القائمة

الرأي

السلطة و"علماؤها"

الفتوى التي صدرت عن المجلس العلمي الأعلى، والتي يمكن اعتبارها وصمة عار في جبين المغرب المعاصر، تقتضي منا وقفة حازمة، ليس فقط ضدّ هؤلاء الفقهاء الذين ما فتئوا يورطون أنفسهم في مآزق لا نهاية لها بسبب منطقهم في التفكير، وأسلوبهم في مقاربة قضايا المجتمع والدولة، بل وضدّ السلطة التي ما زالت تصرّ على اللعب على الحبلين، والدعوة إلى الشيء ونقيضه.

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

خطأ من يسمّون بـ"العلماء" أنهم يقضون من الوقت في حفظ متون وحواشي الفقه القديم أكثر مما يقضون في معايشة عصرهم ومجتمعهم والإطلاع على اجتهادات الفقه المعاصر، وعلى علوم الإنسان والمرجعية الحقوقية الدولية، ولهذا يستلذون كلّ فكرة يطبعها التشدّد والقساوة والغلو اللاعقلاني، ويجدون صعوبة في الانحياز إلى الفقه النيّر والاجتهادي الذي يُعتبر عندهم "آراء شاذة"، وهي التي كانت بمثابة شموع مضيئة في عصور ظلمات الجهل والتخلف.

وخطأ السلطة أنها تعتقد في إمكانية الاستمرار في لعب ورقة الدين بوصفه أحد كوابح التطور والدمقرطة، وأداة من أدوات استعباد الناس وإدخالهم بيت الطاعة.

المعضلة التي نحن إزاءها لا تتمثل في وجود "علماء" منغلقين مقلدين غارقين في التراث منقطعين عن العالم، بل في وجود نظام سياسي يمنحهم ثقته في الوقت الذي يسعى فيه عبر العالم إلى نيل شرعية ديمقراطية لدى شركائه الأوروبيين والأمريكيين، مما يؤدي إلى تكريس نوع من السكيزوفرينيا المثيرة للشفقة.

ما حاجة الدولة إلى "علماء" من هذا النوع إذا كانت حقا تعني ما تقوله من شعارات ؟ إنها حاجة في نفس يعقوب، أن تستعملهم عند الحاجة، من أجل تكريس تقليدانية الحكم وإبقاء الحال على ما هو عليه. فالمسئولون ما زالوا يجدون متعتهم في مصادمة الحداثيين بالسلفيين ومواجهة الليبراليين بالمحافظين ومعاكسة الديمقراطيين بالفاشستيين، لكنها لعبة لا تدوم، ولا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، إذ لا بدّ طال الزمن أو قصر أن تجمع بين الناس وحدة المعاناة وأواصر اليأس والإحباط وانعدام الثقة.

يعكس الدستور المغربي في تناقضاته الفاضحة طبيعة الدولة المغربية، وطبيعة السلطة وأهدافها، فهو يضع على كل حق من الحقوق علامة استفهام تنتهي بإنكاره، ويرسم لكل مكسب حدوده التي تنتهي بخنقه وإماتته، دستور يرضي الحاكم المستبد ويتظاهر بإرضاء القوى التواقة للحريةّ، يكرس التفاوت ويتظاهر بإقرار المساواة، فـ "ثوابت المملكة" تظلّ أشبه بالجدار الصفيق الذي يفصل الناس عن عصرهم، ويبعدهم عن بعضهم البعض.

المطلوب اليوم، عوض مسرحية الفتاوى السلطوية السمجة، هو اجتماع الأمة المغربية على كلمة واحدة هي شعار التغيير وإنهاء الاستبداد، الذي هو بؤرة الفساد، التغيير الذي يدفع في اتجاه وضع الأسس الصلبة للبنيان الديمقراطي الوطني الحق، ذاك الذي لا يترك مجالا لاستمرار العادات السيئة القديمة، ولا لعودة أساليب المخزن العتيق مهما تدثرت بدثار العصرنة الكاذبة. المطلوب اليوم هو تفكيك بنيات هذا المخزن ليصبح في ذمة التاريخ، وإرساء دولة المؤسسات، وتجديد الحياة السياسية التي فقدت المعنى، وبعث الأمل في النفوس من أجل الإنتاج والإبداع في كلّ المجالات. وإذا كان "العلماء" لا يفهمون معاني هذه الكلمات فلأنهم بالغوا في دفن رؤوسهم في الكتب الصفراء كما تدفن النعامة رأسها في الرغام، معتقدين أن ذلك ما يمنحهم الحق في ممارسة الوصاية على حياة الناس والعبث بمصائرهم.

منبر

أحمد عصيد
باحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
أحمد عصيد
الحرية والإجبار لا يقبعان في نفس الأذهان
الكاتب : MPHilout
التاريخ : في 28 أبريل 2013 على 15h02
رد على السيد abdoufami

إنك يا أخانا تريد مقابلة بين عدوان متناقضان متناحران (نحر ينحر نحرا)

فإما أمنحك الحرية لتدلي برأيك في منظومتي الفكرية دون أن أهددك وإما أروم الإرهاب والتخويف وأقيد بهما حريتك وأجبرك مسبقا (بالسيف لو اقتضى الحال) بالدخول في منظومتي والإيمان بمقولاتي

الحرية والعنف لا يتفقان وما أراك إلا دلولا خنوعا مهيئا لتقبل سلطة كل حاكم جبار قهار مسيطر مهيمن ومتكبر عليك
فاقبع في سجنك هذا لأنك غير مهيئ بعد للتحرر والإستقلال بذاتك

المخزن المغربي صديقك وهراوته صالحة لتسريح ظهرك
Dernière modification le 28/04/2013 15:03
علماء المغرب
الكاتب : abdoufami
التاريخ : في 25 أبريل 2013 على 15h51
هذا الرجل الذي كتب هذا المقال الذي ليس له رأس من رجلين اسمه عصيد و أظن أنه كيعصدعلي المسلمين المغاربة أولا لم يقل ما هي الفتوي التي يتكلم عنها و لم يإت بأدلة من الكتاب و السنة ليناظر علماء المغرب إن كان عنده علم شرعي يمكنه المناظرة به وإن كان إنما يضرب أخماس في أسداس ليهين الإسلام في المغرب و يدافع عن العلمانية فسيكون كيده في نحره إن شاء الله
صدقت يا أحمد ولم تفصح بعد
الكاتب : MPHilout
التاريخ : في 25 أبريل 2013 على 14h55
الفكر المغربي برمته، شعبه وحاكميه، محدود ومحكوم بنفس الحدود. ويمكننا أن نعمم هاته المقولة بالقول إن الفكر العربي - الأمازيغي - القبطي والشرق أوسطي محكوم بنفس الحدود ومقيد بنفس القيود التي تلخصها جملة واحدة :

ومن تعدى حدود الله فقد ظلم نفسه

كل هاته الأمم وكل هؤلاء البشر محكوم بعنف الجبار القهار المهيمن المسيطر والمتكبر عليها جدا جدا

فطالما لم نسمي الأشياء بمسمياتها فإننا سنحارب بعضنا البعض دون أن تتغير أحوالنا عبر الحقب. هذا هو الخطأ الذي تكرره هنا يا أحمد بعد أجيال خلت.

وإذا الشعوب يوما أرادت الحياة دون عنف ودون خوف من عذاب الدنيا والآخرة فلربما ستتغير أحوالها رغم أنف القدر وسماواته السبع المطبقة على أذهاننا لنبقى حبيسي عالم قروسطي منغلق أكل عليه الدهر وشرب بعدما حل محلها فضاء رحب

ما زلنا بأجمعنا نراوح عالما غير عالمنا ونطوف مع الطوافين السابقين واللاحقين