القائمة

مختصرات

سيراليون: القرآن والإنجيل لمكافحة "إيبولا"

وحد الزعماء الدينيون في سيراليون جهودهم، للمساعدة في احتواء انتشار فيروس "إيبولا" القاتل في البلاد، وذلك باستخدام إشارات من القرآن والإنجيل لإثناء المؤمنين عن الممارسات التي تهدد حياتهم.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'

وفي حديث لوكالة الأناضول قال الحاج بيلور جالوه، الرئيس التنفيذي لـ"فوكس 1000"، وهي منظمة غير حكومية محلية: "الناس في سيراليون أتقياء، يؤمنون بالصلوات، وبزعمائهم الدينيين".

وأضاف: "هذا لا يعني، أننا نقول أن الناس ينبغي أن لا يصلوا، لكن ينبغي عليهم ذلك لأن الصلاة تعطي الأمل".

وتابع "جالوه": "ولكن بالإضافة إلى الصلاة، يجب على الناس اتخاذ الإجراءات المناسب، والقادة الدينيين يمكنهم أن يساعدوا أتباعهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل البقاء في مأمن من فيروس إيبولا".

ويمثل الإيمان أمرا أساسيا لحياة العديد من المواطنين، ويعتبر بمثابة القوة الدافعة في كل شيء بداية من كيان الأسرة، والعلاقات بين مختلف جوانب المجتمع.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، حشدت منظمة "جالوه" الزعماء الدينيين المسلمين والمسيحيين للمساعدة في كسر سلسلة العدوى السريعة لفيروس "إيبولا".

وأوضح "جالوه" أنه تم تدريب القادة الدينيين على استخدام إشارات (نصوص) من الكتب المقدسة، لإثناء المؤمنين عن الممارسات التي يمكن أن تهدد حياتهم.

وأضاف: "قمنا بتطوير مواد تحتوي على رسائل رئيسية، يدعمها كل من القرآن الكريم والإنجيل: رسائل مثل لا تغسل جثث الموتى، وأبلغ عن حالات المرض إلى المستشفيات، وأغسل يديك بالماء والصابون بانتظام".

وأشار مسؤولو الصحة إلى بعض الممارسات التقليدية والدينية التي تعرقل جهودهم الرامية إلى وضع حد لخطر فيروس إيبولا في سيراليون، وتشمل بعض هذه الممارسات الطقوس الجنائزية التي تنطوي على لمس وغسل جثث الموتى، وأحيانا تقبيل متعلقات أو بقايا أحد أفراد العائلة المتوفين.

وتشير الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة في سيراليون إلى أن ما بين 70 إلى 80٪ من المصابين، أصيبوا بعدوى الفيروس من التعامل غير الآمن، ودفن الأقارب.

يدفن العديد من أفراد الأسر جثث ذويهم سرا، دون إبلاغ السلطات خوفا من دفن أقاربهم "بطريقة مشينة ومسيئة"، فيما يعتقد البعض أن فرق الدفن الحكومية تلقيهم فقط في بعض المقابر الضخمة.

وأشار "جالوه" إلى واقعة، قام خلالها القرويون في الجزء الشمالي من البلاد، باستخراج رفات إمام قريتهم الذي دفنه فريق دفن الحكومة، احتجاجا على الطريقة التي دفن بها، وغسلوه قبل دفن الجثة، حتى أن بعض القرويين استحموا بماء الغسل، ظنا منهم أنها ستجلب لهم البركة.

ووفقا لـ"جالوه"، فقط أدى هذا إلى وقوع العديد من الوفيات في تلك القرية من جراء العدوى بالفيروس الذي أفنى تقريبا القرية بأسرها.

وأوضح "جالوه" أن منظمته لجأت إلى "المجلس المشترك بين الأديان" الذييحظى بشهرة في البلاد، وهو عبارة مجموعة تضم الزعماء المسلمين والمسيحيين، لوضع حد لهذه الأرقام المتزايدة لعدوى "إيبولا".

من جهته، أوضح رئيس المجلس الشيخ أبو بكر كونته، أن الناس يتمسكون ببعض هذه الممارسات بسبب معتقداتهم.

وقال في حديث لوكالة الأناضول: "يعتقد الناس أنهم إذا لم يغسلوا جثة الشخص فإنه لن يذهب إلى الجنة".

وأضاف العالم المسلم: "هذا مصدر قلق خطير بالنسبة لنا، ولهذا نريد نحن الزعماء الدينيين تكثيف حملتنا لاحتواء الفيروس".

وتابع: "هذه ظروف استثنائية، والناس يجب أن يكونوا على استعداد لتغيير بعض السلوكيات التي تعرضهم لخطر الإصابة بالفيروس".

وأيدت وجهة نظره الكاهنة المسيحية الموقرة سوتين كوروما، التي ترأس مجموعة العمل المسيحية في "المجلس المشترك بين الأديان"، حيث أعربت عن تشجيعها المؤمنين للاستماع إلى القساوسة فضلا عن اتباع إرشادات مسؤولي الصحة.

وقالت في حديث لوكالة الأناضول: "الصلاة يمكنها أن تفعل الكثير من الأشياء، تبعا لمستوى الإيمان لدى الناس".

وأضافت: "لكن ما أود أن أضيفه، هو أن الصلوات تتوافق مع الإجراءات، وعندما تصلي، أنت تعمل أيضا، وهو ما يعني استخدام الإدراك السليم، والامتناع عن جميع السلوكيات التي من شأنها أن تعرضنا للخطر".

وتابعت الراهبة: "وفي ظل ظروف انتشار فيروس إيبولا، ينبغي علينا الإصغاء إلى ما يقوله المسؤولون".

من جانبها استجابت الحكومة لمخاوف بعض الأسر، وأنشأت وزارة الصحة مدافن طبية آمنة لتكريم جثث الموتى وأسرهم، حيث يمكنهم الآن دعوة أئمتهم للصلاة والدعاء لجثث الموتى من على مسافة بعيدة قبل أخذها بعيدا لدفنها، بينما توفر توابيت للمسيحيين، لدفن جثثهم.

من جهته، أشاد عبدولاي كونته، وهو مسلم يقيم في العاصمة فريتاون، بالإصلاحات المرتبطة بإجراءات الدفن.

وقال وفي حديث لوكالة الأناضول: "أنا سعيد بأن الحكومة اعتمدت سياسة الدفن الجديدة، وهو ما يحمل بعض العزاء للناس".

واعتبر "كونته" أن مشاركة إمام منطقته سيساعد في الوصول بصورة أكبر المجتمعات المحلية، وسيكون قادرا على كسب قلب وعقول المؤمنين الذي من شأنه أن يساعد في نهاية المطاف على تغيير المواقف والسلوكيات.

تجدر الإشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي توظف فيها جهود الزعماء الدينيين في حملة وطنية، حيث لجأت إليهم الحكومة عام 1986 وجندتهم، لمواجهة تحد خطير يتمثل في إقناع الأسر بتطعيم أطفالهم ضد أمراض الطفولة.

ومع زيادة إشراك الزعماء الدينيين ارتفعت معدلات التطعيم من 4% عام 1986 إلى أكثر من 75% عام 1990.

و"إيبولا" من الفيروسات الخطيرة والقاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات من بين المصابين به إلى 90%، وذلك نتيجة لنزيف الدم المتواصل من جميع مخارج الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس.

وهو وباء معدٍ ينتقل عبر الاتصال المباشر مع المصابين من البشر، أو الحيوانات عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، وإفرازاته، الأمر الذي يتطلب ضرورة عزل المرضى، والكشف عليهم، من خلال أجهزة متخصصة، لرصد أي علامات لهذا الوباء الخطير، وتتراوح فترة حضانة فيروس إيبولا فى جسم الإنسان بين يومين إلى (21) يومًا.

وبدأت الموجة الحالية من الإصابات بالفيروس في غينيا في ديسمبر/ كانون أول الماضي، قبل أن تمتد إلى ليبيريا، نيجيريا، سيراليون، السنغال، الكونغو الديمقراطية، ومؤخرا وصل إلى إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، يوم الثلاثاء الماضي، أن إيبولا أودى بحياة 4447 شخصًا من بينها 2705 حالة وفاة في ليبيريا وحدها، من أصل 8914 حالة إصابة في غرب أفريقيا.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال