبو # 150: سعيدة رواس وقصة السفاح المغربي "الحاج المسفيوي"

سعيدة رواس، كاتبة بريطانية من أصول مغربية، تربطها علاقة قوية بالتاريخ المغربي. وهي صاحبة كتاب " Assembly of the Dead" (جامع الفنا بالعربية)، تحكي فيه قصة السفاح المغربي الملقب بالحاج المسفيوي.

نشر
سعيدة رواس
مدة القراءة: 5'

مند سن مبكرة وسعيدة رواس تحلم أن تصبح كاتبة. ولدت هذه الشابة الطموحة في شرق لندن وسط عائلة مغربية هاجرت من مدينة العرائش في الستينيات. لكن لم تتح لها الفرصة لاكتشاف مهاراتها في الكتابة ورواية القصص، إلا بعد بداية مغامرتها مع السفر.

بعد تخرجها من الجامعة، عملت سعيدة كمدرسة، لتصبح بعدها بفترة قصيرة، مديرة مشروع في مجموعة من المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية الدولية في العديد من البلدان، وهو ما أتاح لها الفرصة للسفر كثيرا، لتنطلق أنذاك مغامرتها مع الكتابة.

وخلال إقامتها في مصر في عام 2010، كتبت سعيدة أول كتاب لها تحت عنوان "ثمانية عشر يومًا من الربيع في الشتاء"، تحكي فيها قصة طالبة أدب في القاهرة خلال فترة الثورة وبعد إصدارها الكتاب، طلبت منها دار النشر مواصلة الكتابة.

وتحكي سعيدة ليابلادي قائلة "لطالما أردت أن أكون كاتبة وكنت أميل جدا إلى الكتابة، لكنني لم أخصص لها الوقت الكافي إلا بعد انتقالي للعيش في الخارج".

وبعد انتهاء مهمتها في مصر، انتقلت الكاتبة المغربية، إلى عمان في مهمة أخرى للعمل مع جمعية خيرية بيئية، في تلك المرحلة وقعت بالصدفة على قصة مثيرة للفضول، كانت تتحدث عن سفاح مغربي عاش في مراكش عام 1906.

وتتذكر قائلة "اكتشفت هذه القصة من خلال جريدة قديمة كانت تتحدث عن سفاح مغربي شبيه بالسفاح جاك" وأضافت "تدور أحداثها حول رجل قتل مجموعة من النساء في مدينة مراكش". وهو ما جدب اهتمامها أكثر لأن القصتين لهما قاسم مشترك، وتجمع بين ثقافتين كانت على دراية بهما، إذ أن جاك من المنطقة التي ترعرعت فيها والثاني تعود أصوله إلى المغرب.

قالت سعيدة "لقد ترعرت في شرق لندن وكنت على دراية كبيرة بقصة جاك السفاح الذي اشتهر اسمه هناك، لكن لم أكن على علم بأن هناك رجل مثله في المغرب".

فضول الكاتبة المغربية حول قصة صانع الأحذية المقيم في مراكش الحاج محمد المسفيوي وعمليات القتل التي دبرها في المدينة، دفعها إلى السفر إلى المغرب. وقالت "في البداية، اعتقدت أنها قصة خرافية ولا أساس لها من الصحة، ولكن عندما عدت إلى لندن في الصيف ذهبت إلى المكتبة البريطانية وعثرت على مجموعة من الصحف التي تتحدث عن جرائم القتل التي شهدها المغرب عام 1906".

وانتقلت سعيدة بالفعل إلى مراكش، حيث قضت ستة أشهر وهي تحاول جمع السجلات حول عمليات القتل التي ارتكبها المسفيوي وأيضا التعرف على تاريخ المدينة، ثم بعدها انتقلت إلى الرباط قبل أن تعود إلى لندن بسبب ظرف عائلي طارئ.

وبعد جمعها المعلومات، كتبت قصة مستوحاة من قضية المسفيوي، تحمل عنوان "Assembly of the Dead"، تحدثت فيها عن عمليات القتل الوحشية التي ارتكبها، وكيف حاول محقق بارع حل لغز الجريمة.

ولم يتحدث الكتاب عن سلسلة الجرائم التي هزت مراكش في ذلك الوقت فقط، ولكن أيضا عن التحول التاريخي الذي شهده المغرب خلال نفس الفترة. وأوضحت قائلة "أردت أن أكتب قصة بوليسية في هذا السياق بالذات". وتابعت "في تلك السنة من 1906 انعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء، عندما أرادت أوروبا تقرير حول ما تريد القيام به مع المغرب".

"آنذاك تعرضت المدينة لهجوم الجراد، وكانت التمردات القبلية تتحول ضد السلطان بسبب القوى الأوروبية وكان الناس يخافون من المجاعة. في ظل كل هاته الفوضى، كان الرجل يرتكب جرائمه ضد النساء"

سعيدة رواس

وزادت قائلة "أردت أن أتحدث في القصة أيضا عن النساء اللاتي تم استهدافهن في هذه العمليات الإجرامية. كان مهما بالنسبة لي أن أجسدهن في شخصيات ولا أحصرهن في أرقام مجهولة الاسم.

واختارت سعيدة إطلاق كتابها في مراكش حيث تدور أحداث القصة. وفي وقت لاحق تلقت عرضا من منتج هوليوود رونالد كار، الذي عبر عن اهتمامه ببيع الكتاب.

"في عام 2018، أقامت احتفالا في "مقهى كلوك" الواقع بمراكش من أجل توقيع الكتب. ورأى المنتج خلال زيارته للمقهى فيما بعد، ملصق الكتاب وطلب واحدا. ولأنه كان يعمل على فيلم آخر، لم يستطع قراءته، إلا قبل أشهر قليلة، وأدرك أنه يمكنه العمل على هذا المشروع".

سعيدة رواس

وفي السنوات القادمة، يمكن تصوير سلسلة قصيرة مستوحاة من كتاب سعيدة، من خلال ضم شخصية فاروق العلمي، وهو محقق من مدينة طنجة، بصفته النسخة المغربية لشخصية شيرلوك هولمز. وقالت الكاتبة المغربية "خلال هذه الفترة، كان هناك مجموعة من الأشخاص يشبهون شيرلوك هولمز، بدأوا في تطوير اهتمامهم بالتحقيقات، وفاروق من هذا النوع من الرجال".

وستظل شخصية فاروق حاضرة في أعمال سعيدة المستقبلية، إذ أنها حاليا بصدد كتابة قصة عبارة عن "سلسلة ثلاثية". وقالت "بمجرد أن نشرت الكتاب، سألني الناشر عما أريد أن أفعله أخبرته أنني أرغب في كتابة كتاب ثانٍ، عن فاروق ومحاولته التحقيق في جرائم أخرى".

وسينتقل فاروق هذه المرة إلى فاس في عام 1912، وهي أيضا نقطة تحول أخرى في تاريخ المغرب، لحل الجرائم. كما سيحقق في جرائم أخرى، وقعت في 1920، لكن هذه المرة في منطقة الريف خلال فترة الحرب.

وقالت سعيدة "لدي انطباع بأن أروي قصة الاستعمار من خلال شخصية فاروق" مشيرة إلى أنه لا يمكن إصدار هذه العمل إلا في 2021، بسبب الأزمة الصحية الحالية، وأيضا من أجل إجراء بحث معمق حول الأحداث التاريخية.

وأوضحت الكاتبة أنه منذ كتابتها قصصا حول المغرب، أصبحت علاقتها مع المملكة أكثر متانة من السابق، إذ ترى أن فهمها للمغرب وتاريخه قد نما، وهو شعور تود أن تنقله للقراء الناطقين بالإنجليزية حول العالم.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال