القائمة

الرأي

"الهوامش المنسية" كتاب الطابوهات الجديد الذي صدر من المغرب العميق

صدر مؤخرا كتاب “الهوامش المنسية” الذي يسائل المسكوت عنه الذي لا يراد له أن يسمع بصوت مرتفع، أي ذلك السري الذي يفعل فعله مستترا، الهامش أو اللامفكر فيه، سواء جغرافيا أو سياسيا أو ثقافيا أو دينيا 

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

صدر مؤخرا كتاب “الهوامش المنسية” الذي يسائل المسكوت عنه الذي لا يراد له أن يسمع بصوت مرتفع، أي ذلك السري الذي يفعل فعله مستترا، الهامش أو اللامفكر فيه، سواء جغرافيا أو سياسيا أو ثقافيا أو دينيا .. هو كل مجال يهرب من لحظة السؤال كيفما كانت الذرائع، إنه كتاب الطابوهات الجديد الذي صدر من المغرب العميق وهو باكورة الكاتب والمدون كريم اسكلا، شاب من “إمزيلن أشراحيل” ببومالن دادس بالجنوب الشرقي المغربي، والمهتم بالتدوين والنشر الإلكتروني.

كتاب “الهوامش المنسية” يتناول المهمش جغرافيا ويطرح سؤال “نفق تيشكا” و”معتصم ايميضر”، والمهمش ثقافيا حيث يطرح سؤال الجسد في المجتمع المغربي، وكذا سؤال “البكارة”، إضافة إلى سؤال المهمش دينيا عبر مناقشة التمثلات الاجتماعية حول “عيد الأضحى” ويناقشه مناقشة انتروبولوجية سيكولوجية.

كما لم يغفل الكاتب الذي تحدث لمشاهد أنفو، مساءلة الهامش السياسي عبر اثارت إشكال الشرعية السياسية بعد الربيع الديمقراطي والثورة التونسية، وكذا المهمش اجتماعيا حيث يرسم بورتريهات لأشخاص من المغرب العميق، وكذا المهمش تاريخيا إذ يساءل المسكوت عنه في التاريخ الرسمي من خلال “اتفاقية اكس ليبان” .. “الكتاب خطوة في مشروع يراهن على زعزعة الكثير من البرك الراكدة وتكسير العديد من “الصناديق السوداء” يقول كريم أسكلا لـ “مشاهد.أنفو”.

وفي الحوار الذي أجراه مع “مشاهد.أنفو” يقول أسكلا، “بذخ” أن تعشق الكتاب في مجتمع تراكمت عليه كل أحوال وعلل الإقصاء والتهميش، “بذخ” أن تخصص دفترا لكتابة إبداعاتك وخواطرك، وأهلك يحسبون مصاريف دراستك بـ “الخوشيبات”…”بذخ” أن تقرأ قصة أو مجلة أو جريدة في مناطق تبدو فيها دور الشباب والثقافة وقاعات المطالعة أماكن “لعلية القوم” … لكن ما راهنت عليه منذ البداية هو أن “الإقصاء والتهميش” يجب أن يتحول إلى حافز للإنتاج والخلق.

وأضاف أسكلا في معرض حديثه “كم هو قاس أن تجبر على الذهاب لحمل المعول والفأس وأنت راغب في تأبط كتاب، لكن الأقسى هو أن تكتب ما يخالج عقلك بكثير من الخجل كأنك تقترف جرما وتأتي فعلا شاذا في المجال المحيط بك. تكتب وكل شيء محيط بك يخبرك أنك تقوم بشيء تافه، لن تجني من ورائه سوى ارتداء نظارات ضعف البصر”.

تجربة هذا الكاتب الشاب خرجت من أعماق تهميش الجنوب الشرقي حيث يوجد أصحاب المقاهي، أيضا، الذين لا يحبون “القراء”، فعوض أن يلتهموا ما تقدمه المقاهي من وجبات، يظلون يلتهمون “الكلام” ويبللونه برشفة قهوة تزيد ولا تنقص. وحدهم بائعو “الزريعة” قد يعشقون الكائنات القرائية في المغرب العميق، فبمجرد ما تنتهي من قراءة كتاب أو صحيفة تصبح مؤهلة لتكون ملفوفة للحمص أو الزريعة أو أشياء أخرى.

بعد التفوق على تحدي كتابة شيء ما مهما كان، يأتي حلم نشره، “حتى ولو على سطح منزل”، فالنشر في المغرب العميق مرتبط باستعراض الملابس والأفرشة أو أشياء أخرى، إلى درجة أصبح الكاتب حين ينشر مقالا كطفل نشر أفرشته المبللة فلا يجلب لنفسه سوى سخرية زملائه … “وماذا بعد؟”…”ماذا جنى من كتبوا قبلك؟”… كما أن “نشره” في الدارجة المغربية يأتي بمعنى أوقعه أرضا وجعل منه أضحوكة.

المدون كريم أسكلا القادم من العمق قال لـ “مشاهد .أنفو”، “كنت منذ البداية أقنع نفسي أن هناك ألف سبب وسبب يرغمنا نحن أبناء الهامش على الكتابة والقراءة، ليس كهواية زائدة على الحاجة، بل كواجب وضرورة للذهاب إلى “أزاغار= المدينة”، فالذهاب إلى “أزغار” معناه الهروب من الأعمال الشاقة، أو أن تنفلت من دائرة الهامش إلى المركز… لكن مع مرور الوقت أدركت أن الكتابة قد تصبح فعلا نضاليا كي لا يظل “الهامش” هامشا، بل أن تصبح الكتابة احتفاء بالهامشي وهروبا إليه”.

وأضاف للجريدة “أمثالنا من شباب الهوامش بعيدون عن دور النشر والطبع ليس فقط من الناحية الجغرافية أو الاقتصادية ولكن أساسا من الناحية السيكولوجية… فمن ذلك الناشر “الغبي” الذي سيغامر بنشر كتابات “نكرة” من قرية “نكرة”؟ ومن ذلك “الهامشي” الذي يريد أن ينافس “النخبة” و”يتطاول” ليصل هو أيضا إلى لائحة الكتبة في اتحاد كتاب المغرب؟”.

زيارة موقع الكاتب: http://isskela.blogspot.com

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال