القائمة

الرأي

تكالب على الجالية المغربية بهولندا !

 كما في علم الجميع،اتخذت الحكومة الهولندية في الأشهرالماضية قانونا مجحفا يقضي بخصم 40%  شهريا من التعويضات العائلية الذي يستفيد منها اليتامى والأرامل المقيمون في المغرب وكذلك خصم نفس النسبة المائوية بالنسبة لتعويضات الأطفال بحيث ستبقى الفئتين المذكورتين تستفيد فقط من 60 % من التعويضات السابقة ابتداء من 1 يناير2013.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

الحجة الواهية التي صاغتها الحكومة الهولندية في هذا الشأن لتمرير قرارها هي أن مستوى المعيشة في المغرب منخفض مقارنة مع هولندا بناء على معطيات صندوق النقد الدولي حسب زعم هولندا، رغم ان الواقع مغاير لذلك تماما  . وعلى سبيل المثال لا الحصر ، أسعارالمواد الأساسية مثل الحليب  والسكروالزيت واللحم وبعض الخضرمرتفعة في المغرب مقارنة مع هولندا ناهيك عن ثمن الأدوية والغازومواد اخرى.

فيما يخص هذا الموضوع ، سبق لبعض الاخوان ينتمون الي جمعية بمدينة بركان أن قدموا بعض الطعون لما يقارب من 750 حالة، تغطي شمـال وشرق المغرب. ويتعلق الأمر بفئة الأرامل واليتامى.الاخوان القائمون غلى هذه الخطوة مشكورون على ذلك ، الا ان مدير بنك التأمين الهولندي اشارالى أن الطعون تبقى ناقصة ،ويجب مرافقتها ب 750 توكيل .

فيما يخص تعويضات الأطفال المتواجدين في المغرب ، فلقد قامت عدة جمعيات بنفس الشيء حيث بادرت مؤسسة آفـــاق بروتردام بعقد لقاء مع الجالية المغربية وتم الاتصال بالمساجد أولآ قصد الاخباروتعميم المعلومات لدى الجالية وثانيا دعوة ومطالبة من يهمهم الأمرأن يباشرو في تقديم الطعون مباشرة بعد استلامهم رسالة من طرف الجهات الهولندية. ولتسهيل المأمورية فلقد هيأنا مطبوعا خاصا بالطعن، يضاف اليه فقط  بعض المعلومات البسيطة مثل الاسم والعنوان والامضاء الخ ..  , وارساله الى بنك التأمين في أجل لايفوق 6 أسابيع حسب ما يقتضيه القانون الهولندي . وتم هذا الأمربتعاون مع التنسيقية بأمستردام وكذلك مؤسسة الهولنديون من أصل مغربي س- م- ت .        

 تم لقاء آخرفي مدينة أمستردام ، نظمه المركزالأورومتوسطي لنفس الغرض، كما تم الاتصال بمحامية ستقدم دعوة في المحكمة ضد هذا القرارباسم بعض الأشخاص. لكن المؤسف في هذا الشأن، هو أن الحكم سيصدر بعد سنة ونصف كأقل تقدير، وليست هناك ضمانات للنجاح مادامت جل الأحزاب الهولندية مصرة على ذلك ، بل أكثر من هذا ، هو أن النقاش الدائر الآن في الغرفة الأولى هو حذف هذه التعويضات نهائيا ابتداء من 1 بناير من السنة القادمة والاستشارة الآن موجودة بين يدي المجلس الأعلى للبث في هذا الأمر من الناحية القانونية . اضافة الى هذا، فان مجموع الطعون المقدمة سواء من المغرب أو في هولندا، سيكون لها وقع ايجابي وينتفع منها المتضررون فقط في حالة اصدارالمحكمة قرارا ايجابيا ورغم أننا نتمنى الخير لكننا لسنا مطمئنين على ذلك من خلال تجارب سابقة .

 اذا ماهو دورالجالية المغربية بهولندا وماهي مسؤولية الحكومة المغربية في كل هذا ؟

 للاجابة على هذا السؤال نود أن نتطرق الى النقاط التالية :

 1- هناك خلل ما في العلاقة المغربية الهولندية، بحيث لايوجد سفيريمثل المملكة المغربية بهولندا لفترة تزيد عن السنتين. وهنا لايمكننا تحميل المسؤولية لأي احد، لأننا لانملك معطيات دقيقة وخبايا الأمور تبقى بيد الدبلوماسيين .

2- الحكومة الهولندية تتعامل دائما مع المغرب بازدراء وتعجرف وبنوع من الشوفينية ونعطي بعض الأمثلةعلى ذلك :

في السنوات الماضية، قامت مديرة السجون و وزيرة الاندماج سابقا ،السيدة ريتا فردونك بزيارة الى المغرب وحاولت الضغط على المسؤولين المغاربة ومساومتهم على ان تتخلى الجالية المغربية بهولندا عن جنسيتها المغربية والاحتفاظ فقط  بالجنسية الهولندبة ،علما أن الوزيرة السابقة تعلم علم اليقين، أن العديد من أفراد الجالية اليهودية يتمتعون ب 3 جنسيات مختلفة : الهولندية والاسرائلية والأمريكية ولكنها لم تجد أمام أعينها سوى الجالية المغربية. من جهة أخرى ، استطاعت الوزيرة المذكورة ان تفرض متابعة اللغة الهولندية في المغرب للراغبين في الالتحاق بالزوج او الزوجة في اطار التجمع العائلي ، ونحن نعلم أن هذا القانون كان الهدف منه الحد من الهجرة ودفع الشباب الى الزواج من هولندا ،القانون لا زال ساري المفعول ويعتيرجائرا بمعنى الكلمة نظرا للتكاليف الباهضة التي يتكفل بها المعني بالأمر، زيادة عن مشاكل التنقل والاقامة في المدن الكبرى التي تقدم فيها اللغة الهولندية دون أن ننسى الخوف من الرسوب في الامتحان الأخير،لأن ذلك يعني عدم الحصول على التأشيرة للدخول الى هولندا. وهذا القانون، هو في الواقع مطبق فقط على المغاربة، لأن الأتراك لم يعد يهمهم القراربعد حكم قضائي لصالحهم أصدرته محكمة هولندية بناء على اتفاقية ثنائية سابقة بين الحكومتين التركية والهولندية.

الأمر المشين الآخر هو أنه غالبا ما ترسل هولندا موظفين إلى المغرب للتحاور و الجلوس مع وزراء مغاربة رغم أن العرف الدبلوماسي يقتضي أن يتحاور الوزير مع الوزير وليس العكس.

النقطة الأخرى هي ان هولندا أصبحت تضغط على المغرب من خلال الاتحاد الأوروبي كما وقع سابقا لموضوع التصريح بالممتلكات في المغرب للمغاربة المقيمين في هولندا. وأصبحت  تلجئ  إلى هذا  الأمر لكي يرضخ المغرب لشروطها، مهددة اياه بطريقة غيرمباشرة بوقف بعض الامتيازات من طرف الاتحاد الأروبي.

 المشكلة الخطيرة الأخرى:

 الى جانب موضوع التخفيضات التي أشرنا اليه سابقا و الذي تبنته الحكومة اليمينية السابقة وبايعازمن رئيس حزب الحرية ، اليميني المتطرف "  خيرت فيلدرس " ، الذي يحقد على الاسلام ويكره المغاربة كرها شديدا. قدم هذه الأيام ملتمسا الى البرلمان الهولندي لمناقشة أغرب موضوع في تاريخ أوروبا وهو: "المغاربة كمشكلة في المجتمع الهولندي " و في حالة قبوله ومن المرجح أن يتم ذلك، ستكون سابقة خطيرة، لها تبعات وتداعيات على الجالية المغربية وذلك للأسباب التالية :

1- سيكون النقاش بمثابة تشهير و تشويه للجالية المغربية على نطاق واسع في القنوات التلفزيونية ،وستستغله وسائل الاعلام وتجد فيه مادة دسمة لترويج هذه الصورة النمطية وهو ما يصبو اليه اليميني المتطرف فيلدرس ويعمل جاهدا على تحقيقه .

2-  النقاش المرتقب ، مجرد الترويج له كفكرة، يعني حرمان شبابنا من سوق العمل وكذلك من ايجاد أماكن للتدريب للطلبة المغاربة حيث ستزيد وتيرة العنصرية .

3- سيتم عزل الجالية المغربية التي تقدر ب 365.000 نسمة ، دون سواها و ستتضرر من ذلك .

4- اذا تم هذا النقاش فعلا ، فستكون له انعاكاسات سلبية على نفسية شبابنا بسبب ازدياد الصورة النمطية على جاليتنا، وستنتج عنه ردود أفعال قوية ستزيد الطين بلة ،لايعلم عواقبها الا الله .

5- نقل العدوى الى دول أخرى كما وقع بالنسبة لالزامية تعلم لغة بلد الاقامة، ونشيرهنا الى ألمانيا وفرنسا  دون أن ننسى الخطوات التي قامت بها بلدية أنفرس البلجيكية مكان تواجد الحزب العنصري " فلامس بلوك " حيث فرضت رسوم التسجيل في البلدية ب 250 أورو بدل 17 أورو سابقا، والقانون موجه فقط إلى الأجانب الغير أوروبيين ، وكأننا عدنا الى النظرية الهتليرية وتصنيف الأجناس .

   أخيرا ، تمرالجالية المغربية في هولندا كما هو الشأن في اسبانيا وايطاليا ، بظروف صعبة للغاية . ومع الأسف الشديد ، بعض الشباب الطائش من أن أصل مغربي المزداد في هولندا، منح فرصة للعنصري فيلدرس لنصل الى ما ذكرناه سابقا ولكن كمجتمع مدني لابد أن ندافع عن جاليتنا المغربية ونتحمل مسؤوليتنا، لأن أغلب أفراد جاليتنا يتمتعون بسلوك راقي وانضباط كبير و يصبون إلى التعايش والتسامح. وإذا كان اليمين و اليمين المتطرف يمرر هذه القوانين و الخرجات الاعتباطية من أجل أغراض انتخابية أو نية مبيتة ضد الاسلام ، فسنكون له بالمرصاد ، حيث شرعنا فعلا في مراسلة البرلمان و ستتم لقاءات على صعيد المدن الكبرى،وسنفتح نقاشا صريحا مع حزب العمل المتواجد في الحكومة الحالية،اضافة الى خطوات أخرى والله المعين .

منبر

لحسن بنمريت
رئيس مؤسسة آفاق للفن والثقافة والتعليم
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال