القائمة

أخبار

المهاجرون المفقودون في الأطلسي.. حلم العبور نحو "جنّة" أوروبا

مع كل قارب مهاجرين ينطلق من دول ساحل غرب أفريقيا أو المغرب باتجاه أرخبيل الكناري الإسباني، يعيش أهالي هؤلاء المهاجرين أياما عصيبة، وهم ينتظرون خبرا يفيد بأنهم على قيد الحياة. فقد قضى هناك نحو 400 مهاجر منذ بداية العام.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

"واحد من أصل 24 مهاجرا يلقى حتفه على طريق الهجرة عبر الأطلسي باتجاه جزر الكناري الإسبانية"، تلك النسبة هي وفقا لأرقام منظمة الهجرة الدولية. وحسب منظمات دولية أخرى، لقي أكثر من 400 شخص حتفهم على تلك الطريق منذ بداية العام الحالي، ما يضعها في مصاف أخطر طرق الهجرة، وفي مرتبة متقدمة عن وسط المتوسط.

تشيما سانتانا، من المفوضية الإسبانية لمساعدة اللاجئين (CEAR) قال لمهاجر نيوز "تصلنا رسائل يوميا من عائلات أشخاص انطلقوا من سواحل غرب أفريقيا باتجاه الكناري، مضى على انطلاقهم زمن طويل ولم يسمعوا منهم شيئا. للأسف ما بوسعنا القيام بشيء من أجلهم". وأضاف "بالنسبة لأعداد المفقودين، أعتقد أن العدد أكثر بكثير من 400. أعتقد أن هناك الكثير من القوارب التي تاهت في المحيط دون علمنا".

"لا أريد العودة إلى حيث سأموت جوعا"

مأساة المفقودين تعكس نفسها على كامل مشهد الهجرة في الأرخبيل الإسباني، تكاد لا تلتق بمهاجر واحد إلا ولديه قريب أو صديق مفقود في تلك المنطقة.

حبيب، مهاجر مالي وصل إلى جزيرة غران كناريا قبل نحو ثلاثة أسابيع. بلغة عربية بسيطة وصوت خجول يقول المهاجر البالغ من العمر 25 عاما "لدي الكثير من أقاربي ممن غادروا منذ مدة طويلة باتجاه الكناري، لكننا لم نسمع منهم شيئا".

يتحدث الشاب عن فترات تتراوح بين 2006 و2011، "أحد أقاربي، وهو صياد سمك، انطلق برحلة البحث عن مستقبل أفضل قبل خمس سنوات، زوجته مازالت تنتظر خبرا منه إلى الآن". يعتدل حبيب بجلسته ويرفع صوته قليلا "أنا صياد سمك. لم أعرف غيرها مهنة بحياتي. جميع الصيادين على الساحل الغربي لأفريقيا يريدون الهجرة، أتعلم لماذا؟ ما من رزق في البحر، لم يعد الصيد يكفينا قوت يومنا. ولهذا أسباب كثيرة لا أود الخوض بها. ولكني أعرف أنني لا أريد العودة إلى حيث سأموت جوعا. ما من أحد يأبه لأمرنا هناك".

غادروا قبل نحو ستة أسابيع

مهدي، مهاجر مغربي حاصل على الجنسية الإسبانية، كان متواجدا في قريته في المغرب عندما تواصل مع مهاجر نيوز. مهدي توجه إلى قلعة سراغ، بالقرب من مراكش، بعد أن علم أن قريبه وابنه خرجا طلبا للهجرة من مدينة الداخلة المغربية باتجاه جزر الكناري في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. "لم نسمع منهما شيئا من حينها"، يقول مهدي لمهاجر نيوز، "نحاول التواصل مع كافة الجهات المعنية، خفر السواحل والشرطة القنصلية في الكناري والصليب الأحمر، لم يفدنا أحد بجواب".

وفقا لريكاردو سانتانا، وهو رئيس جمعية صيادين في ميناء أرغينيغين على جزيرة غران كناريا، لا يمكن لأحد أن يتخطى خمسة أو ستة أيام في البحر في تلك المنطقة، "غالبا ما تكون الرياح عاتية وإن كان القارب غير مجهز لتلك الرحلات، فلن يكون هناك أمل له".

القرية باتت شبه خالية

بالنسبة لمهدي، هو شبه متيقن من المأساة، ولكنه لا يريد تصديقها. زوجة قريبه قالت لمهاجر نيوز عبر الهاتف "بعد أن فقد زوجي الأمل، انطلق ومعه ابني برفقة 25 آخرون من القرية عبر الداخلة باتجاه الكناري. الظروف المعيشية السيئة دفعته لذلك. القرية باتت شبه خالية من الرجال والشبان، الجميع يغادر، منهم من يصل ومنهم من تنقطع أخبارهم، كما حصل مع زوجي وابني".

سكينة، زوجة أحد المهاجرين المغاربة ممن انقطعت أخبارهم بعد انطلاقهم باتجاه الكناري. قالت لمهاجر نيوز عبر رسالة إن زوجها "انطلق و21 أخرون في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي باتجاه الكناري، ومن حينها لم يسمع أحد منهم".

سكينة، كغيرها من العائلات القلقة على مصير أحبائها، تواصلت مع الكثير من الجهات والهيئات المعنية، الإسبانية والمغربية، ولكن حتى الآن لم يصلها أي جواب.

ويتلقى مهاجر نيوز بشكل دائم رسائل من عائلات أشخاص فقدوا في الأطلسي أو المتوسط، محاولين العثور على أي أثر لهم.

ووفقا لتشيما سانتانا، تعثر السلطات من حين لآخر على جثث لمهاجرين على سواحل جزر الأرخبيل. "في 15 غشت، وصل قارب إلى غران كناريا وعلى متنه 15 جثة متحللة لمهاجرين أفارقة... وضعت الأشلاء في صناديق بعد أن قام أطباء شرعيون بالكشف عليها وأخذ عينات من حمضها النووي، قبل أن توارى الثرى في إحدى مقابر الجزيرة".

وأضاف أن هناك جمعية أفريقية تحاول المساعدة في التعرف على عائلات هؤلاء الضحايا، "لكن المهمة صعبة نتيجة ندرة المعلومات".

ومع هذه المعطيات، يبقى سؤال العائلات القلقة على مصير أبنائها دون جواب، بانتظار قيام السلطات المعنية بإيجاد حلول لأزمة الهجرة، سواء من دول المصدر أو في دول المقصد، للتخفيف من تلك المعاناة الإنسانية.

ينشر بشراكة مع DW

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال