القائمة

الرأي

القصر يخرج من حقل الألغام

يواصل الهولدينغ الملكي«SNI» مسلسل انسحابه التدريجي من الصناعات الغذائية ومن القطاعات الاقتصادية الحساسة. أمس باعت الشركة الوطنية للاستثمار حصتها في شركة «بيمو» لشركة «كرافت فود» الأمريكية بقيمة 1.3 مليار درهم، وقبل هذا فوتت الشركة حصص مراقبتها في «لوسيور» للزيوت بمبلغ 1.3 مليار درهم وبعدها باعت المركزية للحليب لشركة «دانون» الفرنسية بقيمة 6.1 مليار درهم، ومن المنتظر أن يخرج السكر والماء المعدني من بيت الشركة الوطنية للاستثمار عن طريق بيع شركتي «كوسمار» و«سوطيرما» في انتظار تخفيض مساهمات الهولدينغ الملكي في البنك العملاق التجاري وفا بنك...

هذه خطوات على الطريق الصحيح. ولابد من تشجيعها في الاقتصاد كما في السياسة.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

منذ مدة وحتى قبل انطلاق الربيع العربي اتجه القرار السياسي وسط الهولدينغ الملكي نحو تخفيف الوزن والحضور في النسيج الاقتصادي الوطني خاصة في الصناعات الغذائية لما لها من حساسية لدى الفئات الشعبية. فقد أعلن بيان المجموعة في مارس 2010 عن توجه جديد في مسار الهولدينغ الملكي يرمي إلى انسحابه من الصناعات الغذائية وتخفيف مراقبته لشركات أخرى والاتجاه نحو الاستثمار في صناعات جديدة يحتاجها الاقتصاد الوطني .. «الطاقات المتجددة أساسا» .

بعد الربيع العربي صار الأمر أكثر إلحاحا، خاصة وأن الشارع أصبحت له حساسية مفرطة من التقاء المال بالسلطة، خاصة بعد الانتقادات التي وجهت إلى الهولدينغ الملكي الذي صار قويا وكاسحا ورأى فيه البعض أنه يهدد المنافسة وقد يعطي الانطباع بأنه يخلط البزنس بالاقتصاد. هنا لابد من فتح قوس كبير، والانتباه إلى الفرق بين الانتقادات النابعة من غيرة حقيقية على المنافسة وقواعد الشفافية ومصلحة البلاد والقصر. والانتقادات النابعة من حسابات خاصة هدفها الاستيلاء على مقدرات المغرب الاقتصادية والتحكم في عصب الاقتصاد المغربي، وخاصة تلك الانتقادات والكتب والخرجات الإعلامية القادمة من باريس والتي رأت أن نفوذها التقليدي في خطر ولهذا لجأت إلى الابتزاز وإلى لعبة: إذا لم تعطونا حصتنا سنفسد اللعبة ونقلب الطاولات في الحفل...

أن تكون للملك وللقصر ثروة كبيرة أو صغيرة، هذا ليس مشكلا. بالعكس إن هذه الثروة يجب أن تبقى في المغرب وأن يستفيد منها المغاربة وأن تتحرك لكي تنتج وظائف وضرائب وقيمة مضافة.. المشكل هو كيف تتحرك هذه الثروة وأين؟ وهذا ليس سؤالا صعبا ولا خطيرا كما يتصور بعض المحافظين عندنا. الحل موجود في جل الملكيات الأوروبية: الثروة الملكية مطلوب منها أن تستثمر لكن لا تسير، أن تتحرك دون أن تتحكم في الشركات التي تساهم فيها. بمعنى أبسط وأوضح أن تركب حافلة الاقتصاد الضخمة لكن لا تجلس في مقعد القيادة. حتى لا تتهم بأنها تخلط زيت الاقتصاد بماء السلطة...

المشكلة ليست هنا فقط. المشكلة هل النخب الاقتصادية كلها مقتنعة بأن البيع والشراء يجب أن يكون في سوق مفتوح وشفاف، في وجه الجميع دون دخل للسياسة والعلاقات السلطوية فيه؟ هل سيتوقف رجال ونساء البزنس عن توظيف علاقاتهم بالإدارة وبأصحاب القرار السياسي، لتسهيل حصولهم على «الريع» وعلى أرباح غير مستحقة في قطاعات تتصل بالصفقات العمومية، والرخص، الكريمات، وأراضي الدولة والإعفاءات الضريبة غير المستحقة؟... هذا سؤال أصعب من الأول...

منبر

توفيق بوعشرين
صحافي
توفيق بوعشرين
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال