القائمة

الرأي

الخالدون.. في مناصبهم

 

بحكم التعوُّد، نتخيل الحياة بدونهم مستحيلة، وبحكم التطبُّع على الانحناء في حضرتهم والنظر إلى الأرض، لا نرى أفقا آخر غيرهم.. لهذا نبذل جهدا كبيرا بالصمت أو بالدجل أو بالمدح كي يظلوا هناك خالدين مدى الدهر.

بحكم التعوُّد، نتخيل الحياة بدونهم مستحيلة، وبحكم التطبُّع على الانحناء في حضرتهم والنظر إلى الأرض، لا نرى أفقا آخر غيرهم.. لهذا نبذل جهدا كبيرا بالصمت أو بالدجل أو بالمدح كي يظلوا هناك خالدين مدى الدهر.

 

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

في الدول الديمقراطية، يتغير الرؤساء والمديرون كل أربع سنوات أو يزيدون قليلا إذا بلغوا التفوق والعبقرية، أما في وطني، فتتغير الفصول الأربعة والأجيال والحكومات، ويتغير الشعب ويصير أكثر بؤسا؛ ولا يتغير مديرو المؤسسات العمومية الكبرى.. يتخشبون على كراسيهم الوثيرة إلى أن يصيروا تحفا نادرة.

سبحان من خلقهم وسوّاهم! وكأنهم كائنات خارقة، لا يتعبون، ولا يمرضون، ولا يستنفدون طاقاتهم الإبداعية، يُشحنون أوتوماتكيا بأجهزة التحكم عن بعد.. نَفسُهم يتجدد شهريا بأكسجين الامتيازات والأجور العالية، هم أبطال وطنيون فوق العادة، يفنون عمرهم في خدمتنا، لا حياة خاصة لهم، يكدُّون ليل نهار لوحدهم في سبيل راحتنا، يتعبون ليرتاح الشعب وليستمتع بعطالته ونزهته اليومية في مسيرات الغضب.

هم كائنات خرافية، لها أكثر من رأس، وأيادٍ أخطبوطية، هم فرادى ومتعددون، يكونون هنا وهناك في الوقت نفسه، يفهمون في كل شيء، يسيّرون أكثر من قطاع حيوي بعصا سحرية.. وحدهم الأذكياء ومن دخلوا المدارس ومن يضيئون البلد.. يجمعون ما بين الكهرباء والماء، وبين التلفزيونات وكرة المضرب، وبين الاتصالات والقفز على الحواجز، وبين الثقافة والفلاحة، وبين السياسة والتجارة دون أن يتيهوا أو تختلط أوراقهم... إنهم مدهشون ومتفردون، لم يجد الزمن بمثلهم، ولم تلد نظيرا لهم أرحام أمهات الوطن.

هم كائنات لامنتهية الصلاحية، ومقاومة للرطوبة والتلف وتقلبات الطقس، لا تجتث جذورهم رياحُ الربيع ولا العواصف الشعبية المباغتة، يتكيفون مع كل الفصول، ويتلونون حسب ضرورات البقاء، لا تتحكم في وجودهم أو رحيلهم صناديق الناخبين، ولا يخضعون للمحاسبة والمساءلة، لهم دستورهم الخاص والقدسي.. ثابتون في مكانهم ومنضبطون، يسيرون في خط مستقيم، لا يميلون يسارا ولا يمينا كدمى آلية خرساء.

ما أتعسهم! هؤلاء الثابتون في مناصبهم مدى الدهر، لا يُسمح لهم بالرحيل وإن رغبوا.. لا سلطة لهم في تقرير المصير وإن ضجروا.. لا يُقالون من مناصبهم وإن فشلوا.. معتقلون فوق الكراسي ينتظرون القدر أو إعادة توزيع الأدوار. لا يرحلون إلا على نعش في جنازة مهيبة، أو بأصفاد إلى زنزانة مكيفة، أو على إثر غضبة، بشرط ألا تكون شعبية.

المحظوظون جدا هم المغضوب عليهم من طرف الشعب، هم الذين ينعم الله عليهم فتُرفع صورهم في المظاهرات الاحتجاجية، أو تَرِد أسماؤهم في عرائض العار أو صفحات الفضائح أو في تقارير المجلس الأعلى للحسابات.. هؤلاء لا يخلدون فقط، بل يترقون إلى أعلى درجات السمو، فطوبى لهم بعز بلا زوال، وبغنى بلا عناء، وببقاء بلا فناء.

منبر

فاطمة الإفريقي
إعلامية
فاطمة الإفريقي
كفى هراء عزيزتي !!!!!
الكاتب : رشيد
التاريخ : في 21 ماي 2014 على 23h56
إنهم ليسوا كذلك ...فالكثير منهم - بل نسبة % 99 - استفادوا مما أُطلق عليه : المغادرة الطوعية ، لكنهم حازوا المبالغ الضخمة ولم يغادروا الكراسي ، بل التصقوا بها وبعقود امتيازية اعلى مما كانوا يتقاضونه ، ابتداءً من وزارة المالية .
مساكين ....هم خيرة البلد ودواليب الدولة تتوقف على وجودهم ، هم الخبرة وهم رؤساء المصالح ...... أي مصالح ؟؟ مصالحهم طبعا ..
لكن العمر قصير مهما طال الزمن ، فلا تيأسي عزيزتي ...فقبورهم في انتظارهم ولن يحملوا معهم سوى أوزارهم ...فهي رفيقتهم أما ما اكتسبوه فهو عبء انحراف ذرياتهم ...فلا تقلقي فمال الشعب لن يناله إلا الكادحون حـــقـــا !!!!