القائمة

الرأي

"الحزب الإلهي" أو عندما يصبح الله فاعلا سياسيا

"لا داعي للتصويت على الله فهو لم يرشح نفسه"، هكذا خاطب أحد المثقفين المصريين مواطنيه الذين استغربوا لقيام بعض مرشحي الإخوان والسلفيين في الانتخابات المصرية بنعت أنفسهم بـ"المرشح الرّباني" و"المرشح الإلهي" إلى غير ذلك من الألقاب السريالية، والصفات المثيرة للسخرية.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

رئيس حكومتنا المغربية وقع بدوره ضحية إغراء هذا الخطاب الديماغوجي، وهو أمر طبيعي يعود إلى القرابة الإيديولوجية والفكرية والعقدية الموجودة بين إخوان مصر وإخوان المغرب، مما جعل الرجل يركب الموجة ويعتبر حزبه "حزبا إلهيا"، ليس بهذا التعبير المباشر، بل من خلال التخريجة التالية: إن "الله هو الفاعل" (يقصد في السياسة)، وأن هدف حزب المصباح هو الله وليس الحكم والسلطة، وهو ما يعني أن الحزب المذكور إنما يفعل بإرادة الله وتوفيقه، ولا يتحرك ولا يصدر قراراته إلى بترشيد وإلهام من الله، الفاعل الأول والحقيقي، وأن هدف حزب المصباح من الدخول في الانتخابات وخوض الصراع السياسي هو هدف ديني هو وجه الله، وهو ما ينجم عنه أن اختيارات الحزب إنما هي اختيارات الله، ومخالفتها أو نقدها لن تكون بالطبع إلا "جرأة على الله"، كما تعودنا أن نسمع من خطباء الحزب ودعاته.

هكذا يكون الله تعالى من قرّر زيادة درهمين في ثمن البنزين، ومن نقض وعده وقرر التخلي عن تشغيل المعطلين، ومن تحالف مع المفسدين وعفا عما سلف من كبائرهم، ومن عجز عن تدبير أبسط المشاكل المالية للحكومة، ومن لم يوفق في وضع القوانين التنظيمية التي ينصّ عليها الدستور، ومن طأطأ رأسه أمام مافيات المناجم التي تنهب الثروات المعدنية على حساب السكان المستضعفين، ومن مازال يستمر في إنتاج الرداءة في التلفزيون، ومن أعلن بأن الدستور الحالي والانتخابات الأخيرة يمثلان قطيعة مع الاستبداد، ومن يتناقض كل يوم ويقول الشيء ثم ضدّه ويتلوّن بألف لون، إلخ ،، إلخ .

بهذا التصريح أمام شبيبة حزبه، يعود بنا السيد بنكيران أربعة عشر قرنا إلى الوراء، ويثبت لنا بأنه لم يستفد شيئا من نكسة الإخوان وسقطتهم، وأنه بصدد السير على نهجهم رغم كل الدروس والعبر الظاهرة للعيان.

يذكرنا رئيس حكومتنا الذي ابتلينا به بمأساة طبعت تاريخ الإسلام منذ القرن الأول، وهي المسمّاة "الفتنة الكبرى"، والتي انفجرت في عهد عثمان بن عفان وانتهت إلى تكريس استبداد المُلك الوراثي والعصبية القبلية العربية الأموية التي قامت على النهب والسلب والغنيمة واستغلال الدين في الدولة لأغراض السياسة والنصب على الناس.

نُذكر السيد بنكيران بأن الشرارة الأولى للفتنة كانت قول الخليفة عثمان في ردّه على منتقديه السياسيين الذين طالبوا بخلعه: "والله لن أخلع قميصا ألبسنيه الله !"، فحوّل بيعة الناس له إلى تفويض إلهي، كما نُذكر رئيس حكومتنا بأن الخلفاء الأمويين أقاموا ملكهم على اعتبار المال "مال الله" وليس مال المسلمين، واعتبرو أن "الله هو الفاعل بإرادته "وليس الإنسان، لكي يبعدوا مسئولية أفعالهم عن أنفسهم، فقتلوا معارضيهم الذين أكدوا أن الإنسان حرّ مسئول عن أفعاله ويحاسب عليها، ومنهم معبد الجهني وغيلان الدمشقي وعمرو المقصوص.

نُذكر السيد بنكيران أيضا بأن منطلق حكومته طبقا للدستور هو ما سمته "ربط المسئولية بالمحاسبة"، وهو مبدأ ديمقراطي صميم، فمن نحاسب إذا كان الله هو الفاعل في السياسة ؟

نذكر أيضا من بحاجة إلى تذكير بأن تأسيس الأحزاب والمشاركة في الانتخابات إنما يكون بهدف الوصول إلى السلطة وتدبير الشأن العام في ظل القانون وهذا من حق كل واحد، وليس الهدف والغاية من العملية السياسية هو "الله" كما يزعم رئيس الحكومة، وأن هذا الإصرار على إخفاء الحقيقة والتحذلق في العبارات لا يؤدي إلا إلى المزيد من فقدان الثقة والمصداقية، عكس ما يعتقد رئيس الحكومة، الذي ما زال لا يعرف بأن استغفال الجماهير وتخديرها بالعواطف لا يمكن أن يغني عن ثقة النخب السياسية والمدنية الديمقراطية.

يقول "البيجيديون" إن حزبهم ليس حزبا دينيا، وأنه حزب سياسي مثل غيره من الأحزاب، لماذا إذن ينفرد لوحده بإقحام الله في السياسة وجعله فاعلا في تسيير الشأن العام بجانب حزب المصباح ؟ وإذا لم تكن اللعبة قد انطلت على المسلمين قبل أربعة عشر قرنا، فقتلوا الخليفة الثالث وحاربوا الأمويين إلى أن أسقطوا دولتهم، كما لم تنطل على المصريين اليوم، فخرجوا عن بكرة أبيهم ليقولوا للمرشح الإلهي والرئيس الرّباني "إرحل !"، فهل يعتقد السيد بنكيران بأن اللعبة ما زالت صالحة لأن تعاد؟

نتفهم أن السيد بنكيران في ورطة كبيرة هذه الأيام، وأن أتباعه وأصدقائه يمرون بتجارب مريرة ومحن كثيرة ترهق أعصابهم، كما نعلم أن تجربتهم القصيرة في الحكومة أبانت عن نقص كبير لديهم في الخبرة والكفاءة، لكن ذلك ليس مبررا لأن يقحموا الله بيننا وبينهم، لأننا ننتقد الحكومة نقدا سياسيا، وننتظر منها إنجازات سياسية على الأرض، ونعتبر أعضائها بشرا يخطئون ويصيبون، ولهذا لا ينبغي أن يصل بهم الاستخفاف بالمغاربة وبذكاء الناس إلى هذا الحدّ المثير للشفقة.

منبر

أحمد عصيد
باحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
أحمد عصيد
توفي محمد عابد الجابري ولم تتغير النظرية العتبقة
الكاتب : MPHilout
التاريخ : في 02 شتنبر 2013 على 22h08
أيها السيد المحترم عصيد

إنني أوافق كل أقكار هذا المقال إلا فكرة واحدة، يرددها كل التقدميون دون البحث فيها. إنها المفتاح الذهبي والحل الذي يتهرب من استخدامه كل المفكرون بالعالم العربي الإسلامي : قول الحق، كــل الحق
وما الحق إلا حقيقة تاريخية بديهية

من هو أول من استحوذ على الحكم وعلى خمس الغنيمة لسم الله ؟
من تخلص من كل معارضيه بالجهاد وبالسيف ليستحوذ على الجزيرة العربية ثم أرسل رسالة "أسلم تسلم" بينما كان من حقه أن يعبد الله لأنه بن عبد الله ؟
لم ينجب إبنا بلغ السن الكافية ليرث ملكه، لذا ورث الأمر أهل بيته أي آباء نساءه وزوج لبنته (أنسابه بالمغربية)
فاتهام الأمويين بتغيير أسلوب الحكم بالبلاد الإسلامية فكرة خاطئة ومراوغة فكرية كي لا نتهرب من إعادة الإعتبار لأجدادنا بمكة الذين كانت لهم الحرية في الإعتقاد وفي التوحيد كذلك دون التعدي على ضمائر الناس. فاتهام الأمويون فكرة هشة وذريعة لكي لا نعيد النظر في الأسس الهشة لفكرنا السياسي وأولي الأمر والحل والعقر فيما بيننا

إلى أي مدى سنررد مع المرددين فكرة خاطئة كل الخطأ
بات من اللازم علينا نبذ الوفاق والإتفاق على النفاق أيها الإخوة والأخوات من التقدميين

وإليكم مني أطيب التحيات
محمد باسكال حيلوط
اعود بالله من العبت باسمائه
الكاتب : هههههههههه
التاريخ : في 31 غشت 2013 على 18h26
هاد شي لي بقى ليهم الله اكبر
من هده السياسات التي يستعملها هاؤلاء السياسيون
"الحزب الإلهي" أو عندما يصبح الله فاعلا سياسيا
الكاتب : najde khalid
التاريخ : في 30 غشت 2013 على 18h17
"و راهم كيتعلم لحسان في روس ليتام"
إنهم يحالون إستغفال شعب بأكمله
عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة…….عفاالله عما سلف
ما هي إلا مراوغات لكي يظلوا في مناصبهم الوزارية….لكن ماشاء
الله "راه اولاعبد الواحد كلهم واحد"