القائمة

الرأي

الصراع بين التيار الحداثي والمحافـظ

فى الوقت اللي كـيركــّز التيار الحداثي على الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعددية أو بالأخص  على الحقوق الـفـردية، مـستـمد التيار المحافظ وجودو من المرجعية الدينية، الشمولية، أو حتى إيلا تـفـوّه بكلمة الديمقراطية، هاد اللفظ كـيشكـّل غير مرحلة، لأن الهدف الأساسي هـو بسط النفوذ على جميع جسم الدولة فى أول الأمر أو من بعد على العالم بأسره، إيــلا ركـّزات الحداثة، التحديث على حرية الفرد، التيار الـمحافظ ما كـيــآمنش بحرية، بحقوق الفـرد، الجماعة هي كـولـــّـشي، أو هنا كـيـكـمـن بالفعـل الـمشكـل، لأن لــمــّا كـتـدّخــّل فى شوؤن الناس كـتــقـتـل التعددية اللي يمكن لينا نـعتابروا وقـود الديمقراطية الحقيقية، جميع الدول اللي ركــّزات على المرجعية الإسلامية كـتــعــرف اليوما تـوترات، مواجهات دامية، بحال اللي طاري دابا فى مصرة، تونس، ولا ّ فى تركيا، أو هاد الشي راجع بالأساس ألــْـعـدم ترسيخ مفهوم التعددية.

نشر
DR
مدة القراءة: 9'

أخيرا هـبطوا كـثر من 35 مليون مصري أو مصرية للشارع باش يـحـتــجــّوا على "حكومة الإخوان" اللي خنقاتهم، كيفاش حاول الإسلام السياسي إردّ الإعـتبار ألــْـنـفـسو؟ عن طريق الإغـتيال السياسي فى تونس. مـا كــيـهمّـش فاين تـمــّات هاد الجريمة، كانت عندنا ولا ّ عند غيرنا، كـيبـقى "الإسلام السياسي"، الجدول الصغير أو الكبير، المنبع أو الأب الروحي ديال جميع التيارات الإسلامية.

ولو تبان لينا فى "أول وهلة" الصراعات مختلفة، لا فى تركيا، مصرة، تونس، المغرب، كل هاد المجتمعات قـاست من القــهرة، تقلبات التسلط، التحكم أو ذوق الإخوان الأحادي، زيد عليها مصادرة الحقوق الفردية، فى تركيا مثلا، ما بقاش قـدّ يـتـحـمـّل الشعب التركي القيود اللي فرضوا عليه "صحاب حسنات الغـفـران"، أمـّا فى مصرة عـمّ النفور، التـقـزز حتى صبح تقريبا من المستحيل إعيشوا الحداثيين مع المحافظين فى نفس الدولة ولا ّ الحومة.  

جميع الدول اللي عرفات حكومات إسلامية، تركيا، إيران، مصرة، تونس، المغرب إلخ فشلات فى تدبير الشأن العام، لأن الإسلام السياسي ما عرفش كيفاش يتعامل مع شرائح عريضة من هاد المجتمعات اللي منفاتحة على العالم، على الثقافات، الحضارات، اللغات أو ديانات الآخر، المرجعية الإسلامية ما عمــّرها تضمن لينا الحرية، أوضاع ديمقـراطية قارّة، أو التجارب التركية اللي كـيــتـعــنـــّاوا بيها "الإخوان" دياولنا خير دليل، حيث كـاين تمــّا كثر من 100 صحفي فى الحبس، رقم اللي ما كـتــعرفوش حتى الصين، ولا ّ كوريا الشمالية، أو التعايش السلمي بين الإسلاميين والحداثيين تقريبا "شبه مستحيل"، لأن الإسلاميين ما كيعرفوا غير صديق ولا ّ عـدو، أمــّا ما صديق ما عدو ما كاينش فى قاموسهم، أو اللي ختالف معاهم "إيــلوم راسـو" كيف خـطب فينا بن كيران أخيرا، هادي لغة التهديد، الإستـفـزاز، الديكـتــاتــورية بامتياز، اللي كـتــكون فى أول الأمر لفظية باش ترجع "جسدية" من بعـد، غتيال محمد براهمي فى تونس كـتــعـلل هاد الطرح.    

الخطأ الكبير اللي كـيقـوموا بيه المحافظين الإسلاميين فى تدبير شؤون الناس هو الخلط بين المسؤولية الحكومية أو الأجندة الإسلامية، هــنـا كــتــّمــيــيــّع الدولة أو كـترجع بـوق، سويقة إسلامية كـتــّـبــاع فـيها جميع "الـتــوابل الربـّـانـية" اللي يمكن ليها تـخطر ليك على بالك، الشبـّة، الحرمل، العـود، الـنـدّ، الـجــّاوي المكــّاوي، المسك، السـجّـادة، الـتـــّـسابيح، الطـّاكية البيضة أو خريطة السعودية إلخ، فى هاد الحالة كــتــّـشــابك الدولة مع الدين حتى كـيـغــلــّـفها، إعـقـــّمها "وتكاد يغـمى عليها"، حتى كـيحـســّوا المواطنات، المواطنين باللي هاد الناس مللي جاوْا أو هوما كـيـقـوموا بهجومات، "غزوات متتالية" بصفة مستقرة على وجودهم، حياتهم اليومية، أو الحكـّام الإسلاميين، المغرورين بنفسهم، كـيـضنــّوا أن الشعـب فوّضهم، وكـّـلـهم إوجــّـهـوه كيف أمــّا رشقات ليهم، أو هاكدا كيقولوا لينا ها "الـفـن النظيف" أو ها "الفـن الوسخ"، ها المهرجانات ديال بالصح، أو ها ديال المجون أو الرذيلة، ها الرضى، ها السـّـخط،  حتى زعم الأخ مرسي "الـمخـلـوع" أن الشـّطيح هجوم شنيع على الدين الإسلامي أو خصـّص ليه جوج ديال البنود فى دستورو المثير للجـدل، لأن الشطيح "أو هـزّات الذات" على حسب تقديرو "عندها تأثير سلبي على المشاهد"، يا سلام على الـعـمق فى التفكير، أو العومان فى البحر بالجلا ّبة أو الفولار يجوز، حتى تـرسم جسم المراة كـولــّو بحال كـي ولـداتها أمــّـها؟

عـرف يـخـلـق، يبـتـكـر الشرق الأوسط جميع الديانات السماوية، قرون أو كل هاد الديانات عايشة فى تناغم، تلاقح أو حترام متبادل، ولاكن اليوما كـتـوجب علينا نعـتـارفوا هو أول مصدّر الإرهاب، التزمت، العنف، ضيق العـقـل أو الأفق، لأن إيـلا كان بالنسبة ألــّحداثيين التعدد رحمة، ثروة، بالنسبة ألــّـمحافظين الإسلاميين معصية، فاحشة، ضروري أتـــّـحارب بجميع الوسائل، بالقلم، باللفظ أو إيـلا مـا كـفـاوْش بنسف، تشويه الذات، التعدد بالفعل غـنى، أحادية الرؤية أو المنهج، ضرارة، قـنـبلة موقوتة اللي يمكن ليها أتــّـفـجر حتى فى أوجه اللي كـيــلـعـب بمستقـبل الناس.

فى العمق الصراع بين "المقدس" أو "المدنس" كـيـشكـل ثوابت ألـْـمجموعة من الديانات، ولاكن اللي كـنـلاحظوا اليوما تـبـهدلات القيم الحميدة، تحـوّر مفهومها صـحـّـة، رجعات مقـوّمات، توابل العنف الديني، حتى نصـّـب الإسلام السياسي نفسو أوكيل على الله باش "إنـظـّف" هاد الكوكب من جميع الكفار، الحاقدين على الله أو الرسول، ولو هادوا اللي بغـى الإسلام السياسي إحارب ما عمـّرهم خرجوا من الإسلام، باقيين قابعين فيه، كـيـقوموا بالزكاة، كيـصـلــّيوْا، كيحـثوا الناس يمشيوْا ألــْـجامع الحومة، ألــّـحج  "ومن استطاع إليه سبيلا"، الإسلام السياسي ما كـيـفـرّقش بين المسلم المعتدل، المسلم العلماني، المتدين الخشوع المسيحي ليهودي ولا ّ البوذي، ألا ّ! ما كاين غير مسلم ولا ّ عـلماني، يعـني كافـر، أو شحال من مرة سمعنا أسطوانة بن كيران، كل مرة نـتــاقـدو شي حدّ، إلا ّ أو تهمو بالعلماني، يعني حسب قاموس الإخوان: كافر، أو الكافر كـيحق فيه الجهاد، التقـتيل، كيف أمــّا حصل فى تونس.

ما حـدّ ما كايناش نية صادقة، ضمانات محصـّـنة، مدوّنة فى بنود قانونية، كتفصل الدين على السياسة، غـادي ديما إدوخلوا الإخوان فى صراعات مستميتة مع شرائح عريضة من الشعب المغربي، أو ما حـدّ الإسلام السياسي مرتبط بالتطرف، الإرهاب غادي إكون هاد النهج ديما عـديم "الـثــقـافة"، ثــقافة دينية كـنـقـصـد، اللي كـتـشكــّـل جميع الأدوات الازمة من أجل ترسيخ "التديـّن"، مع العلم أن جميع الحركات اللي تبنــّاوْا الإسلام السياسي كـيـكــنــّوا عـداوة، "كراهية قصوى" للثقافة بصفة عامة أو ألــّمفـكــّرين، المثـقـفـين بصفة خاصة، أو ستضافة لطيفة أحرار ولا ّ بعض القـراقـبية، هادوا غير ديكور ولا ّ على أقصى تقدير دابـّة كـتـــّســخــّـر فى جـرّ كــرّوسة الحزب المعطوبة، لأن التعدد الثقافي كيـعــتابروه المحافظين تشويش غير مقبول على الرسالة الوحيدة، الواضحة اللي كـتـجـلــّى فى البرهان الربـّاني.

هاكدا كيمكن ليك تـصـدّر هاد الرؤية البسيطة، السـّاذجة ألــّعالم كولـّو اللي ما كـتـعرف لا الشك، لا المحال  ولا ترتيب عقلاني فى القيم، كاين غير إمـّا مسلمين ولا ّ كـفـرة، بـيـنـاتهم ما كاين والو! أو أشياء اللي فى العمق مسائل تافهة كـتـرجع أساسية، تـيــرمــوميتر الأخلاق الإسلامية الحميدة، بحال تسلــّم على الناس باليد، هـاكـدا كـيـخـلق، ينشر الإسلام السياسي صراعات، نزاعات ثقافية عـدوانية فى أوسط المجتمع حتى كـنـفـقـدوا الثقة فى بعضياتنا.

زدهار الإسلام السياسي مرتبط "لا محالة" بإكراميات البترودولات السخية أو الفقر الثقافي، غير شافت السعودية أنه من المحتمل يتـقـلب "السحر على الساحر"، دغية حوّلات، هي أو الإمارات العربية 12 مليار دولار ألــْـفائدة الحكومة الجديدة فى مصرة، ولاكن مع الأسف تـشــّعبات الحـُـمــّة فى الـذات أو ضروري نعرفوا نـتعايشوا معاها، لأن هاد الناس، بغينا ولا ّ كرهنا، طرف منــّا، كيف حتى هوما خصهم يعتارفوا بهاد الحقيقة، حـنا طرف منهم، "شاؤوا أو أبو"، باش نـقـبـطوا شي نهار العصا من لوسط، لأن عدم التسامح، العصبية، الكراهية، إقصاء الأقليات، كيف أمــّا كان نوعها، جنسية، حزبية، إثنية، لغوية إلخ غادي إأدّي حتما للرتابة الثقافية، النكوص، التقـهقر، الجمود، الأفق المسدود أو فى "آخر المطاف" للتمرد.

الفكرة الأساسية اللي كـيـعـتـمـد عليها التيار المحافظ هو دور الدولة أو علاقة الدولة بالدين، الإسلام السياسي كـيـعــتـبر الدولة وسيلة، وكالة قصد ترسيخ، ستنبات قيم إسلامية محضة، لا الإخوان فى إيران، تونس، تركيا، مصرة ولا ّ فى المغرب، كـولــّهم بـاغـيين مسلمين "هايْ كــْـلاص"، يعني مسلم، مسلم، بقوة القانون أو سلطة الدولة، بـلا ما عـمــّـرنا نطلبوا منهم شي حاجة،  يـعـطــيوْنا غير بالتــّيساع أو ما إدوخلوش فى الأمور اللي ما كـتعـنيهمش، الإسلام السياسي كيـستـغـل الدولة باش إفـرض قـيمو من الـفـوق، يعني ماشي عن طريق التراضي، التوافق، ألا ّ! لأن التراضي، التوافق هزيمة حسب تقديرات الإسلام السياسي اللي كـيـعرف غـير الفـتوحات، النجاحات الباهرة، الغنيمة، أمــّا الفشل، الشك كـيـعــتابرو غـير خرافة، مهاترات. 

أكيد كـيـشـكــّل الإسلام المعتدل دين المملكة المغربية، هاد "الأمر لا جدال فيه"، ولاكن ضروري نفصلوا الدين على تدبير الشأن العام، إلا ّ أو بدينا كـنراقبوا الناس شنو كـيعملوا فى وقت فراغهم، مع من كـيـتواصلوا، شنو كيلبسوا، كيف كيلبسوا، شنو كيشربوا، لاين كيمشيوا، مع من كيتصاحبـوا إلخ، الإسلام السياسي ما كـيـتـقــبــّلـش اللي إنافسو، تدبيرو للشأن العام ما كـيعرف حدود، لا للذات لا لــَـشهـوتـو، أو هاد غـريزة حب البقاء أو التوغـل فى دواليب الدولة كيخلق أجواء، علاقة متوترة، غـير سلـيمة مع جميع المواطنين، المواطنات، حتى عـمـّات عـدم الثقة، أو فى حالة إيلا قاموا الإخوان بتنازلات، ما عمـّرك تعرف واش هاد الشي غير تاكتيك ولا ّ ستراتيجية معينة، لأن سقـف مطالب الإخوان هي "الخلافة فى أرض الله"، أمــّا الـفـرد مـا كـيسوى والو، ما واردش فى قاموسهم، بحال بن كيران أخيرا، غير حصل، أوقف فى العـقبة، لأنه كيعرف يمشي غير فى لوطى، عاد كتاشف الـفـرد أو "الـتشاوُر" معاه، حتى بدا كـيفطر، يهضر مع جميع أمناء الأحزاب السياسية، حتى مع هادوك اللي لـفـّـق ليهم من قبل أقـبح النعـوت. ولا ّ ياك ما هاد المعاملة، المقاربة غير خدعة ظرفية بغية المهادنة حتى تدوز هاد الحملة، الإعصار اللي الفاعـل الأساسي أو بطل هاد المسلسل الدامي هـو الإسلام السياسي نظرا ألــفشلو الذريع فى تدبير الشأن العام.

"الأخ" أردوغان خـير دليل على هاد التـّاكتيك أو "عملية الـفـرّ والكــرّ"، ديما كـيـحاول إكـبــّل الشعب التركي بقوانين إسلامية جديدة، غير كـيشوف العين حمرة جمرة، القضية غادي تحماض، كـيـسـحب بالـزّربة القانون اللي طـبـخـو فى "كوزينة الـحلال"، والله ما نتيق بهاد الناس! النهار اللي إكونوا الأقليات، بعض النظر على ميولاتهم، كيف أمــّا كانت نوعـيتها، جنسية، إثنية، دينية، لغوية إلخ، كـيـحضاوا بتـمـثــيلية واسعة فى  أوسطهم أو ناس مشهود ليهم بـمواقفهم النزيهة، المستنيرة اللي كـتـعـرف تبني الجسور، تآمن بحب الخير للجميع، بالإيمان الصادق، بـطهارة القلب أو سلامة النية، ديك الساعة مرحبة بيهم.  

جميع الـدول الغـربية، ضمنات الرفاهية، الإزدهار الفـكري أو الإقتصادي، نجنحات فى مسارها الديمقراطي لأنها كـتصـارح شعـوبها، كـتـعـتـرف بالخطء، بنسبية الحياة البشرية، لأن العــنــاد بوحـدو هو اللي ما عــمـــّرو يــتـقــبــّل الحجة، ولا ّ كـيف أمــّا قـال الكاتب، المفكـر أو المسـرحي الألماني الشهير بـيـرْطـولـْط بـْريـخــْت: اللي ما بغاش يـعـتـرف بالحقـيقـة، يمكن لينا نـعـتـابروه مغـفــّل، ولاكن اللي عـرفها أو زعم أنها أكـذوبة، هادا مـجرم.  

منبر

د. مراد عـلمي
أستاذ جامعي و مترجم
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال