القائمة

أخبار

الاعتداءات الإسرائيلية على غزة.. كيف تغير موقف المغرب بعد التطبيع ؟

اختلفت لغة البيانات الصادة عن الخارجية المغربية، بخصوص الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد توقيع اتفاق تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، عما كانت عليه قبل ذلك.

نشر
غارة إسرائيلية على قطاع غزة
مدة القراءة: 5'

منذ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من قطاع غزة سنة 2005، وهي تقوم بسلسلة من الاعتداءات التي يروح ضحيتها العشرات، من سكان القطاع المحاصر، وتستعين في ذلك بقواتها البرية والبحرية والجوية تحت ذرائع مختلفة.

وفي الوقت الذي كانت فيه كثير من الدول الكبرى تعلن "تفهمها" لما تقدم عليه إسرائيل، وتحمل المسؤولية للفصائل الفلسطينية التي تدافع عن نفسها، كانت معظم الدول العربية تصدر بيانات منددة بـ"العدوان" الإسرائيلي على غزة، وتتحرك دبلوماسيتها لوقف الاعتداءات، وتدعو الأمم المتحدة إلى التدخل، بل وكانت تدعو لعقد قمم طارئة على مستوى الجامعة العربية، أو التكتلات الإقليمية وخصوصا مجلس التعاون الخليجي.

لكن وخلال السنوات الأخيرة، لوحظ اختلاف جوهري في سياسة عدد من الدول العربية، ومن بينها المغرب، تجاه الاعتداءات الإسرائيلية التي تخلف ضحايا بالعشرات بينهم شيوخ وأطفال.

المغرب قبل التطبيع

فقبل استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية في 10 دجنبر من سنة 2020، كانت المملكة تصدر بيانات شديدة اللهجة لإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ففي نونبر من سنة 2012 عبرت المملكة المغربية عن "قلقها البالغ وإدانتها الشديدة للاعتداءات الجوية التي تنفذها الطائرات الإسرائيلية، على مواقع مختلفة من قطاع غزة".

واعتبر المغرب آنذاك التصعيد الإسرائيلي "غير مقبول" مضيفا أنه "من شأن الاستمرار في الهجمات أن يؤدي إلى نتائج وخيمة على أمن واستقرار المنطقة"، وطالب بوقف هذه الغارات فورا، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسئولياته لحماية أرواح وممتلكات سكان القطاع. 

ولم يكن موقف المغرب أثناء اعتداء يوليوز 2014 على غزة مغايرا، فقد دعا  المجتمع الدولي إلى التدخل فورا لوقف "العدوان" الإسرائيلي على قطاع غزة، محملا إسرائيل مسؤولية "هذا الاعتداء السافر"، و"حماية الشعب الفلسطيني وصون حقوقه"، ووصفت المملكة الغارات الإسرائيلية بـ"الهمجية". 

كما جاء في بيان للديوان الملكي آنذاك أن الملك محمد السادس "رئيس لجنة القدس أمر بمنح مساعدة إنسانية عاجلة بقيمة خمسة ملايين دولار للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، ضحايا العدوان العسكري الجبان الذي تشنه إسرائيل على القطاع".

وتوالى الدعم المغربي للفلسطينيين، وفي ماس من سنة 2018، استجاب الملك محمد السادس لطلب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وأرسل مستشفى ميداني الى قطاع غزة لعلاج جرحى مسيرات العودة. 

وفي 6 ماي 2019 خصص مجلس النواب جزءا من جلسة تشريعية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، واستنكار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة.

المغرب بعد التطبيع

واختلفت لغة البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية المغربية بخصوص الاعتداءات الإسرائيلية، بعد توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل في دجنبر من سنة 2020، عما كانت عليه قبل ذلك.

ويوم السبت الماضي أصدرت وزارة الخارجية بلاغا إثر شن قوات الاحتلال الإسرائيلي، غارات على قطاع غزة، ما خلف 33 قتيلا فلسطينيا على الأقل، وقالت إن "المملكة المغربية تتابع بقلق بالغ ما تشهده الأوضاع في قطاع غزة من تدهور كبير، نتيجة عودة أعمال العنف والاقتتال وما خلفته من ضحايا وخسائر في الأرواح والممتلكات".

ولم يصف البلاغ كما في السابق العملية العسكرية الإسرائيلية بـ"الاعتداء" وتحدث عن  "أعمال العنف" و"اقتتال"، واكتفى بالدعوة إلى "تجنب مزيد من التصعيد واستعادة التهدئة لمنع خروج الأوضاع عن السيطرة".

وأكد البيان على "الموقف الثابت" للمغرب من القضية الفلسطينية،  وجاء فيه "أن الحل المستدام للصراع بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في أمن وسلام".

وأثار هذا البيان موجة من الجدل، على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقده الكثيرون وقالوا إنه يساوي بين الضحية (الفلسطينيين) والجلاد (إسرائيل).

وعبر حزب العدالة والتنمية في بلاغ له عن أسفه "العميق للغة التراجعية لبلاغ وزارة الخارجية الذي خلا، على غير العادة، من أية إشارة إلى إدانة واستنكار العدوان الاسرائيلي ومن الإعراب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والترحم على شهدائه، بل وخلا أيضا من أية إدانة لاقتحام الصهاينة لباحات المسجد الأقصى المبارك".

واستغرب الحزب "لكون البلاغ المذكور ساوى بين المحتل والمعتدي الإسرائيلي والضحية الفلسطيني،  وهو يصف ما تتعرض له غزة ب "الاقتتال والعنف"، والحقيقة أن الأمر يتعلق بالقتل والتقتيل الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني".

وأكد الحزب أن البلاغ "هرب" من "إدانة المعتدي، وهو موقف غريب لا يشرف بلدنا"، وتابع أن الهدف العام من تأسيس لجنة القدس "كان هو حماية القدس من المخططات والمؤامرات الصهيونية لتهويد القدس، ولا يمكن لبلدنا الذي يرأس لجنة القدس في شخص جلالة الملك حفظه الله، إلا أن يكون سباقا للدفاع عن القدس الشريف وعن الأقصى المبارك".

صمت حزبي

فيما فضلت أحزاب الأغلبية (الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة) الصمت، على غير العادة، ولم تصدر بيانات مدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني.

يذكر أن حزبا الأصالة والمعاصرة، والاستقلال كانا من بين الأحزاب التي قدمت قبل سنوات مقترح قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل، ويعاقب المطبعين بعقوبات "تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وغرامة تتراوح بين مائة ألف ومليون درهم، فيما تسري أحكام هذا القانون على كل من اختار الجنسية الإسرائيلية".

والتزمت غالبية الأحزاب الأخرى الصمت أيضا، فيما أصدر أحزب العدالة والتنمية، والاشتراكي الموحد، والتقدم والاشتراكية، وفيدرالية اليسار، والنهج الديمقراطي، بيانات منددة بالعدوان الإسرائيلي، واكتفى الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر، بالإدلاء بتصريح إعلامي أدان فيه "العدوان الإسرائيلي على غزة".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال