القائمة

الرأي

البام المشكلة في البضاعة لا في التسويق

اعترف حزب الأصالة والمعاصرة بالهزيمة في الانتخابات الجزئية التي جرت في طنجة ومراكش الأسبوع الماضي، ولم يخرج منها الحزب بأي مقعد رغم أن المدينتين تحت «سيطرته»، ورغم أن مرشح «البام»، عادل الدفوف، يقود فريق اتحاد طنجة لكرة القدم، والسيدة زكية المريني رئيسة مجلس مقاطعة جليز التي انهزمت فيها.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

اعتراف الحزب المثير للجدل بهزيمته سلوك سياسي جديد يستحق الانتباه والتنويه، لكن أن يجري تحميل مسؤولية هزيمة الجرار وعدم قدرته على حصد مقاعد في الشمال والجنوب لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ولتلفزات العرايشي، فهذا ما لا يصدقه أحد، وهو ما اعتبره المراقبون هروبا إلى الأمام، وعدم قدرة على مصارحة الذات الحزبية بأعطابها. 

حزب «البام»، ورغم هزيمته أمام حزب أقوى منه هو العدالة والتنمية، فقد نجح في أن يصير الخصم رقم واحد لـ«الحزب الحاكم» وهذا، في حد ذاته، ليس بالأمر السهل في الوقت الذي توارت فيه أحزاب عريقة إلى الوراء، ولم تعد تُذكر لا بالخير ولا بالشر، وهذا أسوأ ما يمكن أن يحصل لأي حزب.. ألا ينتبه إليه أحد ولا يسأل عنه أحد...

لكن، مع ذلك، لابد لقادة حزب الأصالة والمعاصرة من وقفة مع التاريخ، مع النقد، مع المراجعة... هذا حزب «صغير» لم تمر على تشكيله سوى ثلاث سنوات، وإذا كان الحزب قد تعرض لعملية «دوباج» قوية أثناء تأسيسه، فهذا ليس معناه أنه صار حزبا عريقا وقويا وكبيرا. ثانيا: هذا حزب يحتاج إلى عملية تطبيع لوجوده في المشهد الحزبي، بالنظر إلى ما أحاط بظروف ولادته من جدل والتباس، خاصة أن فؤاد عالي الهمة، كان هو صانعه الرئيسي، حيث استفاد الحزب من أدوات الإدارة ومن خدمات عدد من رموزها. ثالثا: هذا حزب يجب أن يحل تناقضاته الكبيرة، مثل قيادات «يسارية» تقود سفينة يمينية بأجندة انتخابية، ومشروع ليس في جعبته سوى محاربة الإسلاميين والتصدي للمد الأصولي و«قوى الظلام». 

لا تنشأ الأحزاب فقط اعتمادا على خطة حرب اتجاه أحزاب أخرى، ولا تؤسس الأحزاب على تناقضات خطاب القيادة ومصالح القاعدة، ولا تولد الأحزاب لتعارض الحكومة لفائدة الحكم، ولخلط الأوراق لإنتاج البوليميك والضجيج والمفرقعات الإعلامية... 

من حق حزب «البام» أن يحصل على شهادة ميلاد جديدة، وأن يرفع دعوى لتغيير النسب. من حقه أن يواجه الإسلاميين وغير الإسلاميين، لكن الحزب يحتاج، أولا، وقبل أن يجرد لائحة خصومه وقبل أن يبدأ إطلاق النار.. يحتاج إلى مشروع وقاعدة اجتماعية يمثلها، وشيء من الزمن ليشتد عوده وتورق أزهاره. 

إن وضع شخص مثل الباكوري على رأس «البام» كان خطوة ذكية للبحث عن صورة جديدة للحزب في مرحلة ما بعد استقالة الهمة من صفوفه، لكن المسألة ليست لعبة مظهر Emballage، المشكلة ليست في تسويق المنتوج.. المشكلة في المنتوج في حد ذاته. 

إن أكبر مستفيد من وضعية «البام» الراهنة ومن خطابه الشعبوي ومن كثرة تناقضاته، ليس أحدا غير العدالة والتنمية وعبد الإله بنكيران، الذي يعرف جيدا أين توجد الأماكن الحساسة للجرار، ويعرف كيف يضع الملح على جروحه. هذا باختصار ما وقع يوم الخميس الماضي في طنجة ومراكش، والله أعلم.

منبر

توفيق بوعشرين
صحافي
توفيق بوعشرين
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال