القائمة

أخبار

انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي..محاولة لتصحيح أخطاء الماضي

يبدو أن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لن يكون سهلا، فمنذ أن تقدمت المملكة بطلب الانضمام، وحجم الخلاف يكبر بينها وبين رئيسة مفوضة الاتحاد الإفريقي الجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما، حيث اتهمها الأسبوع الماضي بوضع عراقيل أمام انضمامه إلى المؤسسة القارية، وهو ما ردت عليه يوم  أمس الإثنين مؤكدة أن قرار انضمام المملكة من عدمه يبقى حكرا على الدول الأعضاء.

نشر
المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري بحانب نكوسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي
مدة القراءة: 7'

تقدم المغرب رسميا بطلب الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي نهاية شهر شتنبر الماضي، وظلت المملكة تشتكي من العراقيل التي تضعها الجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي أمامها، حيث سبق للملك محمد السادس ان اتصل بالرئيس التشادي، بصفته رئيس الدورة الـ27 لقمة الاتحاد الافريقي وطلب منه التدخل لدى زوما، من أجل توزيع طلب انضمام المملكة المغربية على الدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي، كما سبق لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون أن اتهمتها باختلاق "شرط مسطري غير مسبوق" و"لا أساس له في نصوص الاتحاد الإفريقي" بغية وضع العراقيل أمام المملكة.

وكانت مفوضية الاتحاد الإفريقي قدر خرجت عن صمتها وردت يوم أمس الاثنين على اللوم المغربي لرئيستها، وأشارت إلى ان القرار "المتعلق بقبول او رفض طلب المملكة المغربية يبقى حكرا على الدول الأعضاء". مضيفة أنها "تقوم فقط بالصلاحيات المخولة لها طبقا للقانون التاسيسي للاتحاد الافريقي، و عليه فإن طلب المغرب يسير طبقا لما هو قانوني و حين تتوصل المفوضية بردود الدول الاعضاء ستخطر صاحب الطلب بالنتائج".

زوما حجر عثرة أمام انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؟

في تعليق من الدكتور خالد الشرقاوي السموني ، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، على الخلاف بين رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي والمغرب قال  "إن محاولة رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، نكوسازانا دلاميني زوما، عرقلة استعادة عضوية المغرب في الاتحاد الإفريقي من خلال تأخير توزيع طلب المغرب على أعضاء الاتحاد الإفريقي ،تصرف غير مبرر، يتناقض مع واجبها في الحياد".

وأضاف أن رئيسة المفوضية التي "تنتمي إلى جنوب إفريقيا الدولة التي تساند أطروحة البوليساريو"، تسعى إلى عرقلة عودة المغرب إلى الهيئة القارية رغم أن المغرب "حظى بموافقة غالبية الدول الأعضاء لعودته إلى هاته المنظمة، و التي تفوق بشكل كبير تلك المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي ، لا سيما أحكام البندين  1 و2 من المادة 29 منه".

و أضاف الأكاديمي و الناشط الحقوقي ، الشرقاوي ، بأن رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي تتعمد في عدم إدراج طلب المغرب في جدول أعمال قمة الاتحاد التي ستعقد في يناير 2017 في أديس أبابا، لإضاعة الفرصة عليه في استعادة مكانه بالاتحاد، وهو "ما يتنافي مع النوايا الحسنة كمبدأ أساسي من مبادئ العلاقات الدولية".

ورأى الشرقاوي أن "تعطيل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي قد يؤثر سلبا على المنظمة الإفريقية"، لأن المغرب بحسبه "كدولة قوية بإفريقيا من الناحية السياسية و الجيوستراتيجية ، يمكنه من خلال  استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الإفريقي، أن يساهم في جعل  هذه المنظمة أكثر قوة".

"تاريخ الدبلوماسية المغربية هو تاريخ تراكم الأخطاء"

من جانبه قال محمد النشطاوي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لموقع يابلادي إن رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي لديها "نية مبيته" وأنها تظل "تجتر قضية الصحراء"، وأنها "تنفذ أجندة متفق عليها مسبقا من قبل أطراف واضحة وهي الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وبدعم خصوصا من زيمبابوي، بعد الحادث الأخير بين رئيس زيمبابوي وصاحب الجلالة".

ورأى الشرقاوي أن عرقلة انضمام المغرب للهيئة القارية يصب في الرغبة في "زيادة بلقنة الاتحاد الإفريقي لا سيما وأن انضمام المغرب سيضيف نفسا جديدا وخبرة مهمة يمكن للدول الإفريقية أن تستفيد منها". وأشار في هذا الصدد إلى المشاريع التي تم توقيعها بين المغرب وعدد من دول شرق القارة الإفريقية وهو ما يبين بحسبه "أن هناك قيمة مضافة لانضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لا سيما وأنه لا يمكن للبوليساريو أن تضيف أي شيء لهذه المنظمة، ولا يمكن بالمقابل إلا أن تزيد بلقنة إفريقيا" التي يمكن  أن تلعب "دورا كبيرا لا سيما مع انضمام المغرب".

وتحدث عن الأخطاء التي وقعت فيها الدبلوماسية المغربية مشيرا إلى أن "تاريخ الدبلوماسية المغربية  هو تاريخ تراكم الأخطاء"، مضيفا أن "ملف الصحراء لا نعلم حاليا من هي الجهة التي تختص بدراسته هل هي الديوان الملكي أم زارة الخارجية أم رئاسة الحكومة أم مكتب التنسيق مع المينورسو، هناك متدخلين كثر دون أن يكون هناك تنسيق".

واعتبر أن الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية هو "خطأ أساسي" لأن "سياسة الكرسي الفارغ لا يمكنها إلا أن تشكل خيارا استراتيجيا ضعيفا، وبالتالي فكان لزاما على المغرب أن يبقى وأن يحشد الدول الحليفة والدول الصديقة، لدعم أي قرار يمكن أن يصب في طرد الجمهورية الوهمية"، وكذلك كان "يمكن للدبلوماسية المغربية أن تفتح جبهات على هذه الجمهورية الوهمية، على اعتبار أن هناك دور تاريخي للمغرب في الاتحاد الإفريقي وله دور استراتيجي ودور تنموي في القارة الإفريقية، كما أنه يلعب صلة وصل بينها وبين القارة الإوروبية".

وأكد النشطاوي أنه حاليا توجد "استراتيجية جديدة في التعامل مع هذا الملف، هناك دبلوماسية القمة من خلال زيارة جلالة الملك للبلدان التي كانت معادية وكانت منسية في الأجندة الدبلوماسية المغربية، هناك أيضا تحرك على مستوى مجلس المستشارين وعلى مستوى البرلمان نوعا ما، وهو ما يمكن أن يشكل إضافة نوعية في حال ما إذا تم تفعيله بشكل أوتوماتيكي وممنهج".

وأوضح أن المغرب "سيرجع حتما إلى الاتحاد الإفريقي" لأن "هناك دعم لعدد من الدول ليس فقط 28 دولة التي وقعت على ملتمس طرد البوليساريو، بل هناك دول كثيرة وهناك أسلحة مختلفة للمغرب يمكن أن يلعبها في هذا المجال".

وعبر عن أمله في أن يتم "تأطير الدبلوماسية المغربية وأن يتم تفعيلها بطريقة براغماتية، حتى يمكن التصدي لكل مناورات الأطراف المعادية للمغرب". مشيرا إلى أنه يجب استغلال "تراجع الدبلوماسية الجزائرية وأزمة النظام السياسي في الجزائر حاليا".

"ما وصلنا إليه اليوم هو مجرد تراكم  لأخطاء الماضي"

ويرى محمد حفيظ الأستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال وعضو الحزب الاشتراكي الموحد أن ردود الفعل التي صدرت عن داعمي أطروحة البوليساريو كان  "ينبغي أن تكون مستحضرة"، لإنه عند الإقدام على أي مبادرة يجب "استحضار كافة الاحتمالات، فنحن لم نكن ننتظر أن يصفق الجميع لقرار المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي، بطبيعة الحال هناك دول صديقة للمغرب، والمغرب في هاته المرحلة أعاد فتح جسور مع مجموعة من الدول الافريقية".

وأضاف أن المغرب انتبه "إلى أنه لا يمكن أن يترك إفريقيا وراءه وينظر إلى أوروبا ودول الخليج، فالقارة الإفريقية ستلعب دورا في المستقبل وأي أحد يفكر في المستقبل عليه أن يكون حاضرا في إفريقيا خاصة إذا كان هو نفسه بلدا فريقيا".

وزاد قائلا "في تقديري على المغرب أن يبدل مجهودات لكي يتجاوز ردود الفعل الصادرة عن مجموعة من الدول" لأن "الطرف الآخر له علاقات دبلوماسية، وله أطروحة يحاول الدفاع عليها منذ سنوات، وبالتالي لا يجب أن نستغرب من ردود الفعل التي رأيناها، وعلى المغرب أن لايدخل في ردود الفعل على ردود الفعل، ويجب أن تكون لديه استراتيجية واضحة، وعليه أن لا يسعى إلى شخصنة هذه القضية".

وتحدث حفيظ عن أخطاء الدبلوماسية المغربية في الماضي وقال إن "ما وصلنا إليه اليوم هو تراكم لما وقع في الماضي"، واستحضر قرار الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية وقال "يجب أن نعترف بأنه لم يكن قرارا حكيما آنذاك، تركنا كرسيا فارغا والطبيعة تأبى الفراغ، فإن تركت مكانك فهناك من سيأخذه"، واسترسل قائلا "أخطاء عقود من الزمن لن تحل بين عشة وضحاها، لذلك علينا أن نصحح أخطاء الماضي  ونحرص في الوقت الحاضر على أن لا نقع في أخطاء أخرى، وأن يتم تجنب ردود الفعل المنفعلة".

فالحديث عن أن "هناك مؤامرة وأن المغرب مستهدف وأن هناك جهات تتآمر علينا...، خطاب عفا عنه الزمن، اليوم الدبلوماسية هي دبلوماسية المصالح، المصالح المالية والاقتصادية والاجتماعية".

وزاد قائلا "عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لن تكون سهلة، الموضوع اليوم يجب أن لا يعالج بالأساليب القديمة، فالخطاب يجب أن يوجه إلى الرأي العام الدولي والمؤسسات التي تتخذ القرارات سواء على المستوى الدولي أو الأوروبي أو الإفريقي كي نقنعها بأطروحتنا، وجعل المغاربة يتابعون المعطيات بتفاصيلها، دون أن نصنع انتصارات وهمية".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال