القائمة

الرأي

لا يمكن للفتنة أن تنام قريرة العين بيننا

ريافة ليسوا أوباش بل أهل عزة وكرامة وأهل تغور ورباطات حمت الغرب الإسلامي من الاستعمار والصليبية لقرون . ولزاما على الدولة أن تنزع صفة برلمانية عن تلك السيدة التي نطقت بعبارات عنصرية في حق جزء من المواطنين المغاربة حتى بعد اعتذارها . هذا من جهة ، من جهة أخرى سمعنا وقرأنا الكثير من الكلام عن المؤامرات التي تحاك سرا وعلانية ضد المغرب ، بعض تجلياتها ظهرت في الريف مؤخرا عندما رفع شباب أعلاما غير العلم الوطني وشعارات مناوئة للنظام .

نشر
DR
مدة القراءة: 3'

وذهب البعض إلى الاستشهاد بحديث ضعيف نسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " الفتنة النائمة لعن الله من أيقضها" .

نعم المؤامرة على الوطن العربي والإسلامي من أجل تفكيكه وتمزيقه موجودة وواضحة المعالم وأكبر تجلياتها ما وقع في السودان حتى انفصل عنه جنوبه ليدخل هذا الجنوب في حروب لا تنتهي بين مكوناته الإثنية والقبلية وتجلياتها في سوريا والعراق واليمن وليبيا وحتى مصر . لست أجادل في هذا الأمر الذي أنا مقتنع به أكبر اقتناع ولكن لست من اللذين يقولون أن الفتنة نائمة وألعن من يريد إيقاظها . أنا أكره الفتن والفتانين ولا أريد أن أبقى يقظا حتى أضمن أن تظل الفتنة نائمة . فسبحان الذي لا ينام وعز وعلى من لا يخطئ ولا أريد أن تأخدنا سنة أو نوم بعدها نستيقظ على وقع الفتنة التي استغلت غفوتنا أو خطأنا لتحرق الأرض وتهلك النسل . أرفض هذه السلبية وهذه الانتظارية وأدعو إلى اقتحام عقبة فك أسرار وألغاز الفتنة والفتانين للوقوف على الحقيقة ومنع تنفيذ مخططاتهم لا بد أن نعرف بالتفاصيل المملة من يقف وراء الفتنة ومن يمولها ومن يدعمها وما هي المداخل التي ستتسرب منها . لا مجال لابقاء الفتنة نائمة مستريحة بيننا تتربص بنا لتنفجر في وجوهنا ساعة الصفر .

المناسبة شرط كما يقال ، وحديث الفتن ظهر بقوة عندما رفع شباب من الحسيمة أعلام الزعيم عبدالكريم الخطابي ورفعوا شعارات عنيفة اتجاه النظام المغربي . ولا شك أن هذا الأمر مقلق وقد يؤول على أنها بذور نزعة انفصالية استغلت مناسبة استشهاد محسن فكري لتقدم أوراق اعتمادها للرآي العام . ولكن لن نعالج هذا الأمر بتغطية وتدفئته ليبقى نائما وحالما بريف منفصل عن المغرب - هذا طبعا إذا كانت نية هؤلاء الشباب هو الانفصال- .

وبعيدا عن التمثلات القبلية والصور النمطية الجاهزة نحن في أمس الحاجة إلى المبادرة للاتصال بهؤلاء الشباب اللذين اعتبرهم البعض حاملي الفتنة لنلقي لهم السمع لما يطرحون وحتى نفهم ما يريدون ، فلربما قد تكون النزعة الانفصالية هي أكمة تخفي وراءها غضب من التهميش أو الحگرة أو معارضة للاستبداد والفساد وعدم المساواة في الفرص وبين الجهات والمناطق . أولعلها تكون الرغبة في رد الاعتبار للكرامة و الحماية من شطط سلطوي أو لضمان عيش كريم . لعل كل غضبهم ودوافع ثورتهم وراءها الرغبة في عمل يضمن لقمة عيش و مدرسة عمومية لائقة لأطفالهم أو مستشفى ميداني في قريتهم أو مدينتهم لمعالجة مرضاهم أو سكنى تحميهم حر الصيف وقر الشتاء. وقد يكون بسبب استثناء بعض المواطنون في الريف من مسلسل المصالحة الفردية والجماعية ولم تجبر أضرارهم وقد يكونون وجلين متشككين أو مشككين في مسلسل المصالحة ويعتبرون الأمر لا يعدو أن يكون مناورة سلطوية ليس إلا . وقد يكونون قد خضعوا لغسيل أدمغة بمغالطات وأكاذيب أو حتى بحقائق مبتورة السياق يجب توضيحها لهم .

لا بد من مد جسور الحوار والتواصل من أجل التعارف والتعرف على هؤلاء الشباب وما يطرحون فهذا من صلب المصالحة الوطنية الكبرى ومذخلها الأساسي الذي تستلزم في ما تستلزم من شروط: المكاشفة الموضوعية، و الاسترضاء كما استرضى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وعرض نفسه للقصاص قائلاً: "من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه"- . والمصارحة بأن تفكيك الوطن وتقسيم المغاربة خط أحمر ...

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال