القائمة

أخبار

دياسبو #167 : حكيمة أوعميرة ..سائقة حافلة ورسامة مغربية في دارمشتات الألمانية

بعد أن انتقلت إلى ألمانيا واشتغلت في بداياتها جليسة أطفال، تعيش حكيمة أوعميرة الآن في دارمشتات، حيث حققت أحلام طفولتها، وأصبحت سائقة حافلة ورسامة وأستاذة رسم. وبعد 16 عاما من العيش في الخارج، ستقوم بعرض أعمالها الفنية لأول مرة في المغرب، في الأيام المقبلة.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

ترعرعت حكيمة أوعميرة، ابنة عضو متقاعد من القوات المسلحة الملكية، بعيدًا عن مسقط رأسها في جماعة ايت اوقبلي بإقليم ازيلال، لكنها لم تنسه أبدًا. فعند انتقالها إلى ألمانيا، انطلقت في عالم الرسم، واستوحت لوحاتها الأولى من أزقة طفولتها وأسواق مدينة بني ملال، حيث عاشت أيضًا مع عائلتها.

هاجرت حكيمة إلى ألمانيا في 2003 بعد حصولها على شهادة البكالوريا في المغرب، حيث انتهزت أول فرصة أتيحت لها، لاكتشاف بيئة اجتماعية وثقافية جديدة. وقالت خلال حديثها مع موقع يابلادي "لطالما أحببت السفر مع والديّ عندما كنت طفلة. سافرت إلى ألمانيا بعد حصولي على تأشيرة صالحة لمدة عام واحد فقط، لأنني أحب اكتشاف أماكن جديدة، وفي نفس الوقت عملت جليسة أطفال".

من الرسم كهواية إلى العلاج بالفن

كان لدى حكيمة عميرة حماس كبير لتعلم أي شيء جديد، وبدأت بتعلم اللغة والانغماس في الثقافة الألمانية. لكن بدايتها في بلاد المهجر لم تكن سهلة وقالت "خلال الأشهر الأولى، كان قلبي وعقلي لا يزالان في المغرب". ففي وقت استراحتها من عملها كجليسة أطفال، كانت تعيد التواصل مع وطنها الأم، عبر الرسم. وتتذكر قائلة "قررت شراء الطلاء لأرسم في أوقات فراغي واكتشفت أن ذلك ينفخ بداخلي روح جديدا".

وفي البداية، تعرضت حكيمة إلى وعكة صحية، وتطلبت فترة شفائها وقتا طويلا، وكان الرسم بمثابة متنفسها الوحيد، ينسيها مرارة الألم وفراق عائلتها، وذلك من خلال رسم مناظر طبيعية بقيت راسخة في ذهنها منذ طفولتها، "بفضل ذلك اختفت المشاكل". وتمكنت من تطوير نفسها بنفسها، وبدأت تتفنن أكثر فأكثر في لوحاتها، إلى أن ذاع صيتها في مجال الفن التجريدي الحديث، بابتكارها تقنية خاصة.

وإيمانا منهم بموهبتها، بدأ أقاربها بتشجيعها لإبراز فنها للعالم، من خلال التواصل مع أصحاب الميدان في ألمانيا، وهو ما حصل بالفعل، حيث تمكنت من الحصول على لقاء، غير مجرى حياتها.

"تعرفت على رسامة، بفضل أحد الأصدقاء، كانت تدرس الفنون الجميلة في الجامعة لمدة 14 عامًا. أريتها لوحات، ولاقت إعجابها. وانذهشت أكثر، عندما علمت أنني تعلمت الرسم من تلقاء نفسي، ثم شجعتني على أخذ دروس في الرسم وحضور ورش العمل مع أحد الرسامين".

حكيمة أوعميرة

وتعتبر حكيمة الرسم، ليس فنا فقط بل علاجا أيضا. وبفضل مجهوداتها وملاحظات أصدقائها الرسامين، قامت بتبني أسلوب في الرسم خاص بها، وقررت الولوج إلى هذا العالم، بشكل احترافي في 2008.

وشاركت في معارض جماعية وفردية، قبل أن تبدأ في تدريس تقنيتها في الرسم بإحدى الجامعات في مدينة دارمشتات، التي تبعد عن فرانكفورت بحوالي 35 كلم.

رسامة سائقة حافلة

وإلى جانب الرسم والفن، كانت واحدة من بين النساء القلائل اللواتي يقدن حافلات مدينة دارمشتات، إذ أنها تعمل صباحا سائقة حافلة، وبعد الظهر تغير زي عملها، وترتدي وزرة أستاذة الرسم.

وعبرت عن فخرها قائلة "هذا دليل على أن النساء لا يعرفن معنى المستحيل، حتى عندما يتعلق الأمر بالوظائف التي كانت تعتبر حكرا على الرجال" وأضافت "حتى في مجتمع تسوده المساواة، قيادة الحافلة ليست بالأمر السهل. لكن الناس فخورون بنا ونتلقى تشجيعا من الركاب".

في طفولتها، كانت حكيمة تتساءل عن السبب وراء قلة النساء اللائي يجلسن وراء المقود في وسائل النقل. وقالت "وأنا طفلة كنت أسافر كثيرا رفقة عائلتي في الحافلات واعتدت على رؤية الرجال وراء المقود. وكنت أقول لنفسي إنني سأجلس في يوم من الأيام في ذلك المكان. سواء كانت طائرة أو قطارا أو حافلة أو تاكسي".

وتحكي حكيمة بفخر "في الشركة التي أعمل فيها، كان هناك 240 سائقًا، 6 منهم نساء. تقدمت بطلب تدريب كسائقة وتم بعدها توظيفي".

"عندما تقضي 8 ساعات يوميًا في قيادة حافلة، فإنك تتواصل مع أشخاص من خلفيات مختلفة ومن ثقافات مختلفة، وتكتشف المناظر الطبيعية الحضرية بطريقة أخرى، وبذلك يتوسع الخيال الإبداعي. على عكس الاعتقاد الشائع، ترتبط هاتان المهنتان ارتباطًا وثيقًا لأنه من خلال الانفتاح على مجموعة متنوعة من الخلفيات الاجتماعية والثقافية، يتم محو الحواجز الإبداعية".

حكيمة أوعميرة

وفتحت هذه الثقافة المزدوجة الباب، أمام حكيمة من أجل المشاركة في عروض احترافية في ألمانيا، حيث برز اسمها من خلال تقنيتها الفريدة في الرسم. وقالت "ساهمت الجمعية المغربية الألمانية للثقافة والاندماج في ولوجي إلى الميدان من بابه الاحترافي" وأضافت "أنا سعيدة باهتمام الزوار بعملي، كما أن النقاش مفيد معهم، لأنهم دائما ما يريدون معرفة المزيد".

وورث ابنها البالغ من العمر 15 عاما شغفها بالرسم. وقالت "خلال أحد معارضي التي أقيمت في دوسلدورف عام 2014، عرض أيضًا لوحاته وقام بإرسال المبلغ الذي حصل عليه إلى جمعية للأطفال ذوي الحاجيات الخاصة في الدار البيضاء".

وبالرغم من أن المعارض الفردية، تسمح بإبراز موهبة الرسام أكثر، إلا أن حكيمة ترى أن المعارض الجماعية لديها إيجابيات عديدة أيضا وقالت إنها "تخلق تعاونًا مع جميع الفنانين وتمكننا من التعلم والاستفادة من مدارس فنية مختلفة".

وستقوم الفنانة المغربية بعرض أعمالها الفنية في المغرب للمرة الأولى، في معرض للوحات الفنية بعنوان "الجدار" إلى جانب الفنان محمد أوعمي، في 9 نونبر، وسينظم المعرض من طرف مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج بشراكة مع سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بالمغرب، برواق ضفاف بالمؤسسة. وعبرت حكيمة عن فخرها قائلة "إنه لفخر لي المشاركة في لقاء فني في بلدي الأصلي، مما يسمح لي بتقوية الروابط والعودة إلى الوطن بشكل مختلف".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال