القائمة

مختصرات

أجراس الخطر تقرع على اللغة العربية في المغرب

 

التدهور والانحطاط الذي طرأ على اللغات الأصلية للبلدان، التي خضعت للإدارات الاستعمارية، اكتسب أبعاداً مأساوية في المملكة المغربية، التي احتضنت عبر تاريخها الطويل حضارات وعرقيات مختلفة، كالفينيقيين، والرومانيين، والأندلسيين، ولغات كالعربية والأمازيغية. إن هذا التنوع الفسيفسائي الذي من المفترض أن يعكس غنى وثراء، بات يفتح المجال لبروز اللغط والارتباك على الصعيد اللغوي.  

التدهور والانحطاط الذي طرأ على اللغات الأصلية للبلدان، التي خضعت للإدارات الاستعمارية، اكتسب أبعاداً مأساوية في المملكة المغربية، التي احتضنت عبر تاريخها الطويل حضارات وعرقيات مختلفة، كالفينيقيين، والرومانيين، والأندلسيين، ولغات كالعربية والأمازيغية. إن هذا التنوع الفسيفسائي الذي من المفترض أن يعكس غنى وثراء، بات يفتح المجال لبروز اللغط والارتباك على الصعيد اللغوي.  

 

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

تعتبر "اللغة المغاربية الدارجة"، المنحدرة من اللغة العربية والمتأثرة بالفرنسية والأمازيغية، لغة الحياة اليومية، إلى جانب الفرنسية والأمازيغية، لغة السكان الأصليين لشمال أفريقيا واللغة الرسمية الثانية إلى جانب العربية في المملكة المغربية.

وبالرغم من أن العربية هي اللغة الرسمية في المملكة، إلا أن تداولها، بات مؤخراً أشبه بلغة أجنبية، فيما أوضح رئيس الوزراء المغربي "عبد الإله بنكيران" في أحد خطاباته العام الماضي، أن اللغة العربية في المملكة المغربية تمتلك خصوماً أشداء.

وشهدت "اللغة الدارجة"، التي تحتضن بين جنباتها الكثير من الكلمات العربية الفصحى والأمازيغية والفرنسية والإسبانية وكلمات من اللهجة الحسانية (لهجة بدوية مشتقة من العربية التي كانت تتحدثها قبائل بني حسان في أغلب صحاري موريتانيا وجنوب المغرب) تطوراً وانتشاراً واسع النطاق في منطقة المغرب العربي خلال حقبة الاستعمار الغربي، ما جعلها عصية على فهم الناطقين باللغة العربية العامية، في بلاد الشام ومصر والجزيرة العربية، فضلاً عن أن بزوغ تلك "اللغة"، غير المضبوطة من ناحية القواعد والكلمات، وما تحتويه من فروقات بين منطقة وأخرى، خلق مشكلة حقيقية في التواصل بين أبناء البلد الواحد، خاصة بعد بدء دخول كلمات إنكليزية إليها، عن طريق طلاب الجامعات، الذين بدأوا يولون تعلم الإنكليزية إهتماماً كبيراً، الأمر الذي جعل الجملة الدارجة الواحدة، تحتوي على كلمات من ثلاثة أو أربعة لغات مختلفة.

من ناحية أخرى، ترتفع أصوات بين الفينة والأخرى، تطالب بسحب تدريس اللغة العربية من المؤسسات التعليمية واستبدالها بالدارجة، استناداً إلى أن ذلك التوجه يتماشى والتجارب العالميّة التي خلصت إلى أن التعلم باللغة الأم يكون أفضل ويعطي نتائج أحسن، كما يطالب مناصروا الدارجة بوضع قاموس لها، وضبطها بقواعد خاصة، بدل الدفع نحو تعزيز اللغة العربية، فيما يرى مناصرو العربية، أن اعتماد الدارجة كلغة رسمية على حساب اللغة العربية، سيؤدي إلى قطع أواصر التواصل بين سكان المملكة المغربية وبقية الشعوب العربية والإسلامية، وسيهز أسس الهوية الوطنية المغربية.

وبعيداً عن كل التجاذبات، لم يعد بالإمكان إنكار حقيقة انتشار الدارجة، في ظل انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن بعض الصحف المطبوعة بدأت بشكل فعي باستخدام الدارجة في نقل أخبارها وكتابة مقالاتها اليومية.

ويرى كثيرون، أن مشكلة اللغة باتت بحاجة إلى قرارات من مستويات عليا، في ظل سيطرة الدارجة والفرنسية على جميع مجالات الحياة اليومية، حتى أن بعض الوزراء، لا يمتلكون القدرة على التحدث باللغة العربية الفصحى، ناهيكم عن المؤسسات العامة وغيرها، ما دفع وزير التربية المغربي "لحسن الداودي" إلى اقتراح تدعيم التعليم باللغة الإنكليزية، للتخفيف من سيطرة اللغة الفرنسية على مناحي الحياة في بلاده، وللدفع بالبلاد إلى تحقيق الانسجام مع التوجه العالمي وأنظمته التعليمية، إلا أن تلك الاقترحات لم تلق ردوداً فعلية على أرض الواقع من قبل الحكومة حتى الآن.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال