القائمة

الرأي

الصوم كطريق سيار للحب

تغنت كل ثقافات الأرض بالحب وقدسته ووضعت على رأسه تاجا ذهبيا وأحاطته بهالة قدسية وبوأته أحسن مكان على قمة الأحاسيس الإنسانية النبيلة وجعلت منه الداء والدواء للأرواح العطشى والقلوب الضمئانة. فقد شغل موضوع الحب البشرية منذ وجودها ولا يزال يشغلها وسيشغلها ما دامت موجودة. سهر بسببه الشعراء وأيقض مضجع الأدباء وأطرب المغنين وألهم المخرجين السينمائيين والمنشغلين بالمسرح والفن التشكيلي، بل تاه في دروبه الفقهاء والقساوسة والربانيين والفلاسفة إلخ.

نشر
DR
مدة القراءة: 5'
هناك بعد وجودي عميق للحب في الإسلام، بقي في الظل لقرون طوال وطغى التصور الغريزي في التراث السني الرجعي إلى يومنا هذا. عندما يُمَارَسُ الصوم بالطريقة الصحيحة، ويوصله إلى تأمل الذات وعلاقتها بالخالق دون أدنى مستوى للخوف، بل بتقوى وإيمان عميق بأن الله أكثر من العقاب والأجر، ينفتح أمامه بعدا وجوديا فسيحا للإسلام. هدف الحب في الإسلام هو التوحد بالله. وتنعكس هذه الوحدة بطرق مختلفة في المخلوقات. والحب الحقيقي هو اكتشاف الوحدة في تعدد خاصيات الله.يعتبر الحب في الإسلام الطريق والهدف في نفس الوقت. إنه الطريق إلى السلم وهدفه هو الإتحاد. وتجربة الإتحاد مع "الزوج أو الزوجة" هي مقدمة للإتحاد مع الله. إذا نجح الرجل والمرأة في حب بعضهما البعض حبا حقيقيا بالمواصفات السالفة الذكر، فإنهما يكونان مستعدان للطريق الذي يقودهما لهدف الحياة الإنسانية في هذا العالم من منظور قرآني، ألا وهو الإتحاد أو الوحدة مع الله.
 
الحب في الإسلام هو فعل إرادي، استعداد و قرار للإرتماء في أحضانه، مرتبط بالصبر وبالتطور المستمر للفرد. يتطلب الحب العميق تطورا إيجابيا باستمرار، يميز بدقة بين الحب والسقوط في الحب. بمعنى أن المرور من الشعور والإحساس المتذبذب، لكن الإيجابي، اتجاه شخص ما، إلى قرار حبه هو تطور يتطلبه الحب نفسه، لأن هدف الحب هو الحب من أجل الحب، أي من أجل التوحد بالآخر، وليس من أجل هدف فيزيقي أو مادي معين.
 
الحب في القرآن أكثر من شعور حسي، بل هو حالة نفس-وجودية. لا ينتظر المحب الحقيقي من موضوع حبه ( الله في الشخص الذي يحب يحبه) لا مكافئة ولا اعتراف ولا أي مقابل لا مادي ولا معنوي. وقد عبرت رابعة العدوية على ذلك بسمو عندما قالت في إحدى صلاواتها: "يا إلاهي، إن كنت أعبدك خوفا من نارك، فاحرقني بها. وإن كنت أعبدك طمعا في جنتك، فاحرمني منها. لكن إذا كنت أعبدك لإرادتك، فلا تخفي عني جمالك المتجدد دوما".
 
يتعلق الأمر في الإسلام بالحب الخالص، الذي يشترط الطريق الداخلي، طريق النقد الذاتي والعمل على تطوير الروح. ما يُكَون طريق المحب في القرآن هو هذا المشي المستمر على وفي الطريق وتجاوز الغرائز والمشاعر السلبية من أجل الإنصهار في الوحدة.
 
لإعادة الإعتبار للحب في الإسلام، من اللازم إعادة النظر الجدية والراديكالية في موروثنا الثقافي ووعي كون الحب قد "أُعْدِمَ" في هذه الثقافة، وخير دليل على ذلك قصة حب النبي لزينب بنت جحش، وهو حب ملك عليه نفسه، لكنه اصطدم بعقلية القبيلة وغابت إلى الأبد في ثقافتنا قصة رجل وامرأة جمع بينهما الحب، لنصبح كلنا يتامى في الحب الحقيقي ونعوضه بكل أنواع الحب التصعيدية الأخرى دون أن ننشف دمه ونحاول إشفائة. كانت الخطيئة الأولى في الثقافة العربية هي خطيئة قتل الحب وها نحن نحمل كلنا أثار هذه الخطيئة ولا نحاول حتى إصلاحها، بل نعمق الجرح أكثر ونمشي فرادى وجماعات إلى أتون الحب الزائف والإستقرار في أدنى مراتبه.

هناك بعد وجودي عميق للحب في الإسلام، بقي في الظل لقرون طوال وطغى التصور الغريزي في التراث السني الرجعي إلى يومنا هذا. عندما يُمَارَسُ الصوم بالطريقة الصحيحة، ويوصله إلى تأمل الذات وعلاقتها بالخالق دون أدنى مستوى للخوف، بل بتقوى وإيمان عميق بأن الله أكثر من العقاب والأجر، ينفتح أمامه بعدا وجوديا فسيحا للإسلام. هدف الحب في الإسلام هو التوحد بالله. وتنعكس هذه الوحدة بطرق مختلفة في المخلوقات. والحب الحقيقي هو اكتشاف الوحدة في تعدد خاصيات الله.يعتبر الحب في الإسلام الطريق والهدف في نفس الوقت. إنه الطريق إلى السلم وهدفه هو الإتحاد. وتجربة الإتحاد مع "الزوج أو الزوجة" هي مقدمة للإتحاد مع الله. إذا نجح الرجل والمرأة في حب بعضهما البعض حبا حقيقيا بالمواصفات السالفة الذكر، فإنهما يكونان مستعدان للطريق الذي يقودهما لهدف الحياة الإنسانية في هذا العالم من منظور قرآني، ألا وهو الإتحاد أو الوحدة مع الله.
 
الحب في الإسلام هو فعل إرادي، استعداد و قرار للإرتماء في أحضانه، مرتبط بالصبر وبالتطور المستمر للفرد. يتطلب الحب العميق تطورا إيجابيا باستمرار، يميز بدقة بين الحب والسقوط في الحب. بمعنى أن المرور من الشعور والإحساس المتذبذب، لكن الإيجابي، اتجاه شخص ما، إلى قرار حبه هو تطور يتطلبه الحب نفسه، لأن هدف الحب هو الحب من أجل الحب، أي من أجل التوحد بالآخر، وليس من أجل هدف فيزيقي أو مادي معين.
 
الحب في القرآن أكثر من شعور حسي، بل هو حالة نفس-وجودية. لا ينتظر المحب الحقيقي من موضوع حبه ( الله في الشخص الذي يحب يحبه) لا مكافئة ولا اعتراف ولا أي مقابل لا مادي ولا معنوي. وقد عبرت رابعة العدوية على ذلك بسمو عندما قالت في إحدى صلاواتها: "يا إلاهي، إن كنت أعبدك خوفا من نارك، فاحرقني بها. وإن كنت أعبدك طمعا في جنتك، فاحرمني منها. لكن إذا كنت أعبدك لإرادتك، فلا تخفي عني جمالك المتجدد دوما".
 
يتعلق الأمر في الإسلام بالحب الخالص، الذي يشترط الطريق الداخلي، طريق النقد الذاتي والعمل على تطوير الروح. ما يُكَون طريق المحب في القرآن هو هذا المشي المستمر على وفي الطريق وتجاوز الغرائز والمشاعر السلبية من أجل الإنصهار في الوحدة.
 
لإعادة الإعتبار للحب في الإسلام، من اللازم إعادة النظر الجدية والراديكالية في موروثنا الثقافي ووعي كون الحب قد "أُعْدِمَ" في هذه الثقافة، وخير دليل على ذلك قصة حب النبي لزينب بنت جحش، وهو حب ملك عليه نفسه، لكنه اصطدم بعقلية القبيلة وغابت إلى الأبد في ثقافتنا قصة رجل وامرأة جمع بينهما الحب، لنصبح كلنا يتامى في الحب الحقيقي ونعوضه بكل أنواع الحب التصعيدية الأخرى دون أن ننشف دمه ونحاول إشفائة. كانت الخطيئة الأولى في الثقافة العربية هي خطيئة قتل الحب وها نحن نحمل كلنا أثار هذه الخطيئة ولا نحاول حتى إصلاحها، بل نعمق الجرح أكثر ونمشي فرادى وجماعات إلى أتون الحب الزائف والإستقرار في أدنى مراتبه.

منبر

الدكتور حميد لشهب
عضو المجلس البلدي لمدينة فيلدكرخ النمساوية
حميد لشهب
كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال