القائمة

الرأي

بعض أساليب القمع والقهر في حق النساء

 من عادة كل الثورات المعاصرة في العهد الرأسمالي أن تثير كل القضايا والمسائل من كل نوع، فهي توقظ الوعي والإهتمام بها، وتشكل هذه القضايا والمسائل تعبيرا عن معاناة وآمال الإنسان المقهور، وخلال الثورات يشتد الصراع بين طبقات المجتمع المتناحرة، بين الطبقات الراغبة في استمرار الوضع القائم على الإستغلال من جهة وبين الطبقات الطامحة للتحرر منه من جهة أخرى.

نشر
DR
مدة القراءة: 10'

 وباعتبار المرأة نصف المجتمع أو أكثر فإن أمالها في التحرر من اضطهاد تكرس لمئات القرون يكون أكثر إلحاحا، لكون أن اضطهادها مضاعفا، وحتى لا نقول أن القضية هي قضيتها لوحدها لابد من التنبيه والقول بعيدا عن تفكير وممارسة بعض جمعيات/صالونات النساء البرجوازية وأحزابها أن القضية ليست للنساء وإنما للمقهورين في العالم أجمع مادام أن تحرر المرأة هو أحد مقاييس تحرر المجتمع ككل.

      وفي خضم الثورات تصبح وسائل النضال من كل الأطراف المتناحرة حادة ومتنوعة، فالمقهورين وبكل الوسائل المتاحة يحاولون رسم تحررهم من استغلال المضطهِدين، ومن جانبهم يحاول المضطهِدين بكل الوسائل الحقيرة والقذرة عرقلة هذه المسيرة.

     وخلال الثورات الأخيرة التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي كانت لها امتدادات وتأثيرا عالميا، كان لابد أن تكون قضية المرأة من بين القضايا المهمة في جدول أعمال هذه الثورات، ولهذا نرى وسنرى أن الصراع على هذه الواجهة سيكون بدرجة لا تقل حدة من باقي واجهات الصراع الإجتماعية الأخرى.

   ولعل أن الوسيلة الأساسية التي اتخذها نضال الشعوب على الأقل في بلد كمصر ذي الكثافة السكانية الكبيرة، والتي أخذت شكل المسيرات والتظاهرات والإعتصامات في الشوارع و التي كانت في حالات عديدة بالملايين، وكانت مشاركة النساء فيها وازنة  وإعلانا على عزمهن إلى جانب كل الثوار على تكسير طابوهات خرافية وبالية والنظرة التي تلخص المرأة في الأدوار المنزلية والجنسية … وبعدما فشلت فتاوي الشيوخ في تجريم وتحريم مشاركة النساء في الإحتجاجات بدعوى الإختلاط، جاءت بعض الأساليب الأخرى القذرة  في حق المرأة ومسيرة تحرر الشعب المصري، ولم يكن هذا الأسلوب إلا التحرش الجنسي بالنساء المتظاهرات ومحاولة الإغتصاب الجماعي، فقد رأت الأطراف المعادية للحرية بمصر أن أسلوب التحرش الجنسي وسيلة  قمعية في حق المرأة يمكن من خلالها عزلها عن العمل السياسي ومن صناعة غد أفضل للشعب المصري.

      وفي ما يلي مقتطفات من مقال تحت عنوان “التحرش الجنسي وسيلة للقمع السياسي” نشر على موقع “الوفد” يتضمن شهادات حول الكيفية التي يتم بها التحرش بالنساء أثناء التظاهرات بمصر في الفترة الأخيرة وخصوصا خلال تخليد الذكرى الثانية لثورة 25 يناير بمصر.

     ” تحولت ظاهرة التحرش الجنسي في مصر من ظاهرة اجتماعية خطيرة إلي وسيلة للقمع السياسي، وبعدما كان ميدان التحرير قبلة للمتظاهرين أصبح بؤرة للعنف الجنسي ضد النساء.. يري البعض أن هذا العنف ممنهج ومخطط من الإخوان المسلمين لإرهاب النساء لإبعادهم عن العمل السياسي.

      كشفت الجمعية المدنية «قوة ضد التحرش والاعتداء الجنسي» عن تعاملها مع تسع عشرة حالة اعتداء جنسي تم الإبلاغ عنها أثناء المشاركة في تظاهرات الذكرى الثانية للثورة في ميدان التحرير.. وأشارت الجمعية إلي أنه تم استخدام أسلحة بيضاء وأدوات حادة خلال أعمال العنف الجنسي، فهل تحول ميدان التحرير الذي أسقط فيه ملايين المتظاهرين قبل عامين نظام مبارك المستبد إلي مسرح للتحرش والاغتصاب بهدف إبعاد النساء عن مسارات الثورة وعن المشاركة السياسية في مصر؟

     هذا التساؤل تجيب عليه شهادات النساء والفتيات اللائي تعرضن للتحرش في ميدان التحرير.

     تقول نهلة عناني: توجهت يوم 25 يناير الماضي إلي ميدان التحرير بصعوبة بالغة بعد أن تم إغلاق محطات المترو، وتوقفها حتى محطة السيدة زينب، قابلت والدتي في الميدان وتوجهنا إلي ميدان طلعت حرب لنشارك في المسيرة النسائية، التي كانت تضم بعضاً من شيوخ الأزهر وسيدات مثل «عزة بلبع» و«نور الهدي» وكانت الهتافات معادية للرئيس مرسي وللإخوان وبعض الهتافات مؤيدة للأزهر والمفتي.. وكعادة المسيرات النسائية كان هناك بعض الشباب الذين تطوعوا لحمايتها عن طريق دروع بشرية حولنا، وبمجرد دخولنا الميدان بدأ التجمهر حولنا وفجأة بدأ الضرب والهجوم على المسيرة.. من المستحيل تحديد من كان يتحرش ومن كان يتدافع من أجل التدافع ومن كان يحاول أن يحمينا، في ثوان تفرقت المسيرة ولم أجد بجانبي إلا أمي وصديقتها.. وتتابع: اللافت للنظر أن الغرض مما حدث لم يكن التحرش الذي تعرفه كل فتاة في الشارع بل كان هناك إصرار علي تجريد الفتيات والنساء من ملابسهن.. بعد حوالي ربع الساعة جاءت فتاة – لا أعلم اسمها – في حالة انهيار تام.. حاولنا إسعافها وتهدئتها، قالت: إنه تم التحرش بها ورفع أحدهم (مطواة) في وجهها وقام بسرقة هاتفها، وكانت هذه ثاني حالة سرقة اسمع بها، فلم تكن حالات التحرش التي حدثت فردية.

       وتضيف: إن استخدام التحرش أو الاغتصاب لإرهاب العنصر النسائي لعدم المشاركة في المظاهرات، ولكن هذا لن يجدي ولن يرهبنا وإن غيرت شيئاً فهي فقط تزيدنا إصراراً لنكمل ما بدأناه.

      وتروي سلمى شامل – إحدي المتطوعات في مجموعة «ضد التحرش» – ما حدث في ذكرى الثورة، وتقول: انضممت إلي المجموعة منذ أحداث الاغتصاب الجماعي في نوفمبر ٢٠١١ في ذكري محمد محمود، كنت فاكرة نفسي فاهمة ومستوعبة جداً تفاصيل الاغتصاب الجماعي الممنهج الذي يحدث في التحرير وأنني على الأقل مهيأة ذهنياً ولازم اتصرف بهدوء وحكمة ولكن ما حدث كان خارجاً على قدرتي، نزلت مع اثنين من المتطوعين لإنقاذ إحدى الفتيات التي تم التحرش بها، حاولنا الوصول إليها لكن فوجئت برجال يصرخون ويقولون لنا: «هتتبهدلوا ومش هتطلعوا من هنا امشوا بره» وقبل أن استوعب التهديدات وجدت مجموعة أخرى تتحرش بي وتمسك كل منطقة في جسدي صرخت بأعلي صوتي: «بس يا حيوان»، ولكن صراخي لم يأت بفائدة والمتحرشون ما كانوش خايفين من الفضيحة عشان هم الكثرة وكله شايف كله بيتحرش، ويا إما ينضم إليهم يا إما مش قادر يعمل حاجة.

      تكاثرت الأيادي والتدافع، وفجأة بطلت أصرخ كنت مش عارفة أتنفس ودايخة جداً، وكنت خايفة أقع وأموت، أنا فعلاً كنت حاسة إن الموت مش بعيد تماماً.. التدافع والزحمة كانت لا تصدق.

      لم تختلف شهادة «سلمى» عن شهادات الفتيات اللاتي تعرضن للتحرش، حيث تقول إحدى الناجيات من عمليات الاغتصاب الجماعي في ميدان التحرير أثناء المظاهرات الرافضة للدستور، التي قام مركز «نظرة للدراسات النسوية» بتوثيقها يوم الجمعة 23 نوفمبر 2012: نزلت أنا وصديقتي لنعلن رفضنا للدستور المشوّه وسط الملايين ممن نزلوا لنفس الغرض ووصلنا إلي ناصية شارع قصر العيني وشارع محمد محمود كانت الشرطة تلقي قنابل مسيلة للدموع بغزارة وبدأ الركض والتدافع، أمسكت بيد صديقتي لكني فقدتها بعد لحظات.. آخر شيء سمعته منها هو أن هناك من يتحرش بها وسط التدافع.

      وأضافت: حين استعدت الرؤية لم أجد صديقتي بل وجدت صديقاً لي كان هارباً من الغاز بالقرب مني قلت له: إن صديقتي هناك يتحرّشون بها.. فذهبنا لننقذها واكتشفت وقتها أنني فقدت الموبايل، ووجدت صديقتي وحولها المئات من الأشخاص، فحاولت أن أخلصها أنا وصديقي لكنهم دفعونا فوقعنا فوق بعض ثم فصلونا إلي دائرتين ووقتها لم أدرك أي شيء، ولم أفهم ماذا يحدث فكل ما كنت أدركه أن هناك المئات من الأيادي تجرّدني من ملابسي وتخترق جسدي بكل وحشية ولا سبيل للنجاة، فالكل يقول إنه يحميني وينقذني لكن ما كنت أشعر به هو أن الدوائر القريبة مني والملتصقة بجسدي تغتصبني بأصابعها من الأمام والخلف بل وأحدهم كان يقبلني في فمي وأصبحت عارية تماماً وتدفعني الكتلة الملتفة حولي إلي الممر المجاور لمطعم هارديز.

     وتابعت شهادتها قائلة: «كنت داخل هذه الدائرة المغلقة بإحكام وكلما حاولت أن أصرخ وأن أدافع عن نفسي كانوا يزيدون من عنفهم واغتصابهم، فوقعت مرة أخرى في مياه المجاري، وأدركت في هذه اللحظة أن في الوقوع موتي، وقررت أن أحافظ علي هدوئي طالما الصراخ يتبعه عنف أكبر وحاولت أن أبقي واقفة أتشبث بأيديهم التي تخترقني وأكتافهم وقعت مرة أخري وأنا عارية، واستطعت أن أنجو من الموت دهساً تحت أقدامهم ووجدت باباً لعمارة حيث يقف البواب خلف الباب ولا يريد أن يفتح».

    أضافت: «بقيت محجوزة في مدخل العمارة وقتاً طويلاً تتدافع الأجساد من حولي وما زالت أيديهم تنتهكني شعرت بأنني قضيت وقتًا طويلاً في هذا الركن إلي أن ألقي لي أحدهم بقميص، وكان مستحيلاً أن أرتديه فالأجساد تلتصق بي وتمنعني من ارتدائه لكنني نجحت في لحظة ما أن أرتديه حينها سمعت مجموعة إلى يساري يقولون: «ناخدها وبعدين واحد واحد يا شباب».. فجأة بدأت الكتلة البشرية تدفعني مرة أخري في اتجاه «خرابة» مظلمة وخفت أن ينتهي بي الحال هناك، فحاولت الوصول إلى مقهى في الطريق لكنه لم يفتح وكذلك محل للأدوات الإلكترونية لم يفتح، بل تحرّش بي أحد العاملين وأنا أمر أمامهم شعرت بيأس جعلني أستنجد برجل أمامي مباشرة وكنت أختبئ في ظهره لأستر عورتي أخذت أستعطفه فقلت له: «إنني أم» وأنه رجل شهم وبطل وأني اخترته لكي يحميني توسلت إليه لكي يفسح لي طريقاً للمستشفي الميداني فجأة أشهر حزاماً وأخذ يضرب كل من حوله ويصرخ بجنون: «أنا اللي هحميها».

     وتابعت: وجدت نفسي أزحف لأصل إلى المستشفي الميداني وهناك رأيت أول سيدتين فشعرت بالنجاة كان نصفي الأسفل عارياً تماماً فألقوا عليّ «بطانيات» وسط محاولات للمتحرشين لاقتحام المستشفي وأعطاني أحدهم بنطلوناً وآخر موبايل لأتصل بأهلي، رأيت أصدقائي وهم يحاولون اختراق الكتل البشرية الملتفة حولي.. كان شيئاً في غاية الصعوبة لكي أخرج من المستشفي الميداني لأصل إلى بيت صديقة لي قريبة من المستشفي.

     ويقول فتحي فريد منسق مبادرة «شفت تحرش»: إن ما يحدث في ميدان التحرير أمر غريب من نوعه، فبعدما كان المتحرش يسعى في الماضي إلى لمس بعض المناطق من جسد الضحية انتقل الأمر إلى العبث بها وتجريدها من ملابسها، فهذا مخطط من جماعة الاخوان المسلمين لإبعاد النساء عن العمل السياسي ومنعهن من النزول والمشاركة في المظاهرات المناهضة لهم، والدليل على ذلك أنه بالعودة إلي مجلس الشعب المنحل قدمت 23 مؤسسة مدنية مشروعاً لمنع العنف ضد النساء ولم يتم الالتفات إليه.

    فلا فرق بين ما يحدث لهن من اعتداءات جنسية، وما يحدث للمصابين في الميدان سواء بالخرطوش أو الرصاص الحي، نحن لا نحتاج أن يشكك أحد في رؤيتنا أو تشويه صورة الميدان.”

       ومن جهة أخرى أكدت منال الطيبي أن ما حدث في ميدان التحرير والتحرش الجماعي بالمتظاهرات جزء من القمع السياسي، الغرض من ذلك هو إبعاد المرأة عن المشاركة السياسية، وهناك العديد من الفتيات لا تنزل الميدان الآن”.

       وتابعت :تم الإبلاغ عن 26 حالة تحرش في الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة، هذا غير الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها، ووصل    الأمر للأسلحة البيضاء والاغتصاب الجماعي”.

      وأشارت إلى بيان منظمة العفو الدولية، الذي أكد أن هناك عمليات التحرش بالفتيات في الميدان منظمة وممنهجة مؤكدة :” الكثير من وسائل الإعلام الأمريكية أكدت أن الجماعات الإسلامية تقوم بتأجير البلطجية للتحرش بالفتيات، مضيفة :” حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين لم تنف هذه الاتهامات”.

     و لفتت الطيبي إلى أنه هناك قيادات نسوية بحزب الحرية والعدالة- لم تذكر أسمائهن- وصفن الثائرات التي تعرضن للتحرش في التحرير بأنهن ” بلطجية” لأنهم يلقون الحجارة على مؤسسات الدولة .

    لقد أصبح الآن بإمكان الشعوب ومن خلال يوميات نضالها من أجل تحررها وبكل بساطة معرفة حقائق كل الأحزاب خاصة التي تغلف مواقفها المعادية للتحرر بالدين ومن جملتها الأحزاب المنتشرة في منطقة الثورات الحالية  والتي يحاول الإعلام المأجور وكل الإعلام الذي يدافع عن هؤلاء و يصنع منهم قياديون ثوريون في ميادين الحرية ضدا على مصلحة الشعوب التي ناضلت و لازالت تناضل من أجل الحرية الحقيقية في هاته الميادين.

     فهؤلاء الذين نصبهم هذا الإعلام كقياديين مزيفين للثورات كلنا على علم بتاريخم الدامي ضد كل الأصوت الحرة” كفرج فودة “بمصر و “مهدي عامل” بلبنان …. وكان أخرهم “شكري بلعيد “بتونس و لا شك أن القائمة طويلة وستطول ضد كل صوت حر يهتف و يناضل من أجل الحرية الحقيقية، كما أنهم يستعملون وسائل أكثر حقارة تجاه المرأة كتسخير أذيالهم للتحرش بها قصد عزلها عن العمل السياسي والنضال إلى جنب رفيقها الرجل ولأن هؤلاء يدركون تماما أن التحرر الحقيقي لن يكون كذلك بدون مشاركة واسعة للنساء على كافة المستويات، فسخروا أسلحتهم الخسيسة تجاهها قصد إستمرار الوضع القائم الذي يصب في مصلحتهم مصلحة الإستبداد والديكتاتورية ومصلحة ناهبي خيرات وثروات الشعوب من “الحكومات الديمقراطية الأوروبية-الأمريكية” المشيدة بدساتير الإستبداد (في مصر، المغرب …) وليس في مصلحة الشعوب الطامحة والتواقة للتحرر من كل القيود، وهم حاملين لمشروع قمعي استغلالي  تجاه المرأة بشكل خاص.

زيارة موقع الكاتب: http://aknoul.net

منبر

أمين أكنول
طالب مجاز
أمين الشواي
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال