القائمة

أخبار

دياسبو # 175: محسن المودن.. المغربي الذي دافع عن فلسطين وناضل من أجل إدماج أبناء وطنه في بلجيكا

ينحدر المهاجر المغربي محسن المودن، من الجيل الثاني للمهاجرين المغاربة في بلجيكا، ولج باب العمل الجمعوي منذ الثمانينات، واهتم بقضايا أبناء الجالية، كما كانت القضية الفلسطينية حاضرة ضمن اهتماماته، وأثناء فترة الحجر الصحي قدم يد العون لعدد من المهاجرين المغاربة في بلجيكا، الذين تقطعت بهم السبل في المغرب.

نشر
محسن المودن
مدة القراءة: 5'

ولد محسن المودن في بلجيكا سنة 1961، لأبوين مغربيين هاجرا في أواخر الستينات، ورغم أنه حظي بوالدين متعلمين إلا أنه لم تتح له الفرصة لإتمام دراسته، وغادر المدرسة قبل الحصول على شهادة البكالوريا.

وقال في حديثه لموقع يابلادي "كان النجاح استثناء، لأنه خلال الثمانينات عدد الطلاب المنحدرين من خلفيات مهاجرة الذين يلتحقون بالجامعة قليلا. كانت الجامعة تضم طلاب مغاربة، ولكن أغلبهم كانوا من أولئك الذين التحقوا ببلجيكا لمتابعة دراستهم".

وتابع "فضلت مغادرة المدرسة التي كانت معروفة بالتمييز ضد المهاجرين من أصول مغربية أو إيطالية أو تركية أو اسبانية. المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية كانت حاضرة هناك، ولكن أطر المدرسة لم يكونوا مكونين للتعامل مع هذا النوع من المشاكل".

ورغم أن محسن لم يكن يحب المدرسة، إلا أنه كان يحب الكتب، وقال "أول قصة مصورة قرأتها عندما كنت في سن الثامنة، شكلت اكتشافا لي. القراءة أنقذتني".

ومثل باقي أقرانه سقر محسن بأنه كان يتغيب عن حصصه الدراسية، لكن لأسباب مختلفة عن غيره، "كانت مكتبة Riches Claires، التي تقع في وسط مدينة بروكسيل بمثابة ملاذ لي، كنت أقضي بها من ثلاث إلى خمس ساعات، في الوقت الذي كان فيه والداي يعتقدان أنني في المدرسة، كنت أقرأ كل شيء، من المجلات إلى الروايات إلى السير الذاتية والكتب الجيوسياسية".

بالموازاة مع ذلك، كان محسن المودن يهتم بما حوله، وبدأ يدافع عن حق المهاجرين في التصويت، إضافة إلى محاربة التمييز، وفي سن الخامسة عشرة شارك في مظاهرات مناهضة لقانون جول، "كنا نندد بالجرائم العنصرية التي شهدتها البلاد في أوائل الثمانينات، كما كنا متعاطفين بشكل كبير مع القضية الفلسطينية خصوصا إبان الانتفاضة الأولى".

وبعد مغادرته للمدرسة، ولج محسن سوق الشغل وقال، اشتغلت في مجموعة من المهن، بائع، وعامل في محطات الوقود، ونادل في المطاعم...، بدأت الاعتماد على ذاتي عندما بلغت سن الثامنة عشرة".

وبفعل احتكاكه مع عدد من أقرانه، بدأ يتساءل حول أسباب عدم نجاح أبناء المهاجرين وقال "بعد ثلاثة عقود من تواجد المهاجرين المغاربة بأعداد كبيرة، أغلبهم لازالوا يعيشون تحت خط الفقر، وهو ما جعلني أفكر، فولجت تكوينا لمدة ثلاث سنوات، ثم شرعت في العمل مع الشباب لإعداد المشاريع والأنشطة المدنية". وبعد ذلك صار منسقا ومديرا لإحدى المنظمات في بلجيكا".

وتأثر محسن المودن بشخصيات طبعت تاريخ العديد من الدول، كنيلسون مانديلا، وغاندي ومحمد علي...، حيث واظب على قراءة مؤلفاتهم التي بنت شخصيته كناشط في مجال حقوق الانسان"، وفي سنة 1997 أسس جمعية "Alhambra" بعد الأحداث التي شهدتها أندرلخت.

وقال "كنا مجموعة من ثلاث شبان، كان علينا إيصال صوت الشباب الذين ثاروا قبل بضعة أسابيع في أندرلخت. التقينا وزير الداخلية وعرضنا عليه مطالبنا".

وكانت الجمعية تهدف إلى العمل على مسألة الهوية في الأحياء الفقيرة، ووضعت برنامجا تدريبيا للشباب يمتد لسنة واحدة. 

القضية الفلسطينية والمغاربة العالقين

قاده العمل الجمعوي إلى تأسيس حركة المواطن الفلسطيني سنة 2002، بالتزامن مع حصار مقر إقامة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رام الله، وقال "آنذاك بدأ جزء من الطبقة السياسية في بلجيكا، يعبر عن خوفه من مواقفي، وبدأت أشعر بمعارضة من أولئك الذين يدافعون عن التنوع، عندما بدأت أطرح عليهم قضية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي".

وخلال الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة ما بين 2008 و2009 كان محسن يشتغل في إذاعة عربية في بروكسيل تدعى "المنار" وفي جريدة تسمى "الثلاثاء"، لكن بسبب مواقفه تم ابعاده من الإذاعة التي اشتغل بها لمدة عشر سنوات، كما تعرض لانتقادات من بعض السياسيين.

آنذاك مر محسن بتجربة صعبة، وقرر الابتعاد عن الأضواء في سنة 2009، "كنت أتعرض مرارا وتكرار إلى تهديدات بالقتل، والشتائم في العلن، دون أن أحظى بأي دعم سياسي".

وأكد أن القضية الفلسطينية "ستبقى قريبة من وجداني"، وهو ما جعله يتأسف لقرار التطبيع الذي تم الإعلان عن قبل أسابيع بين المغرب وإسرائيل بوساطة أمريكية.

وخلال سنة 2020 عاد محسن المودن، للنشاط الجمعوي وذلك مع بداية الازمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، وكان يقدم العون للمغاربة- البلجيكيين العالقين في المغرب.

مع إغلاق الحدود، كان محسن بالكاد قد غادر وظيفته كمساعد لبرلماني في مجلس الشيوخ مدافع عن البيئة، وقرر أخد أسابيع من الراحة، لكن اتصالا من صديقة له طلبت منه مساعدة ابنها الذي علق في مدينة طنجة خلال الحجر الصحي غير مخططه، وقال "قررت انشاء مجموعة على الفايسبوك للبحث عن حلول، للعالقين في المغرب".

وتلقى محسن كما هائلا من الرسائل والمكالمات، خصوصا وأن عدد العالقين في المغرب كان يعد بالآلاف، "راسلنا الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة، ووزير الخارجية، ووزير الداخلية، لكن لا شيء تغير، المسؤول المغربي الوحيد الذي تواصل معنا كان هو السفير محمد عمور".

وتابع "كنت أنام أربع ساعات في اليوم، كان علي أن أرد على جميع النداءات التي كنت أتوصل بها يوميا، استنفذت طاقتي النفسية والجسدية، بسبب عدد النداءات الكبير. كان من الصعب تجاهل العالقين، لأنني كنت أعتبرهم كأفراد من عائلتي، خصوصا أن أغلبهم كانوا من كبار السن".

وبفضل مجهودات محسن "بدأ النواب يطرحون أسئلة على وزير الخارجية البلجيكي فيليب جوفين، كل ثلاثاء، ما دفعه إلى اتخاذ قررات"، وأضاف "بعد مجهودات مضنية مساعدات من قبل سياسيين وإعلاميين، تمكنا أخيرا من ترحيل عدد من العالقين، بتنسيق بين البلدين".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال